العالم اليوم

تهريب نتنايهو إلى المنفى الأمريكي..

فشلت المعادلة الإستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية في إنهاء حرب غزة و رفح في فترة قصيرة،لكن بالمقابل نجح المخطط الأمريكي بتنسيق مع منظمة إيباك الصهيونية في تحقيق أهداف جيوإستراتيجي من وراء حرب غزة، تلك الحرب التي أشعلت شرارتها حركة حماس في السابع أكتوبر 2023 ،يإيعاز وضوء أخضر من طهران بهدف خلط الأوراق الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط، كانت تهدف إلى تجميد العلاقات بين تل أبيب والرياض وأبوظبي والمنامة والدوحة.

ما يقع من تطورات في الشرق الأوسط،لا يعدو في واقع الأمر سوى تلك الشجرة التي تخفي الغابة

هناك قاعدة أؤمن بها، أن حقيقة الأحداث لا تظهر في شاشات التليفزيون ولا تقرأ في الصحف بغض النظر عن وزنها بل تظل حبيسة الغرف المظلمة حيث يجري تدبير خرائط جيوسياسية تنفذ على المدى المتوسط في العالم الأجمع.

إذا كانت إيران إعتقدت بإعطاءها أوامر لحركة حماس بتنفيذ عملية طوفان الأقصى التي خلفت إلى حدود اللحظة 36 ألف و570 شهيد دون الحديث عن باقي الخسائر و الدمار الشامل قد نجحت فعلا في تجميد المساعي الإسرائيلية في تطوير العلاقات مع دول الخليج، فإن حساباتها أو رؤيتها للوضع في منطقة الشرق الأوسط كانت ضيقة جدا.

لم يدرك نظام الملالي أنه قدم خدمة جيوسياسية ثمينة جذا للولايات المتحدة واللوبي الصهيوني النافذ في واشنطن. تتمثل في منحهم غطاء عسكري لبناء ميناء غزة الإستراتيجي في أفق السيطرة قريبا جدا على إدارة تسييره.

ميناء غزة مارين(1) وغزة مارين(2) ستكون في عمقها قاعدة عسكرية أمريكية مهمتها الرئيسية تأمين نقل وتصدير الغاز الفلسطيني المسروق عبر السفن إلى أوروبا و أمريكا.

إضافة إلى جعلها قاعدة لمحاصرة مصر بالضبط قناة السويس الحيوي في أفق أن يصبح ميناء غزة بديل لها.

قبل سنة 2007 عقدت تل أبيب إتفاقا مع السلطة الفلسطينية بقيمة 4،5 مليار دولار سنويا لشراء إسرائيل غاز فلسطين لكن فوز حماس في إنتخابات 2007 علق الإتفاق.

بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات إعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين في حكومته المتطرفة بتهمة إرتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينين، إضافة لمتابعته في قضايا فساد أمام المحكمة المركزية بالقدس.

وجد بنيامين نتنايهو نفسه في الزاوية المغلقة حيث أصبحت الأوراق أمامه للخروج من عنق الزجاجة شبه منعدمة.

بإستثناء ورقة حل الكنيست التي ممكن أن تحقق له هدفيين إنجاز صفقة إعادة المحتجزيين و ثمنها وقف إطلاق النار مع حركة حماس و كذالك تجميد حكم المحكمة الإسرائيلية العليا الذي يلزم الحكومة بتجنيد الحريديم (اليهود المتدينين)الدين يشكلون 13٪ من سكان إسرائيل.

لهذا فإن اللوبي الصهيوني في واشنطن إقتنع بأن دور بنيامين نتنايهو إنتهى، وأصبح إلى حد كبير ورقة محروقة بعدما نفذ أجندة لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية التي تسمى إختصار إيباك ،وهي أقوى وأخطر جماعات الضغط على دوائر صناعة القرار الأمريكي ومجلس النواب والشيوخ ومؤثرة بشكل فعال في توجيه الرأي العام الأمريكي لصالح إسرائيل بسبب إمتلاك مليارديرات يهود لقنوات وصحف وازنة.

ثمانية عشر يوم بعد هجوم طوفان الأقصى، بالضبط في 25 أكتوبر 2023 إنتخب مجلس الكونغرس مايك جونسون رئيسا بأغلبية 220 صوت أغلبهم من المحسوبين على منظمة أيباك الصهيونية والمتعاطفين معها إيديولوجيا.

مايك جونسون يعتبر من أشد الداعمين للإسرائيل، وقد تضمن أول خطاب علاني ألقاه بعد إنتخابه رئيسا لمجلس الكونغرس مشروع قرار يدعم إسرائيل في حربها في غزة.

قبل أن يوافق في 7 ديسمبر 2023 على تمرير مرسوم بدعم كبير جدا للإسرائيل بقيمة 14 مليار دولار.

منظمة إيباك النافذة بتوافق مع الدولة العميقة والبيت الأبيض يبحثون عن صيغة مناسبة للإنقاذ بنيامين نتنياهو من ورطته داخل المجتمع الإسرائيلي ومع المحكمة الجنائية الدولية عبر توجيه له دعوة للإلقاء خطاب أمام أعضاء مجلس الكونغرس يوم الخميس 13 يونيو 2024.

فهل ستكون يا ترى رحلة ذهاب بدون إياب أم أن صناع القرار الأمريكي لديهم حلول أخرى للإنقاذ رقبة حليفهم.

بقلم: شعيب جمال الدين

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى