
حين يكشف الحقد الإعلامي عن وجهه القبيح: الشبيبة بين التنظيم والتشويه
- بقلم مصطفى ايوف//
في السنوات الأخيرة، برزت دينامية شبابية متزايدة تسعى إلى إعادة الاعتبار للعمل السياسي المنظم، عبر التكوين، والتأطير، والانخراط المسؤول. هذه التحركات، بدل أن تلقى التشجيع أو حتى النقد البناء، أصبحت في مرمى نيران بعض الممارسات الإعلامية المنحطة التي لا تهتم الى بتبخيس المبادرات وضرب معنويات الفاعلين.
من المقلق أن يتحول بعض من يُفترض أنهم ينتمون إلى الجسم الصحفي إلى مجرد مراقبين سلبيين، يتصيدون الصور الجماعية، يقتطعون اللحظات من سياقها، ثم يُطلقون عليها أحكامًا مُعلّبة، لا تمت للمهنية بصلة. فهم لا يناقشون الفكرة، لا يلامسون جوهر العمل، ولا يطرحون أي أسئلة نقدية مشروعة، بل يُصرّون على اختزال كل شيء في صورة أو تعليق مبهم، مغموس بالحقد والتهكّم.
إن ما تتعرض له الشبيبة، فقط لانها تشتغل في الميدان، ليس نقدًا موضوعيًا، بل حملات ممنهجة تستهدف التنظيم والانضباط والمبادرة. حملات هدفها واضح: إضعاف كل ما من شأنه أن يُنتج نخبة جديدة، أو يخلق وعيًا جمعيًا نابعًا من العمل السياسي الجاد.
فحين يُجرَّم التكوين، وتُهاجَم الصور الجماعية، ويُسخَر من الحضور والانخراط، فذلك لا يعكس حرية تعبير، بل يعكس رفضًا عميقًا لأي شكل من أشكال البناء الجماعي، وتمجيدًا ضمنيًا للفراغ والفوضى.
الأخطر من ذلك أن هذه السلوكيات تُمارَس تحت غطاء “النقد الصحفي”، بينما هي لا علاقة لها بالصحافة في جوهرها. الصحافة الحقيقية تُواكب، تُحلل، تطرح الأسئلة، وتُسائل الفاعلين. أما ما نشهده في الساحة الاعلامية اليوم من بعض الأقلام، فهو استعراض إعلامي مشحون بالإسقاطات الذاتية، والرغبة في تقويض كل ما لا يدخل ضمن أفقها الضيق.
وإذ نُسجل هذه الملاحظات، فإننا لا ندعو إلى تكميم الأفواه، بل ندعو إلى الاحترام المتبادل بين من يشتغل في الميدان، ومن يراقب أو يكتب عنه. النقد مرحب به، بل مطلوب، شريطة أن يرتكز على قواعد الأخلاق، وأدبيات النقاش، ومقومات المهنية الصحفية.
إن الشبيبة التي تنخرط اليوم، لا تفعل ذلك لتثير الإعجاب، ولا لتنال رضا من لا يؤمن أصلاً بأي مشروع سياسي. هي تشتغل بإصرار، في الميدان، وسط التحديات، وتواجه هذا الكم من التحامل بنفس طويل، ووعي عميق بأن بناء المستقبل يبدأ من لحظة تنظيم، من جلسة تكوين، من صورة قد تزعج البعض، لكنها تعني لنا الكثير.
وفي الختام يمكن القول على أن السخرية لا تبني وطنًا، والحقد لا يصنع إعلامًا، والتشويه لا يصمد أمام قوة الفكرة وصدق الالتزام.
ولأننا نشتغل في وضح النهار، فإن أصوات الظل لن تُربك خطواتنا.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News