الرأيالسياسة

حقيقة إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل..

كل من اطلع على القرار الحكومي القاضي بإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، وصدق محتواها بسذاجة، كما حصل للكثير،  كان ينتظر أن تكون الزيادات في أجور المتقاعدين مهمة وسخية جدا.

لكن الواقع كذب ذلك و”كانت الصدمة قوية”: 8دراهم، 15 درهم،20 درهم، 45 درهم…إلخ هي المبالغ التي انضافت إلى أجور المتقاعدين.

ولأن الزيادة كانت مرتفعة جدا ، وحتى لا تؤثر سلبا على الميزانية العامة للدولة، ارتأت الحكومة أن تكون على دفعتين: الدفعة الأولى يتم صرفها هذه السنة، فيما الثانية سيتم صرفها السنة المقبلة. يا لها فضيحة: خايبة حتى للمعاودة.

كم طبلت الحكومة الشهر الماضي عبر بلاغاتها ووسائل إعلامها لقرار حذف الضريبة على الدخل بالنسبة للمعاشات. وبالغت الحكومة في تطبيلها إلى حد أنها اعتبرته إنجازا تاريخيا وسابقة  لا مثيل لها.

و هذا أمر مفهوم ما دامت الحكومة تدافع عن قرار صادر عنها ويخدم مصلحتها. لكن ما ليس مفهوما وما بدا لي سقطة مهنية مشينة هو ترويج القرار والإشادة به، من طرف الصحافة، إذ أن أغلب الصحف الوطنية باختلاف مشاربها نشرت القراروامتدحته ومجدته، دون أن تمنح لنفسها فرصة البحث والتمحيص.

لقد تفاجأ الكثير من المتقاعدين حين لاحظوا الزيادة الضئيلة في رواتبهم ، والناتجة عن الإعفاء الذي طال معاشاتهم من الضريبة على الدخل: بضع دراهم  لم تتجاوز سقف 100 درهم، حسب معلوماتي. ففي حالتي كانت الزيادة بمبلغ 8 دراهم، لكنني لم أفاجأ لإدراكي سابقا أن الضريبة على الدخل بالنسبة للمتقاعدين لا تشكل عبئا كبيرا، كما كنت واعيا بأن القرار الحكومي كان فرصة لتجميل وجهها والالتفاف على مطلب الزيادة في المعاشات.

لقد تعاملت الحكومة بمكر خبيث مع المتقاعدين لأنها التفت على مطلب الزيادة في معاشاتهم وعوضته بحذف الضريبة على الدخل، وكذبت على الرأي العام حين اعتبرت قرار الإعفاء، مهما وتاريخيا وسيساهم في تحسين القدرة الشرائية لهذه الفئة الاجتماعية.

ووجهت وسائل الإعلام إلى المبالغة في تقدير ذلك القرار باعتباره سابقة في التاريخ. وبذلك تجاهلت عن قصد مطلب الزيادة في المعاشات تماشيا مع مبدأ السلم المتحرك للأجور، وكانت مدركة أن الفرق بين الأمرين يتجلى في الفوائد المالية التي ستجنيها خزينة الدولة، وبذلك اتقنت المراوغة ومالت إلى مصلحتها الضيقة بدل أن تدافع عن المصلحة العامة.

إنها اتخدت موقفها وهي واعية أن الهيئات الممثلة للمتقاعدين  ضعيفة ولا وزن لها في الصراع الاجتماعي، كما أنها هيئات كثيرة ومشتتة وليست لها مطالب موحدة. وهذا بالفعل ما وقع حيث أن هناك هيآت كانت تطالب بحذف الضريبة على الدخل ، فيما أخرى كانت تطالب بالزيادة في الأجور.

السؤال الذي ظل يؤرقني ليس هو مبلغ الزيادة لأني كنت أعلم أنه مبلغ لا يسمن ولا يغني من جوع. بل لماذا أصرت الحكومة و معها وسائل الإعلام على تمجيد ذلك القرار البئيس وأن القرار إياه سيساهم دون شك في تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين. فهل 8 دراهم أو حتى 100 درهم ستحسن دخل المتقاعد؟

  • المكي بوسراو /متقاعد
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى