الرأيالمجتمع

تارودانت : أيت عبد الله، على غرار جل قرى سوس، تحتفي صيفا بالصمت والركود دهرا

  • بقلم امحمد القاضي*//

من منا لا يعشق الفرجة والبهجة وإدخال السرور للقلوب والترويح على النفوس؟ لأن الصيف خلق للأعراس ولقاءات الهواء الطلق ونسيم البحر. الصيف موسم عودة المغتربين والسفر للجدور أواكتشاف المجهول وصلة الرحم بعد طول غياب وتعب شغل وروتين سنة.

بالنسبة لأهل تمازيرت، الصيف موسم الهجرة نحو الجنوب والعودة للجدور لتجديد الطاقة والتروي من منبع الإنتماء. لذا يحق لنا الإحتفاء بالإطلالة على الهوية والإحتفال بالتلاقي، وإحياء الموروث الثقافي والعمق الديني الصوفي لسوس العالمة.
الملتقيات الصيفية فرصة لجمع الشمل وربط الماضي بالحاضر وزرع روح الإفتخار بالإنتماء لموقع وهوية ضاربة في القدم صحبة ناشئة ولدت في عصر العولمة. المناسبة ولو عابرة تستحق المغامرة نحو الجنوب.

لكل من يعيب هذه السنة عن كثرة الملصقات المزركشة المعلنة عن المهرجانات، والإبداع على المواقع وغياب الجدية في الواقع. لكل من أراد أن يحرمنا من الفرجة ويقطع العادة الموروثة بحجة هدر المال أو أسباب أخرى، فرغم أن أعذاره تحمل جزءا من الصواب وحججه على جانب من الحق.

في المقابل ألا يستحق من صبر في القفار لسنوات، وخبر الجفاف لعقود، وظل مرابط بالجبال مدى الحياة وحكمت عليه الأقدار أن يعيش على الندرة جيل وراء جيل ويجرب الحيف والإقصاء والحرمان من ابسط الحقوق أن ينال موعد إستشفاء للحظات صيفا. فكل أدوية الدنيا في طب “الحكرة” لن تهدئ أعصابه وتسكن فورة وغليان دواخله، سوى نغمات احواش وجرعات فكاهة وجلسات الأحباب وموائد المعروف.

سهرات تمازيرت وصفات دواء قبل أن يختل العقل، نغمات وفن أحواش وأنشطة القرية شعرة فاصلة بين العقل والجنون.

فصل الصيف في تمازيرت وقت دفئ وموسم إستشفاء إستعدادا لحتمية عودة الإنزلاق القهري في ظغوطات الحياة، حين ينادي بداية شهر شتنبر بالفراق، وعودة فصول الغم والهم والوحدة والإنزواء في البيوت الباردة شتاء والحارة عيشا.

من عليه أن يخجل بالإحتفال، أو يستحي من الجلوس في الصفوف الأمامية وعليه أن يعتذر عن الحضور لكل دعوات الولائم التي ستجعله يختلط بالناس، هو كل منتخب لم يفي بالوعد، وكل مؤتمن خان الأمانة، وكل مسؤول عطل عجلة التطور في البلدة وكل فاعل ترابي هدر الزمن التنموي بأدرار، وكل حامل لقناع سقط منه بعد أن إفتضح أمره.
ما دنب الساكنة المسكينة المغلوبة حتى نحكم عليها بالحرمان في الحق في الفرجة وفسحة الصيف؟

مر على أيت عبد الله بإقليم تارودانت حين من الدهر دون أن تسعد بلحظات تكتل من أجل تنمية صادقة، فعسى أن يجعل الله من التكتل حول الفرجة تحول نحو الفرج.

فرجاء لا تخطئوا الخصم، إن خصمنا ليس هو فن أحواش، والضحية ليسوا هم المتفرجون.
الخصم والجلاد هو كل من جعل من الموسم فرصة إنتخابوية، وغيب فرص التعبئة وعمق الخلافات خذل شركاءه، ضيق الأفق، وأجهض الأحلام، وعرقل المشاريع وإصطنع أعذارا وهميا، وساهم في هدر زمن التنمية، وترك فراغات هوائية وثقب في عجلة التحديث وأثقل سرعة السير نحو الأفضل، كل من إسمه في الحصاد ومنجله مكسور.

هدفنا الموحد هو الإنتصار على التهميش والفقر والإقصاء.

أوقفوا جلد الذات، وإبحثوا عن الخصم في أعماق دواتنا في دهاليز أنانيتنا في عجرفة نفوسنا. فالخصم أقرب إلينا من حبل الوريد.

ولم اجد خاتمة أفضل من مقطع معبر عن الحالة من أغنية خالدة لمجموعة إزنزارن تقول:

“مداوا تريت تكنداوت أوريد سوغراس ## إساوا ترام أنني الحق أرنسوال…
إدا ليمان دويدا كشمنين إواكال….
أ الله أكما ونا خترجيت تيفاوين ## أركيك دو بوكاد إجلو ياك أغراس…”

عفوا شرح لكلمات الاغنية:

تقول الاغنية ما معناه:
“اترك ‘الطنز’ وعد للصواب،
هل تسمح لي بقول الحق؟
غابت الثقة مع الذين غادروا لدار البقاء،
والله من ترجيت منه فسحة أمل، سيجعل منك شخصا أعمى ويضلك عن الطريق”: إزنزارن أغنية “تكنداوت”

*رئيس جمعية تيويزي للتنمية الإجتماعية لأيت عبد الله.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى