المجتمع

جميلة رامزي:  عندما تحوّل الإعاقة إلى إبداع وتكتب بالوجدان لا بالحبر..

  • حسن كرياط //

في مهرجان “تالويكاند” بأكادير، كاتبة شابة تُبهر الحضور وتحفر اسمها في ذاكرة الأدب المغربي.

من رحم المعاناة تُولد الأعاجيب، ومن عمق الصمت يعلو الصوت حين يكون مدفوعًا بالإرادة. في مدينة أكادير، وبين 26 و29 يونيو 2025، لم يكن تكريم الشابة جميلة رامزي خلال فعاليات مهرجان تالويكاند الثقافي مجرد لحظة احتفاء عابرة، بل محطة اعتراف حقيقية بموهبة أدبية استثنائية شقّت طريقها وسط العتمة، متحدّية قسوة الإعاقة، ومسجّلة حضورًا لافتًا في المشهد الثقافي المغربي.

جميلة رامزي ليست فقط كاتبة صاعدة، بل هي حالة إنسانية متفردة، تختصر في مسارها معاني الصمود والإبداع.

اختارت أن تواجه إعاقتها بالقلم، لا بالشكوى، فحوّلت الألم إلى أفق أوسع للبوح، والقيود إلى أجنحة تحلّق بها في سماء الحلم. كلماتها ليست مجرد حروف منمّقة، بل نبض صادق يتسلل إلى القارئ ليلامس فيه شيئًا عميقًا، شيئًا يشبه الحقيقة والجرأة والأمل.

جميلة رامزي:  عندما تحوّل الإعاقة إلى إبداع وتكتب بالوجدان لا بالحبر.. - AgadirToday

الكتابة بالنسبة لها ليست ترفًا فكريًا ولا نشاطًا جانبياً، بل جوهر وجودي. تعيشها كما يعيش العاشق لحظات الهيام؛ تسكنها القصيدة كما يسكنها الصمت، وينساب الحرف منها كما ينساب النور من كوة ضيقة في جدار الألم.

في كل نص تكتبه، تبوح بقطعة من روحها، وتتجاوز القيود نحو مساحات أرحب، تلامس فيها الحلم، وتستفز القارئ بلغة تجمع بين الرقة والصلابة، بين بساطة التعبير وعمق المعنى.

وقد جاء تكريمها في مهرجان تالويكاند ليجسد هذا الاعتراف الصادق بمسارها الأدبي والإنساني. المهرجان، الذي احتفى بالموروث الثقافي الأمازيغي من خلال فقرات غنائية وشعرية متنوعة، اختار أن يمنح لهذه الكاتبة الواعدة لحظة مستحقة من الضوء، تقديرًا لمساهمتها في تجديد الخطاب الأدبي من داخل الهامش، ومن موقع التحدي، لا الشفقة.

في زمن تتراجع فيه القيم ويُهمّش فيه الإبداع الحقيقي، تظهر نماذج مثل جميلة رامزي لتؤكد أن الأدب ما زال قادرًا على أن يكون مرآة للروح، وجسرًا نحو المعنى، ومتنفسًا للذين ضاقت بهم الحياة لكن لم تضق بهم الأحلام.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى