تجويد الحوار أم تجميد القرار..
- بقلم سمير العشاق*
—————————————-
في خضم النقاش الذي يدور حول معركة الشغيلة التعليمية دفاعا عن المدرسة و الوظيفية العموميتين، وما يرافقه من محاولات لكبح النضالات وفرملتها خاصة مناورات الدولة التي تنهجها كلما اشتدت المعارك و أخبث مناورة هي الحوار، لذا كان لزاما علينا التفاعل مع كل هذه المستجدات.
إن شروط العمل التي يتم فرضها على الشغيلة نتيجة التنظيم الرأسمالي للعمل المبني على تقسيم المهام، تجعلهم يفوضون شؤونهم وتمثيليتهم إلى مجموعة من النقابيين، و لا يخضع هذا التفويض إلا بشكل جزئي ومؤقت وغير مباشر، ( وأحيانا يغيب بشكل كلي) للرقابة العمالية والمحاسبة التنظيمية، وهو ما يخلق شروط موضوعية لسيرورة “تبقرط ممثلي العمال”، إن هذه السيرورة يساهم فيها الجميع بما فيها القاعدة الكبيرة للشغيلة التي تخلت عن مناصرة الفعل النقابي الديموقراطي المستقل والانخراط فيه، ويترتب عن هذا التبقرط انفصال “مصالح و امتيازات” هؤلاء النقابيين، ممثلي العمال، عن “المصالح العامة” للشغيلة، وعوض الدفاع عن مصالح الشغيلة يبدأ التنازل مقابل السماح للدولة بتمرير الهجوم.
إن الدولة تبذل كل ما في وسعها من أجل تعميق الانفصال بين “القاعدة” و “القيادة”، لأنهما في حاجة إلى “محاور” و “شريك” مفضل لتجنب الاصطدام المباشرة مع القاعدة، والمساهمة في تمرير الهجوم وتبريره، وإيهام الشغيلة بأن الفتات الذي يتم تقديمه على أنه مكتسبات، و يلعب التمويل و الامتيازات دورا أساسيا في تبقرط المنظمات النقابية، فالدولة تقدم تمويلا لهذه النقابات قصد استمالتها لصفها وتحويلها من منظمة للدفاع عن حقوق و مصالح الشغيلة التعليمية إلى أداة لتمرير الهجوم، وتصبح البيروقراطية النقابية مرتبطة في مواردها المالية بمساهمات الدولة أكثر من ارتباطها بواجبات ومساهمات المنخرطين، هذه المساهمات تقوي ثقة وتمسك هؤلاء المنخرطين بمنظمتهم وتجعلهم متتبعين لمسارها وقادرين على محاسبة القيادة مما يمنع تبقرطها.
لكن حفاظا على امتيازاتها و دورها كمحاور و شريك للدولة، تتخلى البيروقراطية النقابية عن مصالح وحقوق الشغيلة و تتحول إلى أداة لتلطيف الصراعات الاجتماعية وقناة لتمرير الأفكار والحلول التي تطرحها الدولة في صفوف الشغيلة، تارة باسم الاكراهات، وتارة باسم الحداثة و الشراكة، والانفتاح على تجارب عالمية ناجحة، و بتفاقم تبقرط المنظمات النقابية وتعفن ممثلي العمال و غياب الرقابة العمالية، تتحول البيروقراطية النقابية من عائق نسبي إلى عائق مطلق أمام حركة الشغيلة، وهو الأمر الذي وصلت إليه البيروقراطيات النقابية اليوم، فهي تجلس على طاولة الحوار مع الدولة ليس دفاعا عن مصالح الشغيلة التعليمية بل للبحث عن مداخل تكسير المعركة النضالية.
ووعيا منا بخطر البيروقراطية، المباشر والمستقبلي، نحن نناهض دوما البيروقراطية ونكافح من أجل دمقرطة المنظمات. ولا يشكل الاضطهاد البيروقراطي مبررا للتخلي عن واجباتنا أمام الشغيلة، بل وجب الاستمرار في فضح هذه الممارسات البيروقراطية، والدفاع عن الفعل النقابي الديموقراطي المستقل.
إن جولات الحوار التي كانت تقودها البيروقراطية النقابية في إعداد النظام الأساسي لما يزيد عن سنتين ضمن اللجنة التقنية كان له دور أساس في كبح أي فعل نضالي منظم لرفض هذا النظام، فالبيروقراطية كانت تدافع بشكل شرس عن ما يتم إعداده و تنعته أنه نظام أساسي محفز، منصف و عادل، مما فوت الفرصة على الشغيلة التعليمية لأي رفض منظم، هذه المواقف كان لها دور كبير في عزل نضالات المفروض عليهم التعاقد، وموقفهم الرافض للنظام الأساسي والمشاركة ضمن اللجنة التقنية التي تعد هذا الهجوم.
إن المطلوب اليوم ليس الحوار، فالشغيلة رفعت مطالبها (إسقاط النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية و تجويد نظام 2003، إسقاط مخطط التعاقد)، بل هو يتوجب اتخاد القرار.
تجميد النظام الأساسي..
لنطرح هذا التساؤل: ماهو القانون الذي سيؤطرنا خلال فترة التجميد؟؟
طبعا مقتضيات النظام الأساسي ستظل سارية المفعول وهي المؤطر لوضعنا القانوني، بما يعني أن ما تقوم به الدولة هو محاولة لكسب الرهان، وعزل معركتنا عن التضامن الشعبي، لذا وجب الانتباه جيدا لهذه المناورات، والعمل الاعلامي المتواصل و الاستمرار في تجسيد الأشكال الاحتجاجية الميدانية، يوم الاربعاء 29 نونبر 2023 يجب أن يكون الرد قويا ويجب على الجميع الانخراط والتأكيد بأننا لا نطالب بالتجميد أو التجويد، بل نطالب بالسحب والاسقاط و إدماج جميع الأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد ضمن النظام الأساسي لسنة 2003 و تجويده، مع إحداث مناصب مالية في إطار قانون المالية، برسم الميزانية العامة لدولة، في باب نفقات الموظفين، الخاصة بموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
مستمرون في معركتنا…
وإنها لمعركة حتى النصر..
*سمير العشاق، أستاذ فرض عليه التعاقد
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News