
رحيل الفنان الأمازيغي صالح الباشا يُشعل جدلًا حول الإرث الفني بين الحذف والبقاء
- أكادير اليوم : ابراهيم فاضل //
في حادثة حزينة هزّت الوسط الفني المغربي، توفي خلال الأيام الأخيرة الفنان المعروف صالح الباشا، أحد أبرز الأصوات التي أثرت الساحة الفنية الأمازيغية خلال السنوات الماضية، وترك خلفه رصيدا فنيا غنيا بالأغاني التراثية والملتزمة التي طالما لاقت استحسان جمهوره داخل المغرب وخارجه.
غير أن صدمة الوفاة لم تكن الوحيدة التي تلقاها محبوه، إذ تفاجأ العديد منهم بقيام مدير قناته الرسمية على منصة “يوتيوب” بمسح جميع أعماله الفنية، وهو ما أثار موجة من الاستنكار والسخط في صفوف جمهوره، الذين اعتبروا أن في هذا المسح ” طمسًا لإرث فني وثقافي لا يخص الفنان وحده، بل يشكل جزءا من الذاكرة الفنية الأمازيغية “.
وفي هذا السياق، خرج ما يُعرف بأحد ” دعاة اليوتيوب ” الناطق باللغة الأمازيغية المعروف أبو عمار في فيديو مباشر، دعا فيه محبي الفنان الراحل إلى الدعاء له وطلب الرحمة، مؤكدًا أن “من الأفضل، بل من الواجب، مسح الأعمال الفنية التي قد تتضمن ما قد يُحسَب على الفنان من لهوٍ أو مخالفة شرعية، حمايةً له من العذاب في الآخرة”، بحسب تعبيره.
هذا الرأي لم يمر مرور الكرام، حيث فجّرت الفنانة والبرلمانية السابقة فاطمة تبعمرانت نقاشًا مضادًا عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبّرت عن رفضها القاطع لمحو الأعمال الفنية بعد الوفاة، مؤكدة أنها شخصيًا ” تُصرّ على بقاء أعمالها الفنية بعد رحيلها، سواء كانت حسنات أو سيئات”، وأضافت: ” أنا مستعدة لتحمل مسؤولية أعمالي الفنية كاملة أمام الله، ولا أقبل أن تُطمس بهذا الشكل”.
وقالت الفنانة شاهو فاطمة تبعمرانت في نفس الفيديو ” إلا كان الغناء سيئات، أنا سيئات تاعي بغيتهم وكنتحمل المسؤولية ديالهم”، مؤكدة على اختيارها الواعي لمسيرتها الفنية، ووصفت تبعمرانت مسح الأعمال الفنية بأنه ” إهانة لرسالة الفنان، واعتداء على الذاكرة الجمعية”، داعية إلى التفريق بين التوبة الشخصية ومسؤولية الأرشيف الفني الذي يتعدى الفرد ليصل إلى المجتمع والثقافة.
هذا وقد أثارت دعوة الداعية المدعو أبو عمار، التي ناشد فيها جمهور الفنان الراحل صالح الباشا بمسح أعماله من مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا ” يتعذب بها في الآخرة “، جدلًا واسعًا، حيث رأى عدد من المتابعين أن هذا الطرح يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مفهوم الأثر بعد الوفاة، فإذا كان من المقبول المطالبة بمحو أعمال الفنانين بدعوى أنها قد تضرهم في الآخرة، ألا يحق للغير المطالبة بمسح خطب ومواد بعض الدعاة بعد وفاتهم بدعوى أنها قد تكون سببًا في تضليل أو تشدد أو فتنة؟
هذا الطرح أثار نقاشًا محتدمًا على المنصات الرقمية، بين من يرى أن لكل إنسان ما كسب، وأن الأعمال الفنية أو الدينية تبقى خاضعة لتقدير النية والأثر، وبين من يعتبر أن الدعوة إلى حذف الإرث الإبداعي أو الدعوي لأي شخص بعد وفاته، تصادر حق الأجيال القادمة في التقييم الحر والنقد المسؤول.
وأمام هذا الجدل المحتدم بين الرؤية الدينية المحافظة والتوجهات الفنية والثقافية، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن التوفيق بين احترام معتقدات الفنان أو ذويه بعد الوفاة، وبين صيانة التراث الفني الذي يهم جمهورًا واسعًا.
الموضوع لا يزال محط نقاش واسع على المنصات الاجتماعية، وسط مطالب بإعادة نشر أعمال صالح الباشا احترامًا لإرثه، وتكريمًا لمسيرته التي شكلت علامة مضيئة في الفن الأمازيغي المعاصر.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News