العالم اليوم

تحديات الحرب الروسية الأوكرانية تضع الأمن الغذائي العالمي في الواجهة

قال كسيم صلاح، أستاذ الاقتصاد بالكلية متعددة التخصصات بالسمارة، وباحث في العلاقات الدولية الاقتصادية، إن “الأمن الغذائي العالمي أصبح يشكل معادلة معقدة تتمحور حول الاقتصاد والسياسة والإنسانية والقانون الدولي”، مضيفا أنه “لسوء الحظ، أدت الحرب في أوكرانيا خلال الأشهر الماضية إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائي بحدة، وازدادت مخاوف المجتمع الدولي من وقوع كوارث في المستقبل القريب”.

وتطرق كسيم، في مقال له بعنوان “الأمن الغذائي العالمي: تحديات الحرب في أوكرانيا”، لمجموعة من الجوانب المرتبطة بالموضوع انطلاقا من محاور “مفهوم الأمن الغذائي”، و”دور روسيا وأوكرانيا في نظام الغذاء العالمي وارتفاع الأسعار بسبب الحرب”، و”أفقر البلدان: تهديدات الأمن الغذائي”، و”الانتشار العالمي لتحديات الأمن الغذائي”.

هذا نص المقال:
أصبح الأمن الغذائي العالمي يشكل معادلة معقدة تتمحور حول الاقتصاد والسياسة والإنسانية والقانون الدولي. وكما هو واضح للجميع، يعد الطعام حاجة أساسية لبقاء الإنسان على قيد الحياة وأن نقص الغذاء كان دائمًا ومازال أحد الأسباب الرئيسية للصراعات والهجرة الدولية.

وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، واجه حوالي 10٪ من سكان العالم الجوع وحوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص في العالم (2.37 مليار) لم يتمكن من الحصول على الغذاء الكافي في عام 2020. معظمهم في آسيا (حوالي 54٪) وإفريقيا (حوالي 37٪).

لسوء الحظ، أدت الحرب في أكرانيا خلال الأشهر الماضية إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائي بحدة وازدادت مخاوف المجتمع الدولي من وقوع كوارث في المستقبل القريب.

وفقًا للمفاهيم الأساسية لمنظمة الأغذية والزراعة، للأمن الغذائي أربع ركائز رئيسية: وفرة المواد الغذائية والقدرة على الوصول الاقتصادي/المادي للغذاء واستهلاك الغذاء واستقرار الأسس الثلاثة الأخرى. لكن بمرور الوقت كسرت الحرب في أوكرانيا البعد الأول الذي يتناول جانب العرض للأمن الغذائي، حيث تسببت في الارتباك في الإمدادات العالمية من محاصيل الحبوب الرئيسية والزيوت النباتية مما أدى إلى تعطيل سلسلة التوريد الزراعي.

وتعد روسيا وأوكرانيا أحد أكبر منتجي ومصدري المحاصيل الزراعية الرئيسية في العالم. وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، يمثل البلدان أكثر من 50٪ من الإنتاج العالمي لعباد الشمس وأكثر من 20٪ من إنتاج الشعير و14٪ من إنتاج القمح.

من خلال بيانات التجارة الدولية يتضح الدور الحاسم لأوكرانيا وروسيا في ضمان الأمن الغذائي العالمي. أوكرانيا قبل أن تندلع الحرب على أراضيها كانت تزود السوق العالمية بالأغذية الأساسية بنسبة 8.5٪ من القمح وأكثر من 50٪ من منتجات عباد الشمس الخام وأكثر من 13٪ من منتجات عباد الشمس المكرر. علاوة على ذلك، تعتبر أوكرانيا موردًا مهمًا لمنتجات الأعلاف، في المتوسط حوالي 13 ٪ من الذرة وحوالي 15 ٪ من الأعلاف المركزة الزيتية ((oil cakes الموجودة في السوق العالمية هي من إنتاج أوكرانيا، وعلى مدى السنوات السبع الماضية، كانت أسعار الحبوب وعباد الشمس مستقرة نسبيًا. حتى تأثير جائحة COVID-19 على الأسواق كان متواضعا نسبيا. لكن أسعار المواد الغذائية ارتفعت كثيرا في عام 2021 وقفزت بشكل حاد في فبراير ومارس بسبب الحرب.

بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بدأ ارتفاع أسعار الوقود وجميع أنواع الأسمدة، الأمر الذي أدى إلى تفكير الحكومات في إيجاد حلول عاجلة لعلاج هذه المشاكل.

ويتمثل التحدي الحالي في القدرة على إنتاج الغذاء العالمي الكافي لإطعام سكان العالم هذا العام. وطالما الحرب لم تضع أوزارها في أوكرانيا، من المرجح أن يستحيل توفير إمدادات غذائية كافية للعديد من البلدان الفقيرة وذلك بسبب العوامل التالية:

– العوامل المؤثرة على الأمن الغذائي العالمي؛

– ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة والأعلاف؛

– زيادة تكاليف النقل وتأمين البواخر.

وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة، فإن أفقر البلدان هي على الأقل 10 دول في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتستورد مائة في المائة من حاجياتها من القمح من أوكرانيا وروسيا. في الواقع، تهديدات الأمن الغذائي عالية ولا يمكن التنبؤ بها بالنسبة لعدد أكبر من البلدان. ستؤدي الأسعار العالمية وجهود البلدان للتكيف مع الظروف الجديدة إلى جعل هذه التحديات ذات طابع عالمي.

في الواقع، هناك 4 مسارات رئيسية للوصول المادي للأغذية لبلد ما: الإنتاج الوطني والسوق العالمي والإمدادات الإنسانية و”السوق العالمي الرمادي”.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى