
ثلاثة أيام من الإعتكاف بالزاوية المعرفية “تاواسنا “..
- بقلم محمد بليهي //
غادرت القبيلة ، ليس مطرودا ، ولم أهرب بجلدي خوفا من عقاب ينزل بي جراء ذنب او جرم ارتكبته ، صحيح ، أن القبيلة أقوى من الأفراد وحتى من الجماعات الصغيرة، تمارس قهرها بكل لطف على أبنائها تجبرهم على الإنضباط لقوانينها ولمعاييرها ، لأن في القبيلة الكل يعرف الكل والكل يراقب الكل والكل يحمي الكل ، أو على الأقل على جيلينا الى حدود أجيال ما بعد تمام الالفية الثانية حيث انفجر النيزك التكنولوجي الآتي من ألأنفاس النارية لتينين الشرق الأسيوي و الذي حول العالم الى قرية صغيرة كما نبهنا الى ذلك الباحث الكندي مارشال ماكلوهان .
هذا التسونامي التكنولوجي الكوني الذي دوخ الأسرة والمدرسة فانتزع منهما مهمة التنشئة الإجتماعية وبعثرة كل الأوراق لتتطاير كل القيم والعايير الاجتماعية .
مأسة القبيلة أن ابناءها كثروا و كبروا ثم غادرها اغلبهم الى المدينة ” العاهرة “التى لاتهتم الا بالمظاهر والفلوس ، الباقي فيها تائه ومنسلخ والعائد منها دخيل على القبيلة ومنحرف .
البعض منا ممن يتأرحج بين النقضين القرية /المدينة ،الاصالة /الحداثية يعيش التمزق و التعاسة ،أصبحوا ممثلين يؤدون أدوارا وفق ما يطلب منهم ،عليهم أن يرتدوا قمصان بأكمام قصيرة طوطم أو علامة لا يعرفون مضمونه ولا كنهه ومثلة من سروال وأحدية رياضية من صيحاة عالمية تثير النظر والإعجاب وبمجرد عودته الى القبيلة علية ان ينزع عنه ذلك وليس ” الفوقية ” والبلغة يتكيف ويتأقلم مع الطبيعية والفطرة “السلمية ” وفي كلتا الحالتين يتغير الإحساس والشعور والحالة النفسية عموما.
عندما غادرت القبيلة سفيرا وليس هاربا لتلبية دعوة كريمة من الصديق الدكتور خالد العيوض الذي كان قد غادر خربة ايت ميمون لا غاضبا ولا مغضوب عليه ولكنه هاجر كما تهجر النحلة خليتها بحثا عن رحيق الأزهار لصنع العسل .استزاد الرجل من العلوم والمعاريف والمهارات الحياتية قبل ان يعود ليؤسسة زاوية تاواسنا لينصبه أهل البلدة شيخا عليها نظير من ما صنع من عظيم الأمور.
عندما نزلت بالزاوية وجدت قوما من رجالات العلم والمعرفة ومن المتصوفين ، قطعنا صلتنا بالعالم المادي فأنغمسنا في عالم صوفي سعيا وراء أوهام المثقفين ننشد ونحلم باعادة بناء المدينة الفاضلة داخل هذه الزاوية التي كتب على بابها ” لا يدخلها الا المتطوعون “على شكل أكادمية أفلاطون الذي شترط على الراغبين في دخولها ان يكونوا رياضيين (من الرياضيات )الأستاد الصليح تلى علينا لوحا بمثن ” الزاوية بسوس وثقافة العمل التطوعي والتضامني ” وبعدها تطهر الجميع ، بماء نقي جاء من البئرالى الصنبورعبر قنوات الإنبعاث بقرية المتطوعين ، لنصلي في رحاب الزاوية بقيادة إمام مسجد البلدة الذي حل بها كخريج” أخوربيش ” المدرسة العثيقة، ليجد نفسه في عالم حيوي ومحفز فأخطر في الدينامية ليتدرج في مدرجات الجامعة والنتيجة حصوله على شهادة الدكتورة .
هذا الرجل الذي يتحدث بلغة فقهية خالصة ولكن بمنطق العصر والحداثة . توالت العروض انطلاقا من عصر الدينصورات التي قادمها الاستاذ موسى مسرور الذي أكتشف آثار اقدام الديناصور بأنزا – اكادير فأخضعها للدراسات العلمية كالجيولوجيا وعلم الاحياء لينتهي بتأسيس متحف يظم تاريخ الديناصورات وكل المستحاثات ذات الصلة بالديناصور.
وعرض علينا العيوض كيف تغيرت بلدة صغيرة ” خربة ايت ميمون ” من بلدة تتولى فيها النساء والفتيات مهمة جلب الماء من بئر صغير وعلى متن حمير الى نساء منطلقات يتقلدن المناصب ويسقن السيارات . من البئر الى الصنوبر ثلاثون عرضا في ثلاثة أيام حول ثلاثة عقود من العمل التطوعي بالمغرب من خلال تجارب ميدانية أثرنا و تأثرنا ، أعطينا وأخدنا، قناعاتنا تعرضت للرجة وأعدنا التدقيق في المفاهيم وفي المناهج كما في آليات الاشتغال وأدركنا ان التواجد في مجتمع يدعى الحداثة ويهرول نحو الكسب المادي بشكل يطغى عليه الانانية والفردانية المفرطة ولا يرتبط بالآخرالا بالعلاقات الإشباعات العضوية القائمة على المصلحة والنغعية يستدعي من التجند لإيقاض الجانب الانساني فينا وتحفيزه على المقاومة والعمل من أجل مجتمع متماسك ومتضامن وواعمال العقلانية القيمة حفاظا على القيم الإنسانية النبيلة بما في ذلك قيم التضامن والتآزر والتعاون وترسيخ قيم التطوع الذي يحيلنا على قيم الأدوال وتاوالا وتيويزي المعمول بها في المجتمع الأمازيغي بسوس العالمة

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News