جماعة أيت عميرة الأكثر سكانا بإقليم اشتوكة أيت باها- 2024-
- بقلم الحسن فركاكوم *//
تثير القراءة المتأنية لنتائج الاحصاء العام للسكان والسكنى الخاصة بجماعة ايت عميرة العديد من التساؤلات الديمغرافية ذات الطابع الاشكالي، تتراوح بين النظرة المالتوسية التشاؤمية التي تعتبر عدد السكان الكبير معضلة حقيقية اذا تعثرعن ركب النمو الاقتصادي، والنظرة الديمغرافية التفاؤلية التي ترى الحجم السكاني إمكانا بشريا يمكن توظيفه لتحقيق التنمية المنشودة ليس لمنطقة اشتوكة وحدها بل لعموم التراب الوطني برمته.
وكما كان متوقعا فقد بلغ عدد سكان جماعة ايت عميرة 113236 نسمة سنة 2024، بعدما استقر عند حجم 76559 نسمة سنة 2014، أي بزيادة سكانية اجمالية صافية قدرت بنحو 36677 نسمة في غضون 10 سنوات الماضية، وبهذا تكون الجماعة الترابية لأيت عميرة المجال الرتابي الشتوكي الأكثر سكانا على صعيد اقليم اشتوكة ايت باها، حيث انتقل وزنها الديمغرافي من % 20 إلى 23% من سكان الإقليم، أكثر من% 50 منهم مهاجرون وافدون من مختلف جهات واقاليم البلاد.
تطور الوزن الديمغرافي لجماعة ايت عميرة
بين 2014-2024
إن نسبة النمو الديمغرافي السريع لجماعة ايت عميرة وتطور حجم سكانها لا يضاهيه على مستوى اقليم اشتوكة ايت باها سوى جماعات الاستقطاب الهجري القوي الممتدة في سهل اشتوكة الغربية، وفي مقدمتها جماعة واد الصفا ( 83442 نسمة) وسيدي بيبي (72929 نسمة)، بالإضافة إلى الجماعة الحضرية لبيوكرى (50626 نسمة) بفضل الدينامية العمرانية والحضرية والديمغرافية المتسارعة التي تعرفها مدينة بيوكرى منذ ارتقاءها إلى عاصمة الإقليم سنة 1994، بل إن الوزن الديمغرافي لجماعة ايت عميرة يفوق وزن 11 جماعة ترابية بالدائرة الجبلية للاقليم مجتمعة بحوالي 3 مرات إذ سجلت هذه الأخيرة مجموع سكان وصل إلى 38439 نسمة، ويفوق عدد سكانها الحجم الديمغرافي لاقليم طاطا الذي لم يتجاوز عدد تعداده 111757 نسمة بجهة سوس ماسة بحوالي 6521 نسمة، بل إن الجماعة الترابية لايت عميرة أضحت تتفوق على جماعة القليعة المجاورة نفسِها والمعروفة باحتضانها لأحد أهم القواعد البشرية بجهة سوس ماسة بمجموع 107133 نسمة مقابل 113236 لجماعة ايت عميرة.
في الطرح الديمغرافي المالتوسي ستواجه ايت عميرة تحديات جمة لتدبير هذا الوزن الديمغرافي الهام وتوفير متطلبات الساكنة في مجالات التعمير والاسكان والتشغيل والتعليم والرعاية الصحية والعلاج والاستشفاء، فضلا عن المستلزمات المتزايدة والملحة في تطوير البنيات التحية الأساس لتوفير الحد الأدنى من جودة الحياة. ومهما بلغت جهود الجماعة ذات الموارد المالية المتواضعة مقارنة بوزنها الديمغرافي، يظل تدخل الدولة ودعمها المباشر- في ما أضحى يعتبره كل رؤوساء الجماعة الذين تعاقبوا على تدبير الشأن العام مخطط مارشال حقيقي ضروري- لانقاذ ايت عميرة واخراجها من دائرة التشاؤوم المالتوسي، اعتبارا لكون عدد السكان حسب المسؤولين بالجماعة أنفسهم يتجاوز المعطى الاحصائي الرسمي الذي لا يأخذ في الحسبان الأعداد الهائلة من السكان الذين ينتقلون للاستقرار بالجماعة في ذروة النشاط الفلاحي، أو يتنقلون بشكل دائم بين الجماعة الترابية ومناطق الدفع الهجري .
وعلى مستوى المقاربة التفاؤلية، لا يمكن أن يكون عدد السكان الا قيمة مضافة وإمكانا بشريا حقيقيا يوفر للمنطقة القاعدة السكانية النشيطة الأساس لدعم قطاع الفلاحة التصديرية الرأسمالية، وتغذية الضيعات العصرية باليد العاملة ذات المهارات والكفاءات المتنوعة القادرة على رفع تحدي استدامة النشاط الفلاحي ليكون في موعد مع انتظارات الاقتصاد الوطني في علاقته مع السوق الدولية، ولاسيما الأسواق الاوروبية.
لقد تحول سهل اشتوكة منذ انطلاق المشروع الهيدروفلاحي لسوس ماسة أواسط سبعينيات القرن الماضي، واتساع نطاق الاستمارات الفلاحية التصديرية نحو القطاع المسقي العصري الخاص أواسط تسعينيات القرن نفسه إلى سلة غذاء وضيعة لانتاج حاجيات البلاد من الخضر والفواكه، يتطلب الحفاظ عليها إلى جانب الاهتمام بواسائل الانتاج الأساس ( الماء – الأرض- الراسمال…) اهتماما بالغ بالأهمية بالرأسمال البشري واليد العاملة المهاجرة الوافدة التي تقطن جماعات اشتوكة الغربية وخاصة ايت عميرة اذ لا يمكن تصور استدامة النشاط الفلاحي دون توازن معادلة الانسان ووسائل الانتاج.
وفي هذا السياق تبرز الديمغرافيا وفائض السكان وأساسا عرض الساكنة النشيطة امكانا بشريا لا مناص من تطويره وتسليحه بكل مقومات العيش في ظروف تجويد الحياة، قصد ربح رهان التنمية المستدامة. إن استدامة النشاط الفلاحي العصري واستمرار الانتاج والتصدير وتزويد السوق الوطنية بالبواكر والمنتجات الفلاحية ومكانة اشتوكة المتقدمة في تصدير البواكر ولاسيما الطماطم إلى السوق الدولية، لا تقوم الا على قاعدة بشرية نشيطة من الرجال والنساء الوافدين والمحليين، قادتهم ظروفهم الاجتماعية والمادية للاستقرار بأحياء ومراكز وقرى اشتوكة بايت عميرة، وينتظرون مقابل هذه الخدمة الوطنية اعتبارا وتقديرا لحجم المهام التي يقومون بها من طرف الجميع …أدناها تحسين ظروف إطار العيش الآمن في قرى ومراكز اشتوكة ولاسيما مركز ايت عميرة الذي يضم لوحده 78163 نسمة منهم 4402 من الأجانب أغلبهم من دول افريقيا جنوب الصحراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الحسن فركاكوم – طالب باحث، كلية الآداب والعلوم الانسانية – اكادير.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News