
تازة والحمير السبعة
- الطيب أمكرود //
الحمار لغة حيوان من صنف الخيليات، أهلي، يحمل الأثقال ومن صفاته الصبر، ويحيل في المخيال الشعبي المغربي على البلادة والغباء، فعندما يوصف أحدهم بالحمار من قبل آخر فتلك سبة وتنقيص منه ومن شأنه، السبة الأكثر شيوعا بين جمهور اللعانين المغاربة.
فماذا يقصد بنكيران وهو يصف الذين لا يغردون من داخل سربه بالحمير؟ وهل فعلا من وصفهم بنكيران بالحمير حمير؟
إلى عهد قريب، كان ينذر أن تفتقد في كل بيت قروي مغربي دابة قد تكون حمارا أو بغلا، تقوم بكل الأشغال الشاقة، وتحظى بتقدير واحترام كل من يتنفعون من خدماتها، التي لا تكل ولا تتأفف من تقديمها، وتتلقى مقابلها طعامها وشرابها، وتقتنى لها الأكسيسوارات التي تعينها في أداء مهامها وتحمي جسدها، كالبردعة واللجام، ويخصص لها في كل بيت مكان خاص للنوم وتقديم الطعام بعد يوم منهك وشاق بمعية أحد أفراد العائلة، يتوج بتخليصها من الأكسسوارات الحمارية وتقديم الأكل لها قبل أن تخلد للنوم استعدادا ليوم جديد.
وعكس ما يظنه الكثيرون منا، ومنهم المسمى بنكيران الذي لم يرف له جفن وهو يصف كل من لا ينتسبون لقطيعه من المغاربة بالحمير والميكروبات، رغم أن منهم فئة عريضة صعد على أكتافها يوم سنة 2011، وأضحى بإمكانه البصم على قرارات حولت حياتهم وحياتنا إلى جحيم؛ فالحمار حيوان حنون قنوع حليم صبور موثر مثابر خدوم ذكي يعترف بالجميل، لا يمل من خدمة صاحبه، ولا يمن عليه، ولا يصدر عنه ما يبرز حنقه أو غضبه.
ولأن بنكيران أيقن تمام اليقين من كونه لن يستطيع مواصلة الضحك على الذقون اليوم بنفس الأسطوانة، أي الركوب على الدين والغرغرة والدموع، بعد أن كشفت عشر سنوات من تواجد إخوانه بموقع القرار عن حقيقتهم وأهدافهم وفشلهم، فانفض الناس من حولهم وهبطوا الهبوط المدوي للثامن من شتنبر 2021.
ولأن بنكيران استنفد كل أسلحته وأحرق كل أوراقه، ولم يعد يمتلك ما يمكنه به إقناع الناس لالانضمام إليه مرة أخرى قصد العودة من النافذة، ولأنه فقد الأمل فيهم، ولأنه يريد أن يحذر من بقي في حظيرته بكونهم سيصبحون حميرا لو عن لهم الخروج منها، كشر عن أنيابه ومد يده إلى قاع الجرة كما يقال فأخرج ما بها من نتانة لفظية في حق مواطنيه واصفا إياهم بالحمير والميكروبات.
لقد جرب بنكيران منذ أواسط السبعينيات طٌعم الدين، ركب صهوته وكون قطيعا ضخما أصبح كالسبحة في إصبعه، وركبوا على آلام الناس وآمالهم، استغلوا حاجتهم وعوزهم، فحج الناس من كل فج عيق على إخوان المغرب، فنفخوا ريشهم، وتأهبوا للانقضاض على المغرب، فكان لهم ما أرادوا يوم 25 نونبر 2011 فوصلوا مواقع القرار وهم يمتطون صهوة 20 فبراير وذاقوا طَعم المناصب.
جلس إخوان المغرب في قمرة القيادة إلى المقاعد الوثيرة، وما كادت كراسيهم تدفأ حتى أمطروا ناخبيهم وغير ناخبيهم بسلسلة من القرارات اللاشعبية غير المسبوقة، التي لم يستطع غيرهم البصم عليها، عشر سنوات من الضجيج والتنابز بالألقاب والتنمر على كل المخالفين والفضائح، صفق لهم من انخدعوا لشعاراتهم في البداية إلى أن كلت أيديهم، فانفضوا عنهم غير آسفين، وأرغموهم والشعب المغربي على المغادرة يوم 08 شتنبر 2021 بعد أن سقطت عنهم كل أوراق التوت التي كانت تستر سوءاتهم.
سيصرخ بنكيران من الألم، لم تعد الغرغرة تجدي، ولا الدينار ينفع، وعملة الدين سقطت في البورصة، لم تعد القفة تفي بالغرض ولا كفالة اليتيم، لم تعد دروس الوعظ تستقطب المغفلين، كيف لا وقد ذبح بنكيران الشعب المغربي، ومنه من اغتروا بشعاراته ومنحوه أصواتهم، ذبحهم من الوريد إلى الوريد بسلسلة قراراته التي غطت عشر سنوات، ونقلت المغرب إلى مصاف الدول الأكثر غلاء للمعيشة في العالم، فغادر القطيع الحظيرة أمام أعين بنكيران، الذي لم يعد يجد ما يغريهم به بالعودة بعد أن بارت كل سلعه القديمة.
وفجأة، وفي غفلة من الجميع، ستقدم حركة خماسي الصفويين الغبية لإخوان بنكيران وكل تجار المآسي في بلاد كلاخستان ورقة رابحة على طبق من ذهب، انقض عليها بنكيران وأصحاب القومة الموهومة وبقايا اليسار المخصي وعضوا عليها بالنواجد، سيحاولون اللعب بورقة فلسطين، وإعادة تجييش الناس، وإعادتهم لحظيرة الإخونج مستغلين عاطفة الدين والأمة، مجمعين بعضا من خردتهم القديمة المتآكلة محاولين بروح قضية تبعد عن المغاربة بسبعة آلاف كيلومتر ، استعدادا هذه المرة ليس لموقع القرار فقط بل لبسط السيطرة على الدولة، ولم لا إسقاطها، وهوما لم يتورع بعض الإخونج في التلميح له بل التصريح، خصوصا حركة الضلال والبهتان.
ستحاصر أسئلة الناس وشكوكهم ومواقفهم بنكيران من كل جانب، سينفض حواريوه من حوله، خصوصا العمود الفقري لحركته قبل 2021، رجال ونساء التعليم، بل خرجت أصوات تندد بما يجري من استغلال لقضية فلسطين لتحقيق أهداف الإخونج التخريبية والسياسية المقيتة، وأن مصالح المغرب فوق كل اعتبار، تعددت الأصوات التي انتقدت ما يقوم به تجار الأزمات والقضايا الإنسانية، ستحاصرهم من كل جانب، بل إن تلك الأصوات أضحت تئد المشروع البنكيراني البهتاني من كل جانب، فما كان منه إلا أن مد يده لقاع الخابية كما يقول المغاربة، فأخرج أحسن ما في جعبته من عبارات السباب، وهو وصف من لا ينتسب لقطيعه، ومن لا ينخدع لشعاراته بالحمير والميكروبات.
لا يا سيد بنكيران، إن الحمار لا يستحق منا كل هذا، ولا يستحق أن نشبه به من يحاولون رمينا في أتون محرقة الإخوان التي أتت على الأخضر واليابس في العديد من البلدان، لا يستحق أن نشبه به من يواصلون التحلق حولكم فاغرين أفواههم رغم حجم الكذب والبهتان والقرارات التي خربتم بها جيوبهم وجيوبنا، وألهبتم القدرة الشرائية للمواطن، وخربتم التعليم وأنتم تبصمون على التعاقد، وخربتم التقاعد، ودمرتم المقاصة، وبصمتم على التطبيع مع دولة إسرائيل لتعودوا اليوم محاولين اللعب على ذاكرة المغاربة.
إن ما اقترفتموه يا سيد بنكيران فظيع، فكيف تمنح لنفسك الحق في وصف إخوانك في المواطنة بالميكروبات والحمير فقط لأنهم لم يعودوا يستغفلون من قبل جماعتك، ومن أجل سواد جماعتك ومصالحهم، فمصالح المغرب فوق مصالحك الشخصية ومصالح جماعتك، ومستقبل أبناء المغاربة أولى، وسكينتهم وطمأنينتهم وأمنهم أسبق على أي قضية أخرى، ولن تكون أكثر غيرة على غزة من محمود عباس الذي وصف خماسي غيران بالكلاب وكل السلطة الفلسطينية، ولن يكون المغاربة أكثر فلسطينية من الفلسطينيين وكل العرب الذين لا نجد بينهم من هو مستعد لتخوين بلده وشعبه وسبهم بل والسعي لتدميره من أجل سواد عيون الإخوان ومشروعهم الجهنمي العالمي الذي لا يتوقف عن تخريب الدول والأوطان.
نعم يا سيد بنكيران: تازة قبل غزة، والمغرب قبل أي مكان آخر، والإنسانية كل لا يقبل التجزيء والانتقائية، فلماذا لا تبكون المكلومين والأيتام والأرامل في كل المناطق التي تدمرها الحروب، في السودان، في اليمن، في أزاواض، في أوكرانيا..، أم أن دم خماسي إيران أزرق زكي؟
وإن نجحت في القفز على الحمير سنتي 2011 و 2015، فذلك لم يعد ممكنا، وأنت وسط تازة وأهل تازة، ولم تعد هناك حمير كما ترتضيها وتريدها أن تكون، فتقوم بتجميعها في حظيرتك وتجعلها تصطف واقفة منتظرة بهلوانياتك لتصفق لك، فالمغاربة بكل أطيافهم باستثناء من انطلت عليهم طلاسمك، تخلصوا من مخدر الإخوان ولن يعيدوا أيديهم لجحركم الذي لدغوا منه على امتداد عشر سنوات.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News