الرأيالسياسة

خطاب العرش  : البنيات التحتية والإنجازات الاقتصادية تبقى بدون جدوى إن لم تنعكس إيجابًا على معيش المواطن اليومي

  • البرلمانية نعيمة الفتحاوي//

جاء خطاب العرش هذه السنة خطابًا تشخيصيا للواقع استشرافيًا للمستقبل، وضع فيه جلالة الملك تشخيصًا دقيقًا لرهانات المرحلة القادمة.

لم يكن مجرد استعراض للإنجازات، بل شكل خريطة طريق متكاملة لمستقبل مغرب يقوم على ركائز العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، والتنمية الشاملة والمتوازنة، تُعد بمثابة عقد جديد بين الدولة والمجتمع يقوم على الحكامة والنجاعة والعدالة وتكافؤ الفرص؛

بحيث ركّز على ضرورة إحداث نقلة نوعية في التنمية المجالية الشاملة بالخروج من المقاربات التقليدية نحو مشاريع مهيكلة تضمن للمواطن المغربي حياة كريمة وتضعه في صلب الأولويات الوطنية، خصوصًا في ما يتعلق بتحقيق الإنصاف المجالي، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتمكين ساكنة العالم القروي والمناطق النائية من حقهم في العيش الكريم، موجها دعوة واضحة للنخب السياسية من أجل التجاوب الفعلي مع تطلعات المواطنين، والانخراط الجاد في تنفيذ المشروع التنموي الشامل.

تنمويا، أكّد جلالته المكانة المتقدمة للمغرب في خارطة الاستثمار الدولي، مستعرضًا الأوراش الكبرى المرتبطة بالسيادة المائية والغذائية والطاقية، ومبرزًا أن البنيات التحتية والإنجازات الاقتصادية تبقى بدون جدوى إن لم تنعكس إيجابًا على معيش المواطن اليومي.

سياسيا، شدّد جلالة الملك على أهمية الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، داعيًا إلى استكمال المنظومة القانونية المنظمة لها قبل متم السنة الجارية، وهو ما يشكل دعوة لجميع الفاعلين السياسيين لتحمّل مسؤولياتهم في ضمان نزاهة هذه الاستحقاقات وحيويتها.

ولم يغب البعد المغاربي والإقليمي عن خطاب العرش، حيث جدّد جلالة الملك نداءه الصادق للأشقاء في الجزائر من أجل حوار أخوي مسؤول، يفتح آفاق التعاون ويطوي صفحة الخلاف، مؤكدًا على إيمانه بوحدة شعوب المنطقة.

وبما أن الجزائر الدولة تتحمل المسؤولية القانونية عن نشأة المشكلة وعن اللاجئين بالمخيمات، مما يجعلها طرفا في صياغة أي حل مستقبلي، فقد أكد جلالته على الدور المحوري والمسؤولية المباشرة للجزائر في إيجاد حل لنزاع الصحراء المغربية، معتبرا أن اليد الممدودة التي تنهجها المملكة تمثل عرضا سياسيا وقانونيا ما زال قائما، ودعوة صادقة للتوصل إلى حل سياسي توافقي ينتظر قبولا من الطرف الجزائري لإنهاء الخلاف، وينشد مستقبلا في إطار معادلة واقعية “لا غالب فيها ولا مغلوب.

والملاحظ أن النداء الملكي المتواصل للأشقاء في الجزائر لم يتوقف؛ رغم نجاح المملكة المتواصل في حشد دعم دولي متنامي- يشمل الدول العظمى- لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى