
شباب المغرب بين الأمل والعدمية: نحن من يضيء الطريق
- بقلم: مصطفى السباعي * //
في ظل التحولات السياسية والمجتمعية التي يعرفها المغرب، أصبح من الضروري اليوم إعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل، وخاصة في صفوف الشباب. لم يعد من المقبول أن يستمر البعض في ترويج خطابات الإحباط والتيئيس، في وقت تُبذل فيه جهود حقيقية من داخل الأحزاب، ومن طرف مؤسسات الدولة، لتمكين الشباب من المشاركة الفاعلة والبنّاءة في الشأن العام.
أنا لا أؤمن بالألوان السياسية الضيقة، ولا أنحاز إلى الإيديولوجيات الجامدة.
أنا ببساطة شاب مغربي، نتاج فكر وطني خالص، تشكّل وعيي في رحم “تمغرابيت” الأصيلة، من عبق هذا الوطن، وتاريخه، وأصالته.
مرجعيتي هي الوطن، وانتمائي الأول والأخير له، بكل ما يحمله من تنوع واختلاف وثراء حضاري وثقافي.
ولهذا، لا أجد أي تناقض في أن أستلهم من فكر علال الفاسي المحافظ، ومن رؤية المهدي بن بركة التقدمية، ومن نَفَس علي يعته النضالي، ومن تضحية عمر بنجلون، ومن وطنية محمد بنسعيد آيت إيدر، ومن روح الحرية التي حملها المحجوبي أحرضان، ومن الحنكة الاستراتيجية لأحمد عصمان.
جميعهم خدموا هذا الوطن من مواقع مختلفة، لكن ما جمعهم كان أقوى من اختلافاتهم: حب الوطن والإيمان به.
إن هذا الفهم العميق للممارسة السياسية هو ما يُشكّل وعينا اليوم كجيل جديد، لا يأبه للتقسيمات الكلاسيكية بين يمين ويسار، ولا تؤثر فيه الشعارات الجوفاء. نحن أبناء المغرب الجديد، نحمل في قلوبنا عبق التاريخ، ونصنع بأيدينا مستقبلًا يليق بوطننا.
لكن، وفي خضم هذا الحلم الجماعي، يظهر خطاب مضاد، تغذيه بعض الأصوات التي اختارت الاصطفاف في خندق العدمية والتيئيس.
بعض من يسمّون أنفسهم “صحفيين” أو “نشطاء” لم يروا في العمل السياسي سوى مادة للسخرية، ولم يجدوا في المبادرة الشبابية سوى مناسبة للتهكم والتشكيك.
تحوّلوا إلى أبواق للعدمية، يطلقون الأحكام جزافًا، ويهاجمون كل محاولة إصلاح، ويسخرون من كل شاب أو شابة يحاول التغيير من الداخل.
إنهم لا يكتبون من أجل التقويم، بل للتشويه.
لا يعبّرون بغرض التنبيه، بل بهدف الإحباط.
خطابهم لا يحمل نقدًا بناءً، بل تهجمًا مجانيًا ملفوفًا في حقد طبقي أو حسابات أيديولوجية متجاوزة.
أما نحن، أبناء هذا الجيل، فنرفض الخضوع لهذا الخطاب السام.
نرفض أن نستسلم لعدمية لا تُنتج سوى الكسل، والتيه، والانتظارية.
نواصل العمل رغم التشكيك، ونُبدع رغم التحامل، ونناضل من مواقعنا بإيمان عميق بأنّ المغرب لا يُبنى إلا بسواعد شبابه… لا بتعليقات بائسة على مواقع التواصل.
نحن محظوظون بقيادة حزبية تؤمن بقدراتنا، وتُراهن علينا، وتفتح أمامنا المجال، وتُشجع العمل الجماعي القائم على الكفاءة والمبادرة، لا على الولاءات الضيقة.
لكننا نعلم أيضًا أن الأمل لا يُمنح، بل يُنتزع بالفعل، بالجدية، وبالإرادة.
ومن هنا، فإنني أوجّه دعوة صريحة إلى كل الشابات والشبان المغاربة:
لا تنتظروا الإذن، بل بادروا بأنفسكم.
انخرطوا في الحياة السياسية والمدنية، حاربوا مفاهيم العدمية والرجعية، وأثبتوا أن جيلكم قادر على إبداع حلول وطنية حقيقية، متجذّرة في القيم المغربية، ومنفتحة على العصر.
تحية اعتزاز وتقدير أوجّهها من هذا المنبر إلى شبيبة التجمع الوطني للأحرار، التي تُجسد نموذجًا راقياً في الممارسة السياسية الفعالة والواقعية.
شبيبة تُؤمن بأن العمل السياسي ليس شعارات تُرفع، بل مسؤوليات تُحمل ومبادرات تُنجز، وشباب يُكوّن ويُدفع نحو القيادة والانخراط في التنمية.
وأخيرًا، رسالتي إلى “العدميين الجدد” واضحة:
لسنا في حاجة إلى تصفيقكم، ولكن رجاءً، لا تعرقلونا.
لا تقتلوا الأمل في نفوس الشباب، فقط لأنكم فشلتم في محاولاتكم.
انتقدونا، نعم، ولكن بنية الإصلاح، لا بهدف التهجم أو بث السخرية.
نحن شباب مغربي، حر، مبدع، متجدد، لا نخشى التجربة، ولا نختبئ خلف الشاشات.
نحن لا ننتظر الضوء الأخضر… نحن من يُضيء الطريق.
*مصطفى السباعي: فاعل سياسي وعضو في الشبيبة المحلية لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة أكادير
ناشط في قضايا الشباب

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News