العالم اليوم

تحدي العدالة الدولية: مواقف متباينة إزاء مذكرات توقيف نتنياهو وغالانت

  • بقلم: حسن كرياط//

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت جدلاً واسعاً على الساحة الدولية. ففي حين عبّرت بعض الدول عن التزامها بتنفيذ قرارات المحكمة، ظهرت مواقف معارضة بارزة، أبرزها من المجر، التي اختارت تحدي القرار علناً، على الرغم من عضويتها في نظام روما الأساسي.

في خطوة غير مألوفة، دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة بودابست، في إشارة فسّرها المراقبون كتحدٍ صريح لسلطة المحكمة الجنائية الدولية. يُعد هذا الموقف المجري الأول من نوعه بين الدول الموقعة على نظام روما، مما يضع المجر في مواجهة مع التزاماتها الدولية القانونية ويثير تساؤلات حول مستقبل هذا النظام.

لم تقتصر مذكرات التوقيف على المسؤولين الإسرائيليين، بل شملت أيضاً محمد الضيف، القائد العسكري في حركة حماس، بتهم تتعلق بجرائم حرب مرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ورغم أن الدول الموقعة على نظام روما ملزمة قانونياً بتنفيذ قرارات المحكمة، إلا أن التحليلات تشير إلى أن السياسة الدولية غالباً ما تتعارض مع هذه الالتزامات، خاصة مع غياب دول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين عن مظلة نظام روما.

هذا التباين في المواقف يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها العدالة الدولية. فمن جهة، تسعى المحكمة الجنائية لتعزيز سيادة القانون ومحاسبة مرتكبي الجرائم، ومن جهة أخرى، تقف المصالح السياسية عائقاً أمام تنفيذ قراراتها، مما يضع الدول الرافضة في مواقف محرجة أمام المجتمع الدولي، وقد يؤثر ذلك على مصداقيتها وصورتها.

رغم أن نظام روما الأساسي يضم عضوية 124 دولة موزعة جغرافياً بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، إلا أن هذا الانتشار لم يضمن قوة نفاذ قرارات المحكمة. فما زالت المحكمة تواجه صعوبات حقيقية في فرض سلطتها على المستوى العالمي، مع استمرار الضغوط السياسية التي تهدد استقرار منظومة العدالة الدولية.

في ظل هذا الواقع، تبدو العدالة الدولية عند مفترق طرق، حيث تواجه صراعاً بين الالتزام القانوني وضغوط المصالح المتضاربة. فهل ستتمكن المحكمة الجنائية الدولية من تجاوز هذه العقبات لتحقيق أهدافها، أم ستبقى أسيرة للسياسة الدولية؟ هذا سؤال يظل مفتوحاً، ويستدعي نقاشاً عميقاً حول مستقبل العدالة في عالم يسوده التناقض.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى