روح الراحل الناقد المبدع نورالدين الصايل ترفرف في فضاء سينما صحراء بأكادير
- بقلم أحمد إدوخراز
تكريم محامي الجمال عباس فراق في ظلال روح الراحل الناقد المبدع نورالدين الصايل
ونحن في ظلال روح الراحل الناقد المبدع نورالدين الصايل التي ترفرف في فضاء سينما صحراء، أُرسل تحية عطرة ملؤها عبق الحب وأريج الود، وأنحني انحناءة تقدير واحترام للرجل الكبير، الفنان المبدع الذي يقطر جمالا وتفيض روحه الشفافة ألقا.
المثقف المناضل ومحامي الجمال والمترافع الشرس لحماية الفن الصافي كيفما كانت جنسيته وحماية العطاء الثقافي الإبداعي المغربي الأصيل في تعدده وتنوعه وتجدده؛ الحاج عباس فراق.
تحية للنادي السينمائي نورالدين الصايل الذي أهدانا فرصة التصالح مع الفرجة السينمائية بسخائها الجمالي. بشروطها الجامعة التي تجعلنا نحس بأرواحنا تتحاور في حضن الفضاء الفرجوي لنستعيد طقوس وحميمية المشاهدة والمتعة البصرية.
نحن أمام تحفة غنية. فيها زخم، فيها تكثيف، فيها قوة وعمق.
فيلم المخرج المغربي حكيم بلعباس (لوكان إيطيحو لحيوط: Murs effondrés) نجد فيه مجموعة لوحات فنية تشكيلية متلاحقة أو متتالية صور جمالية، أو لنقل مجموعة مشاهد ولقطات تتابع في عرض سينمائي تبصرها السيدة العجوز العمياء ببصيرتها في القاعة السينمائية العتيقة، ويعكس ذلك تلك الإطارات التي تسبق الحكايات. كل إطار بحكاية يتدفق فيها السرد السينمائي بتعدد لغاته وشعرية بوحه وانسيابية تخييلاته ومنسوبه الإنساني. كل لوحة تحبل بطوفان من الإشارات، من الرسائل السيميائية، من العمق الأيقوني.
الواقع صادم، لكن فيلم توقع انهيار الجدران لتكشف الأسرار خلفها هو أشد صدمة. صدمات تزعزع الأعماق. صدمات لها صدى كرجع صدى اصطدامات كرة القدم بالجدران المتآكلة داخل أحياء الهامش والنفي في ذاكرة ونفسية الجندي العجوز الذي عاش الحرب العالمية وحروب التحرر وحروب الحياة.
ينتقل بنا الفيلم عبر لوحاته في حالة حضرة أو جذبة روحية؛ عبر الألوان الزاهية المتناغمة، عبر تقاسيم الوجوه التي بقيت على فطرتها بعيدا عن الأصباغ وألوان الماكياج التي لا تطيقها الأجساد ولا النفوس كما لا تطيقها الجدران العتيقة. عبر الحركة العفوية للممثلين الذين التقطهم المخرج مثل نفائس من العالم السفلي ليسطعوا نجوما متلألئة تحولت أمامها النجوم المعروفة في الشاشة الكبرى والشاشة الفضية(أمين الناجي، حسناء مومني، زهور السليماني،…) إلى ممثلين ثانويين بجانبهم. عبر تعاقب فني إبداعي للضوء والظل.
عبر تشابك الألوان الموسيقية؛ هندي مصري مغربي تراثي. عبر التردد الزمني الذي يظهر فيه الماضي الجميل بقيمه الروحية والجمالية كما نلمس في لوحة الصانع التقليدي الذي لم تمنعه درجته الطبقية السفلية أن يعيش متعة الجمال في حياكته البديعة للجلاليب، في استمتاعه بالأصوات العذبة للطيور، في النغم الأصيل للموسيقى والطرب، في اللوحة الجدارية حيث تنتظم أقفاص الطيور الصادحة بأصواتها الجميلة والمتعددة، في الحب الخالد الذي عاشه مع زوجه وهو يخترق الزمن بالوفاء والبقاء على العهد. عبر ثنائية الحياة والموت الحاضرة بقوة حيث تولد الحياة من رحم الموت.
فيلم يحتاج إلى أكثر من مشاهدة سينمائية تسقط مزيدا من الجدران وتكشف ما توارى خلفها من أسرار.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News