سيادتنا..أوّلا، وسقف قضيتنا اللاءات الثلاث
لست هنا للحديث عن التعريف الأكاديمي لمفهوم السيادة أو الوطن ؛ فالأمر متاح بنقرة على الويب على عكس ما لا نجده حين يطرح هذا المفهوم بين أبناء الوطن الواحد في علاقته وتفاعله مع ما يقع اليوم بغزّة وجنوب لبنان كمنطقة صراع نفوذ بين الكيان الإسرائيلي ونظام ولاية الفقيه بإيران.
وإذا كان المغرب الرّسمي والشعبي قد عبّروا وبأساليب مختلفة عن إدانة هذا الهمجية الإسرائيلية للغزاويبن مقابل تضامنهما المطلق مع الشعب الفلسطيني التي لا تختلف مرتبتها عن القضيّة الوطنية..
فإن المغرب هو البلد الوحيد الذي يترافع في نفس الوقت عن القضيتين
قضيتنا الوطنية بالعمل اليومي لتحصين حقوقنا المشروعة على اقاليمنا الجنوبية بجانب القضية الفلسطينية وبنفس القوة والحماس والصدق دون أن يمارس المغرب ولا مرّة واحدة أيّ ابتزاز او مساومة مع القيادة الفلسطينية بجميع فصائلها كما هو حال النظام الجزائري.
المغرب البلد الوحيد أيضا الذي لم يصدر عنه أي رد فعل اتجاه مواقف بعض من هذه الفصائل العدائية اتجاه قضيتنا الأولى.. وحتّى قرار الملك الراحل الحسن الثاني تمّ احتواء الوضع بسرعة بعد حادثة المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر.
هذا التوضيح كان ضروريّاً استحضاره على ضوء ما يقع اليوم بفلسطين المحتلة من قتل ودمار وتهجير للشعب الفلسطيني المستباح عند طرفي الصراع إسرائيل وإيران.. ولا احد يمكن ان يقفز على هذه الحقيقة التي خلقت وسطنا كمغاربة اصطفافات أراد لها البعض ان تكون ثنائية بين من يمثل المسلمين ضد اليهود واي تعارض لذلك فكل اوصاف التخوين والتصهين تلاحقك إلى يوم الدّين..
وقد زادت حدّة التخوين حين بادر البعض منّا للرد الحاسم على ممثلة إيران التي دعّمت اطروحة الإنفصال لاقاليمنا الجنوبية بعد حديث عن قوى الإستكبار والإستعمار الناهبة لخيرات الشعوب الطواقة لتقرير مصيرها..
وهو موقف ليس بالجديد علينا أبداً.. لكن سياق ما يقع في غزّة وجنوب لبنان باعتباره صراعاً بين الدولة اليهودية والدولة الإسلامية باسم ولاية الفقيه خرج علينا أصحاب هذا التوصيف وبكل جرأة ليجدوا ألف تبرير وتبرير لموقف إيران من قضيتنا الوطنية.. مدافعين بشكل مريب عن أولوية الانتماء للدولة الإسلامية وتجميد كل ما هو له صلة بالوطن وحدود السيادة الوطنية..
وقبل التفصيل في هذا التناقض بين الانتماء العقائدي كايدلوجية والانتماء الوطني كحالة وجود وهويّة..
قبل ذلك أستشهد بتصريح سابق ل “إلهام عليف”، رئيس دولة أذربيجان:
“إيران المسلمة تحالفت مع أرمينيا المسيحية وروسيا الملحدة، من أجل سرقة أراضي وطني أذربيجان المسلمة، ونحن كدولة أذربيجان المسلمة تحالفنا مع تركيا و إسرائيل من أجل استرداد أراضينا…، لا يهمني دينك، بل يهمني أكثر إذا ما كنت عدوأ لوطني أو صديقا وفيا له”،…
هي خلاصة جامعة وصادمة في وجه هذه الأصوات التي تطالبنا اليوم ان نخرج من سقف الوطن نحو تأييد المشروع التوسعي الإيراني الذي يتقاطع في المبدأ والهدف مع المشروع الصهيوني بقبعة ما هو ديني وعقائدي.
متسائلين في نفس الوقت عن هذه الدولة الإيرانية التي غلّبت مصلحتها الوطنية في تحالفها مع دولة مسيحية ضد دولة مسلمة..
لماذا غيّبت الانتماء الديني المذهبي في هذه الحرب بين أرمينيا وادربيجان وهو نفس الموقف العدائي اتجاه بلدنا لا بتشجيع الإنفصال فحسب بل انتقلت الى الميدان بالدعم والتسليح والتكوين وهي الادلة التي قدمها الوزير السيد بوريطة لنظيره السيد ظريف وقطعت العلاقة بسسب ذلك..
” لا يهمني دينك، بل يهمني أكثر إذا ما كنت عدوأ لوطني أو صديقا وفيا له”
هو المقطع الذي نواجه به دولة الفقيه ومشروع ها التوسعي الهادف إلى ضرب مقومات الدولة الوطنية كما هو واقع حال فلسطين لبنان سوريا بغداد اليمن وجزء مهم في مفاصل هذا النظام الجواري العبيط الذي استعان بتجربته التخريبية خدمة لأطروحته الانفصالية
وبالمناسبة إيران هي الدولة الوحيدة التي أيّدت بشكل صريح وعبر بيان رسميّ قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب.
أين هي سماحة الدين الإسلامي عند آية الله خامينئي ومنطوق الآية بليغ في هكذا نازلة :
“وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ”
وسط هذا الصّراع الذي تشابه فيه البقر عند البعض نقول بأن عقارب بوصلتنا على ساعة الوطن وسيادته وسقفه سقف خطب جلالة الملك وبلاءاته الثلاث المحدّدة لأي شراكة أوصداقة مع وطننا.. والمفرزة لأي عدوّ يتربّص بوطننا وسيادته.
فجنسيتنا ثلاثية الإنتماء بهوية متجدّرة في التاريخ بصمت جغرافية هذا الوطن وعمرانه باسم المملكة المغربية ترفع في مدائنه التكبير لله سبحانه وتعالى منذ ما يزيد عن 12 قرنا من الآن..
هو ووطننا.. وذاك تاريخنا.. ولن نكون أقلّ ضعفاً ووهناً من أجدادنا الذين وقفوا كصخرة على باب وجدة ضد مشروع الدولة العثمانية… كي لا يلقى المشروع الصفوي الإيراني نفس المصير.
أبدا ً
فنحن الأحفاد..
والوطن أكبر.. لأنّه غير قابل للتّصريف
يوسف غريب كاتب صحفي
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News