المجتمع

سنة بعد زلزال الأطلس الكبير:  قصة منكوب يعيد بناء قطيعه بروح لا تنكسر

قطيع الغنم شكل دوما بالنسبة لمحمد الروحي، أحد سكان إيفغان المتضررين من آثار زلزال 8 شتنبر 2023، أكثر من مجرد مصدر للدخل، بل كان “بمثابة عضو في الأسرة”.

من أعالي هذه القرية الواقعة على جانب جبل على علو 1647 مترا في إقليم الحوز، أمضى محمد حياته محاطا بقطيعه، يرعاه ويسهر على راحته ويحميه ليل نهار إلى أن اهتزت الأرض في ذلك اليوم.

يستحضر محمد تلك اللحظة قائلا في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء: “فجأة اهتزت الأرض، وشعرت كأن الجبل سيتحطم. لم يكن بمقدوري القيام بأي شيئ.. كان القدر أقوى”.

في لمح من البصر فقد قطيعه الذي كان يتكون من ثلاثين رأسا. خسارة فادحة بالنسبة لهذا الفلاح البسيط الذي كانت حياته تتمحور حول رعاية القطيع في أعالي الجبل بين النباتات العطرية ورائحة الأرض.

أمام هول الفاجعة، كان الانهيار سيكون مصير كثيرين، لكن ليس محمد، إذ بالرغم من آثار الحزن ظل بريق عيني هذا الفلاح البسيط يكشف عن روح الصبر والصمود التي ظل يتحلى بها في جميع الظروف.

لم تنكسر عزيمة محمد، كما كان الأمر سيحدث بالنسبة لكثير غيره، ليشمر عن ساعدي الجد متحليا بروح من الإصرار والأمل، ويشرع في تشكيل قطيع جديد.

بدأ بمجموعة من 10 أغنام، مُنحت له بفضل مساعدة الدولة، وشكلت بارقة أمل ومصدر ارتياح كبير بالنسبة له ولآخرين من المتضررين، الراغبين في طي صفحة الزلزال والمضي قدما على درب الأمل.

ويقول بصوت لا يخلو من التعبير عن الشكر والإعراب عن الامتنان “عندما حصلت على تلك المساعدة من الدولة، وهي عبارة عن عشرة رؤوس من الغنم وكميات من الشعير، استعدت طعم الحياة وشعرت بعودة الفرح. وصار بالإمكان التحلي بالأمل لتشكيل قطيع جديد لأعود بالتالي إلى تربية الماشية”.

بعد مرور عام، يظل محمد عازما على تطوير قطيعه بحماس لاتخفيه ابتسامته المعبرة عن ارتياح عميق. فقد بات فقدان قطيعه السابق مجرد ذكرى بعيدة.

يستيقظ محمد مع أول خيوط الفجر، ليحيك فصلا جديدا من قصة الأمل والعزيمة المتجددين، مواصلا رعي أغنامه في أعالي الجبل، وهو يرى قطيعه يكبر وتزداد أعداده ومعها تزداد آفاق أحلامه.

قصة محمد الروحي ما هي إلا واحدة من قصص آلاف السكان في منطقة الحوز، الذين استعادوا بعد محنة الزلزال، بفضل عزيمتهم وكذا بفضل الصندوق الخاص بتدبير آثار زلزال، الأمل في حياة جديدة واستشراف مستقبل أفضل، في درس بليغ عن التحلي بالصبر والأمل.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى