
شراء الذمم أخطر من شراء الدبلومات
- محمد زرود//
في أوطان تهتزّ فيها المعايير، ويتصدر فيها المزيفون المشهد، قد يبدو شراء الشهادات كارثة، لكنه مجرد عَرَض. أما المرض الحقيقي، فهو شراء الذمم.
حين يشتري شخص شهادةً جامعية مزوّرة، فهو يخدع نظامًا تعليميًا هشًّا، وربما يخدع مؤسسة أو اثنتين. ولكن حين تُشترى ذمّة قاضٍ، أو مسؤول، أو صحفي، فإن ما يُخدع هو وطنٌ بأكمله.
شراء الذمم ليس فسادًا إداريًا… إنه انهيار أخلاقي شامل.
لأنه يطال من يفترض أنهم حراس العدالة، وسدنة الحقيقة، وحرّاس المال العام. هؤلاء لا يجب أن يقبلوا الثمن، لأنهم هم “الضمانة” الوحيدة حين تنهار كل الضمانات.
قد ينجو المجتمع من آثار شهادة مزوّرة، لكنه لن ينجو من قاضٍ يقبض تحت الطاولة، أو مسؤول يبيع قرارًا سياديًا، أو صحفي يلمّع الفاسدين بمقال مدفوع. هؤلاء لا يُزوّرون ورقة… بل يزوّرون الواقع، والتاريخ، والمستقبل.
وفي مثل هذا المناخ، تُقبر الكفاءات، ويُقتل الأمل، ويُسحق المواطن الشريف تحت أقدام محترفي “السمسرة في الضمائر”.
وليس أخطر من أن تصبح خيانة الضمير وجهًا من أوجه “النجاح السريع”، وأن يتحول صاحب المبادئ إلى “حالم ساذج” في نظر الناس. هنا فقط، يتحوّل الوطن إلى سوق، والمبادئ إلى عملة نادرة، والذمم إلى بضاعة.
لسنا بحاجة إلى تجديد الإدارة بقدر ما نحتاج إلى تطهير الضمائر.
فمن يُزوّر شهادةً قد يُكتشف يومًا، لكن من يبيع ضميره… يصعب ترميمه.
العدو الحقيقي ليس الجهل، بل خيانة القيم.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News