شهادات في حق الراحل احمد حرزني، من شخصيات واصدقاء دربه النضالي والحقوقي .
غادر إلى دار البقاء، صباح اليوم الثلاثاء 14 نونبر 2023، أحد العلامات البارزة في المشهد الحقوقي والسياسي المغربي، الراحل أحمد حرزني، مخلفا مسارا حقوقيا ونضاليا وديبلوماسيا حافلا، وذكرى راسخة في الذاكرة الوطنية.
“كان حقوقيا يتمتع بقدرة كبيرة على النقاش وتقبل الاختلاف”، “كان مدرسة في السياسة والسوسيولوجيا وحقوق الإنسان”، “كان متواضعا يهتم بالفقراء وسكان العالم القروي”، كما “كان يحرص على إعطاء كل ذي حق حقه”. بهذه الشهادات يصفه المقربون منه وهم في غاية التأثر لخبر وفاته، مؤكدين أن وفاة المناضل والديبلوماسي أحمد حرزني خسارة كبيرة للمشهد الحقوقي المغربي.
ادريس اليزمي: مصالحة لا تنسى
“لعب أحمد حرزني دورا بارزا في المشهد الحقوقي، وكان لي شرف خلافته على رأس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 2011، بحيث جعل هذا المجلس، بعد المرحوم ادريس بن زكري، مؤسسة معترف بها على المستوى الوطني والدولي”، يقول ادريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية بالخارج، مشيدا بالدور الكبير الذي لعبه الفقيد في اليسار المغربي.
وتابع اليزمي بالقول “إن الراحل عمل منذ ترؤسه للمجلس سنة 2007، على جعله ديناميا وذي مصداقية”، مبرزا أنه بصم جيل ما بعد الاستقلال سواء من الناحية السياسية أو الحقوقية.
“كما طبع الفقيد أيضا بطريقة رمزية جلسات الاستماع التي عقدتها هيئة الإنصاف والمصالحة”، يقول اليزمي في شهادة في حق الراحل، مضيفا: “كانت شهادته خلال هذه اللجنة لحظة بارزة لأنه عمل من أجل مصالحة لا تنسى، مصالحة واعية لقضايا تاريخ حقوق الإنسان”.
ووصفه اليزمي، خلال استرجاعه لبعض الذكريات التي جمعته بالراحل، بأنه “رجل صارم في علاقاته، يتمتع بروح الدعابة المقيدة إلى حد ما”، مضيفا: “كانت لديه هذه النظرة وهذه القدرة على النقد الذاتي الدائم والتواضع في العمل، كما كان متعاطفا مع الفقراء بالعالم القروي الذي “يعرفه تماما”.
محمد الصبار: علامة كبيرة في المشهد الحقوقي
الحقوقي والأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، كان كذلك من بين الشخصيات المقربة من الراحل أحمد حرزني، بحيث اعتبر رحيله خسارة للمشهد الحقوقي المغربي.
وقال الصبار إن “الراحل شكل علامة كبيرة في المشهد الحقوقي المغربي، وعرف بطيبوبته وبحكمته وتبصره”، مؤكدا أنه أسدى للبلاد خدمات جليلة ساهمت في التراكم الحقوقي الذي عرفته المملكة منذ مطلع التسعينات.
وعلى المستوى الشخصي، وصف الصبار علاقته بالراحل بالإنسانية، مبرزا أنها تعززت بعد ترؤسه للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وتابع بالقول: “كانت بيننا علاقة إنسانية منذ مدة وكنا نتبادل الرأي في نقاشات كانت أحيانا هادئة وأحيانا أخرى صاخبة”، مؤكدا، في الوقت ذاته، أن الراحل كان يتميز بقدرته الكبيرة على احترام الحق في الاختلاف.
مصطفى مريزق: من عمالقة النضال التقدمي
من بين أصدقاء الراحل أحمد حرزني ممن تواصل معهم، مصطفى مريزق، الأستاذ بجامعة مولاي اسماعيل، وعضو المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ورئيس مؤسس لحركة قادمون وقادرون، والذي وصف خبر وفاة الحقوقي والسفير السابق بـ”الصاعقة”.
“كان أستاذي وأخي وصديقي العزيز، فقد عاشرته لسنوات حينما كنت طالبا وكان آنذاك معتقلا، كما كان أحد أساتذتي حينما تقلد منصب رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان”، يقول مريزق.
وبتأثر شديد، عبر مريزق عن حزنه لفراق صديقه في ذكرى وفاة ابنه، قائلا: “تلقيت الخبر هذا الصباح وأنا أخلذ ذكرى وفاة ابني .. نزل علي الخبر كالصاعقة، فقد كان الراحل صديقا مقربا، ومن الجانب الحقوقي، كان من عمالقة النضال التقدمي الوطني الحر ومدرسة في السياسة، كما كان مدرسة في العلوم الاجتماعية وفي التاريخ والجغرافية ومدرسة كذلك في حقوق الإنسان، وسيبقى دائما شعلة تضيء المسار الحقوقي المغربي”.
لطيفة جبابدي: اسم محفور في الذاكرة
بدورها، وصفت الحقوقية لطيفة جبابدي، الراحل أحمد حرزني بالرجل العظيم، مؤكدة أنه كان مناضلا كبيرا كرس حياته للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل عام.
وأضافت جبابدي أن الفقيد ترك بصمة كبيرة في المشهد السياسي والحقوقي المغربي، بصفته رئيسا سابقا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وسفيرا مكلفا بشؤون حقوق الإنسان.
وبنبرة حزينة، عبرت جبابدي، عن حزنها لفراق “مناضل كان يتمتع بصفات إنسانية غير عادية”، مؤكدة أن ذكراه ستظل محفورة إلى الأبد في تاريخ المغرب.
وولد أحمد حرزني سنة 1948 بكرسيف، وكان معتقلا سياسيا لأكثر من الـ12 عاما في سجن القنيطرة، قبل أن يعينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في 31 ماي 2007 خلفا للراحل إدريس بنزكري.
وعين بعد ذلك في فبراير 2016 بالمجلس الوزاري المنعقد بالعيون سفيرا متجولا للمملكة المغربية مكلفا بالملف الحقوقي.
وحصل الفقيد، قيد حياته، على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع والأنثربولوجيا من جامعة كنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية كما حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في علم الاجتماع من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
كما للراحل عدة منشورات ومقالات تتضمن تحليلاته بالإضافة إلى أعمال أخرى من بينها؛” قراءة في السيرة السياسية لماركس”، و”اليسار، الإسلام والديمقراطية”، و”Le Maroc décanté”.
ويرتقب أن يتم تشيع جثمان الراحل أحمد حرزني، الذي فارق الحياة عن سن 75 سنة صباح اليوم الثلاثاء 14 نونبر 2023 بعد معاناة طويلة مع المرض، يوم غد الأربعاء، وفق ما أكده أحد المقربين منه.
رحم الله الراحل أحمد حرزني، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News