الثقافة

جداريات أغراب أكادير..

  • رشيد فاسح //

من تنظيم ولاية جهة سوس ماسة وشركة التنمية المحلية سوس ماسة. شهدت مدينة الانبعاث أكادير، ملحمة فنية فريدة من نوعها. فقد أقيمت ورش عمل مخصصة لإنشاء جداريات فنية على واجهات المباني الرئيسية في المدينة.

هذه الأعمال الفنية، التي أبدعها فنانون مغاربة شباب تخرجوا من مدارس الفنون الجميلة بمعية مساعدين من فنانين شباب للاستئناس واكتساب التجربة والاحتكاك بمجال فن الجداريات التي تعتبر من أهم فنون الشارع التصويرية، هذه الجداريات خلفت صدا طيبا في أوساط الساكنة وأضفت جمالية خاصة على الجدران الشاحبة لمدينة الإنبعاث .

من وجهة نظر سيميائية تستلهم هذه اللوحات مواضيعها من التراث المغربي الأمازيغي الأصيل، متناولة جوانب مثل البيئة والصناعة التقليدية والإنسان والمعالم التاريخية لسوس. لقد ساهمت هذه الجداريات في تزيين أكادير، وسط المملكة، بما يليق بها، وذلك في سياق الإستعدادات الكبرى التي تشهدها المدينة وضواحيها لاستضافة فعاليات رياضية أفريقية ودولية.

جداريات أغراب أكادير.. - AgadirToday

لقد كانت ريشة الفنانين الشباب حاضرة بقوة، حيث قدموا جداريات تتنوع في الموضوع والأسلوب الفني، والتقنيات والإخراج، بدقة تصويرية واقعية تخاطب المتلقي.

وتحمل هذه الأعمال رمزية وتعبيرًا عميقًا من خلال موضوعها، تركيبها، وتقنياتها، وكذلك الألوان المستخدمة، والأسلوب الشخصي لكل فنان.

وتنوع الثيمات والرسائل الفنية.

وتوزعت هذه الثيمات بين عدة محاور رئيسية:
العناصر الأيقونية البيئية: تبرز إحدى اللوحات بوضوح طائر أبو منجل الأقرع ، وهو نوع حيواني مهدد بالإنقراض، ويعيش ماتبقى فيه بمحمية سوس ماسة، ووادي سوس. هذه اللوحة تحمل رسالة قوية حول التنمية المستدامة والحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي والوطني، خاصة في ظل التغيرات المناخية والصيد الجائر.

الفتاة الأمازيغية: على المحور الممتد من الشرق إلى الغرب، تظهر لوحة لفتاة أمازيغية شامخة بزيها وحليها التقليدي. تجسد هذه اللوحة شموخ المرأة السوسية، ومن خلالها المرأة المغربية بشكل عام، وتعكس عراقتها وثقافتها وأدوارها المحورية في التنمية، التطور، صون الكرامة، الحفاظ على الأصالة، والهوية الأمازيغية السوسية.

كرم الضيافة المغربية: تنتقل بنا الصور في الأجزاء الأربعة للمدينة، شمالاً وشرقاً، نحو لوحة تصور صينية عليها براد تقليدي من الفخار. هذه اللوحة ترمز إلى ثقافة المغاربة الأصيلة في الضيافة، الكرم والجود، وتجسد قيماً إنسانية مغربية خالصة. كما تسلط الضوء على الأهمية التاريخية والحضارية والجمالية العمل للفنون الحرفية التقليدية، التي تميز الثقافة المغربية الأصيلة

هذه اللوحة الفنية التي تجمع بين مآثر إيكودار، تافراوت، وطاطا هي بالفعل عمل ملهم يدعو إلى الفضول والاستكشاف!

من خلال دمج هذه العناصر، تهدف اللوحة إلى:
التعريف بالتراث الثقافي الغني: تسلط الضوء على المعالم التاريخية والعمرانية الفريدة في هذه المناطق، مثل القصبات والحصون الجماعية (إيكودار) التي تعكس تاريخًا عريقًا وثقافة أمازيغية أصيلة.

الترويج السياحي: تشجع الزوار على اكتشاف هذه الوجهات المتنوعة في جنوب المغرب، والتي تتميز بجمال طبيعي خلاب (مثل تافراوت الصخرية الفريدة) وتراث إنساني غني (مثل واحات طاطا).

إبراز الترابط الجغرافي والثقافي: تربط اللوحة بين هذه المناطق، مما يظهر كيف تتكامل جغرافيا وثقافيًا لتشكل نسيجًا واحدًا يعكس عمق وتنوع الحضارة المغربية.

إثارة الفضول: من خلال الجمع بين هذه العناصر في عمل فني واحد، تدعو اللوحة المتلقي إلى التساؤل عن قصص هذه الأماكن، تاريخها، وعن الحياة التي عاشها أسلافنا فيها.
عناصر اللوحة وما ترمز إليه:

إيكودار (المخازن الجماعية): تمثل الشق المعماري الأمازيغي الأصيل، وتدل على ثقافة التعاون والتكافل بين القبائل، وأهمية حفظ المؤن والممتلكات في حصون منيعة.

تافراوت: ترمز إلى الطبيعة الخلابة، التكوينات الصخرية العجيبة، وربما الحياة البدوية والهدوء الذي يميز المنطقة.
طاطا: تشير إلى الواحات، الحياة القائمة على الماء والنخيل في بيئة صحراوية قاسية، وتعكس القدرة على التكيف والصمود.

هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل هي دعوة مفتوحة لاكتشاف كنوز جنوب المغرب، وفهم عمق تاريخه وتنوع ثقافاته.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى