تحليل إخباري: ما هي استراتيجية إسرائيل لما بعد العدوان على غزة؟
ليس لدى “إسرائيل” نهاية متوقعة للعدوان على غزة، استراتيجيتها هي إسقاط آلاف القنابل وتدمير كل شيء، ومن ثم الدخول إلى قطاع غزة، ولكن ماذا بعد ذلك؟ هل من استراتيجية لليوم التالي؟ تتساءل “رويترز” في تقرير لها.
وفقًا لثمانية مسؤولين إقليميين وغربيين مطلعين على الصراع، فإن الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أطلق عليها اسم عملية السيوف الحديدية، لن يكون لها مثيل لها في ضراوتها. لم تنطلق العملية البرية بعد، لكن سقط في غزة أكثر من 3500 شهيد فلسطيني، بفعل القصف الجوي، ثلثهم تقريبًا من الأطفال، وهو أكبر من عدد الضحايا في كل الحروب السابقة بين حركة حماس و”إسرائيل”.
وأخبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارته تل أبيب، أمس الأربعاء، المسؤولين الإسرائيليين أنه يجب “معاقبة حماس”، لكنه حذر من أن بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر على نيويورك، ارتكبت الولايات المتحدة أخطاءً، مشيرًا إلى أن “الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا حماس، وحماس لا تمثّل الشعب الفلسطيني”.
كانت زيارة بايدن الأخيرة ستمنحه فرصة للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتفكير في قضايا مثل “الاستخدام النسبي للقوة، والخطط طويلة الأمد لغزة بعد الغزو”
يقول خبير الشرق الأوسط في مركز كارنيجي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، إن زيارة بايدن كانت ستمنحه فرصة للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتفكير في قضايا مثل “الاستخدام النسبي للقوة، والخطط طويلة الأمد لغزة بعد الغزو”.
لا أحد يعرف ما سيكون
يهدد المسؤولون الإسرائيليون، بمن فيهم نتنياهو، أنهم “سيمحون حماس” انتقامًا من هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو الأكثر دموية في تاريخ “إسرائيل” منذ إقامتها قبل 75 عامًا.
تحدث مدير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنيغبي،إلى صحفيين، يوم الثلاثاء الفائت، حول ما سيحدث في غزة بعد الحرب، قائلًا: “نحن بالطبع نفكر ونتعامل مع هذا، وذلك ينطوي على تقييمات تشمل مجلس الأمن القومي، والجيش وغيرهما من المؤسسات حول الوضع النهائي، لا نعرف ما سيكون هذا على وجه اليقين”، وأضاف: “لكن ما نعرفه هو أنهم لن يكونوا هناك”، في إشارة إلى هدف “إسرائيل” المعلن حول “القضاء على حركة حماس”.
يقول المصدر الإقليمي لوكالة “رويترز” إن غزة “مدينة تحت الأرض من الأنفاق التي تجعل أنفاق الفيتكونغ تبدو وكأنها لعبة أطفال”، في إشارة إلى قوة حرب العصابات الفيتنامية التي تحدت القوات الأمريكية في فيتنام. لن يستطيعوا إنهاء حركة حماس بالدبابات وقوة النيران.
فيما قال خبيران عسكريان إقليميان لـ”رويترز” إن الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، قد حشد لهذا الغزو، وجهزوا ألغامًا مضادة للدبابات، وأجهزة لقنابل مفخخة لكمائن القوات الإسرائيلية.
من المقرر أن يكون الهجوم الإسرائيلي القادم أكبر بكثير من العمليات السابقة التي أشار إليها المسؤولون الإسرائيليون سابقًا باسم “قصّ العشب”، وتعني الحد من القدرات العسكرية لحركة حماس، ولكن ليس القضاء عليها.
تشير “رويترز” إلى أن “إسرائيل” خاضت ثلاثة حروب سابقة مع حماس، في 2008 و2012 و2014، وأطلقت هجمات برية محدودة خلال اثنتين من تلك الحروب، لكن على عكس اليوم، لم يتعهد قادة “إسرائيل” أبدًا على “تدمير حماس مرة واحدة وإلى الأبد”. وفي تلك الحروب الثلاث، قتل أقل بقليل من 4000 فلسطيني وأقل من 100 إسرائيلي.
فيما اعترف مصدر أمريكي أن هناك تفاؤلًا أقل في واشنطن، على الرغم من أن “إسرائيل” ستكون “قادرة على تدمير حماس بالكامل”، بحسب ما يقول التقرير، ويرى المسؤولون الأمريكيون أن هناك فرصة ضئيلة لأن ترغب “إسرائيل” في التمسك بأراضي في غزة، أو إعادة احتلالها.
يكشف المصدر، إن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تقتل القوات الإسرائيلية أو تأسر أكبر عدد ممكن من أعضاء حماس، وتفجر الأنفاق وورش تصنيع الصواريخ، وثم بعد تصاعد الخسائر الإسرائيلية ستبحث عن طريقة لإعلان النصر والخروج من غزة.
اتساع نطاق الحرب
يتخوف الجميع في المنطقة من أن الحرب ستنفجر خارج حدود غزة، مع فتح حزب الله اللبناني جبهات جديدة رئيسية لدعم حركة حماس.
وقد حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من أن “محور المقاومة” سيتخذ إجراءً “استباقيًا” محتملًا ضد “إسرائيل” إذا قامت بغزو غزة. وأشار إلى أن إيران لن تبقى تشاهد من الخطوط الجانبية، إذا فشلت الولايات المتحدة في كبح جماح “إسرائيل”.
أخبر قادة عرب بلينكن أن الغضب الشعبي سيرتفع في جميع أنحاء المنطقة عندما يرتفع عدد الضحايا في العدوان على غزة
وقد أرسلت واشنطن حاملة طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وتشعر بالقلق من أن حزب الله قد ينضم إلى المعركة من الحدود الشمالية لإسرائيل. ومع ذلك، لم تكن هناك أي علامة على أن الجيش الأمريكي سينتقل بعد ذلك من وضع الردع إلى المشاركة المباشرة.
كما تحدث مصدر إقليمي ثان عن احتمال انتشار الصراع خارج غزة، قائلًا: “مهما كان السيناريو سيئًا، سيكون أسوأ”.
فيما أخبر قادة عرب بلينكن، خلال زيارته المنطقة الأسبوع الماضي، أنهم بينما “يدينون هجوم حماس على إسرائيل”، فإنهم يعارضون العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين المدنيين، ويخشون من أن الأمر قد يؤدي إلى اضطرابات إقليمية. مشيرين إلى إن الغضب الشعبي سيرتفع في جميع أنحاء المنطقة عندما يرتفع عدد الضحايا.
من جانب أخر، قالت مصادر إقليمية إن واشنطن تقترح إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، والتي فقدت السيطرة عليه عام 2007، على الرغم من وجود شك كبير فيما إذا كانت السلطة الفلسطينية أو أي سلطة أخرى ستتمكن من حكم القطاع في حالة “طرد حماس”.
وأعرب ميلر ، خبير الشرق الأوسط في مركز كارنيجي، عن شكوكه العميقة بشأن إمكانية قيام حكومة ما بعد حماس لحكم غزة، قائلًا: “يمكنني أن أرسم لك صورة أكثر ملاءمة لمجرة بعيدة، وليس على كوكب الأرض حول كيفية الجمع بين الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والسعوديين والمصريين، بقيادة الولايات المتحدة التي تقوم بحشد الأوروبيين، لتحويل غزة بشكل أساسي من سجن في الهواء الطلق إلى شيء أفضل بكثير”.
التهجير
في غضون ذلك، أثارت الدعوات إلى إنشاء ممرات إنسانية داخل غزة، والطلب من المدنيين الفلسطينيين الخروج من قطاع غزة، رد فعل قوي من الجيران العرب.
هناك خشية من أن يؤدي الغزو الإسرائيلي لغزة إلى موجة نزوح جديدة، وهي إعادة لما حصل في حروب 1948 و1967، وظل الملايين من الفلسطينيين الذين أجبروا على التهجير من البقاء عالقين كلاجئين في البلدان التي استضافتهم
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News