
جرائم المختلون عقليا : من المسؤول..جريمة تارودانت نموذجا؟!
- محمد زرود//
في صباح دامٍ من صباحات مدينة تارودانت، اهتزّ الرأي العام المحلي على وقع جريمة مأساوية، بعدما أقدم شخص يعاني من خلل عقلي على قتل شاب بريء بالقرب من سوق السمك، بضربة حجر غادرة أنهت حياته على الفور.
ليست هذه الجريمة الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، ما دام ملف المرضى النفسيين والمختلين العقليين في بلادنا يعيش على هامش السياسة العمومية، ويتأرجح بين الإهمال الطبي والتقصير القانوني، وسط فراغ مجتمعي قاتل.
هل أصبحنا ننتظر وقوع جريمة لكي نتحرك؟
في المغرب، ينص القانون الجنائي على إعفاء المختل عقلياً من المسؤولية الجنائية إذا ثبت فقدانه للتمييز وقت ارتكاب الفعل، وهو مبدأ إنساني متعارف عليه دولياً.
لكن أين تذهب المسؤولية عن حماية المجتمع؟ أين هي تدابير المراقبة؟ وأين هي مستشفيات المتابعة والرعاية؟ هل يكفي أن نضع المختل أياماً أو شهوراً في مصحة، ثم نعيده إلى الشارع بلا مراقبة ولا علاج؟
إننا لا نلوم المرض، بل نلوم الصمت.
المؤسسات الصحية تعاني من نقص حاد، وغالبية المدن، خصوصاً الصغرى، تفتقر لمراكز علاج نفسي فعّالة. الأسر، من جهتها، تنهار أمام ثقل المسؤولية، فتتخلى عن أبنائها، أو تتركهم يتجولون في الشوارع عرضة للانفجار.
أما المجتمع، فهو بين الخوف والوصم، لا يملك سوى الدعاء ألا يكون الضحية القادمة أحد أفراده.
نحتاج إلى إصلاح حقيقي، لا إلى تعازي رسمية.
المطلوب اليوم واضح:
• إحداث مراكز جهوية للرعاية النفسية والاحتواء.
• تعديل القوانين لإلزامية المتابعة الطبية للمختلين بعد الإفراج.
• تمكين الأسر من طلب تدخل سريع في حالة الخطر.
• إنشاء فرق محلية مختصة في الطب النفسي الوقائي.
المريض النفسي إنسان، لكن تركه دون علاج هو ظلم له وللمجتمع معاً.
نحن لا نطلب سجوناً، بل نطالب بمنظومة تحمي الجميع، وتعالج جذور الخلل لا أعراضه فقط.
كفى تهاوناً، فكل ضحية قادمة هي إدانة جديدة لنا جميعاً

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News