بويعقوبي: تنظيم “بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير” يعتبر تحولا كبيرا وإشعاعا أكبر للتظاهرة نفسها وللمدينة ولسوس
أجرى الموقع “أكادير اليوم” هذا الحوار مع الأستاذ الحسين بويعقوبي بصفته نائب مدير الدورة الأولى ل”بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير”، المقرر تنظيمه أيام الجمعة والسبت والأحد 21\22\23 يوليوز 2023 بمدينة أكادير.
بحكم تخصصكم واهتمامكم بالموضوع، كيف تُعرّفون عادة “بيلماون” للمغاربة الذين لا يعرفون هذا الموضوع؟
بيلماون أو بوجلود أو هرما…ممارسة ثقافية قديمة جدا بشمال إفريقيا عامة والمغرب على وجه الخصوص، وتحمل تسميات عدة حسب المناطق. يمارسها الجميع سواء كان ناطقا بالأمازيغية أو ناطقا بالعربية.
وتعتمد في الأصل، كما وصفتها بعض النصوص الفرنسية لفترة الحماية، على لبس جلود الماعز أو الأكباش المذبوحة يوم عيد الأضحى، والتنكر داخلها ثم القيام بجولة في الدوار لنشر الفرح والفزع بين الساكنة، وكانت ترتبط بها معتقدات كثيرة لها علاقة بالتبرك، وإبعاد الشر وجلب الخير، كما يمكن أن يرافق لابسي الجلود مجموعة أخرى متنكرة في أقنعة وأزياء تنكرية تصنع من المواد المحلية وتقدم عروضا مسرحية هزلية عن طريق شخوص متنكرة تنتقد فيها مختلف الظواهر المجتمعية.
وقد استمرت هذه العادة إلى اليوم وتطورت لتصبح كرنفالا كبيرا، خاصة في بعض مدن سوس كالدشيرة الجهادية و انزكان والمدن المجاورة، في حين انقرضت هذه الممارسة في مناطق أخرى.
هي إذا باختصار جزء من التراث الثقافي اللامادي المغربي، ويتميز به اليوم عن باقي بلدان شمال إفريقيا.
كيف جاءت فكرة تنظيم الدورة الأولى ل”بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير”؟
مؤسساتيا هو تحقيق لنقطة واردة في برنامج العمل الجماعي (2022-2027) الذي صادقت عليه جماعة أكادير في إطار الأنشطة المبرمجة للتنشيط الثقافي بالمدينة، ويندرج أيضا في إطار تعزيز الهوية الثقافية الأمازيغية لمدينة أكادير كما التزمت الجماعة بذلك.
أما فكريا، فهذا الكرنفال هو تحقيق لجزء من التصور الذي طالما طالب به المهتمون بهذا الموضوع في العديد من اللقاءات والندوات المحلية والوطنية والدولية، على مدى عشرين سنة والتي خرجت منها توصيات هامة، لم تجد في ما مضى طريقها للتنفيذ.
كما أن تنظيم هذا الكرنفال بقلب مدينة أكادير، بعدما كانت هذه الممارسة تُدفع ل”الهوامش”، يعتبر تحولا كبيرا من شأنه أن يعطي إشعاعا أكبر لهذه التظاهرة ويُعرّف بها أكثر على المستوى الوطني والدولي.
كيف تلقى الرأي العام إعلان تنظيم الدورة الأولى ل “بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير”؟
منذ أن نشر ملصق الكرنفال مرفوقا بإعلان مكتوب بالأمازيغية كانت الأصداء جد ايجابية من خلال تعاليق المتتبعين التي أشاد أغلبها بالفكرة وحبذوها، واعتبرها بعضهم تحقيقا لحلم كان يراودهم منذ زمان، كما وجد فيها البعض دعما قويا لهذا الموروث في مواجهة تيارات معينة تعارضه، وفي المقابل عبر البعض عن رأيه بخصوص تداعيات تنظيم هذا الكرنفال بأكادير، و تخوفه من تأثير ذلك على المهرجانات التي تنظم تاريخيا في المدن المجاورة لأكادير، خاصة الدشيرة وانزكان. وعلى العموم كانت الأصداء ايجابية.
كيف تردون على من ينتقد “تهريب” هذا الكرنفال من الدشيرة وانزكان إلى أكادير؟
شخصيا أتفهم خوف شباب الدشيرة وانزكان من تداعيات بروز كرنفال دولي لبيلماون بأكادير، خاصة وأن جماعة أكادير وضعته ضمن برنامج عملها للخمس سنوات المقبلة، مع ما يعنيه ذلك من تخصيص ميزانية معينة لذلك والبحث عن شركاء آخرين، وفي المقابل لازال شباب الجماعات التابعة لعمالة انزكان أيت ملول يناضلون بإمكانياتهم المحدودة جدا للحفاظ على استمرارية هذا الكرنفال.
وهذا الوضع يستلزم من الجماعات المعنية وضع موضوع “كرنفال بيلماون بودماون” ضمن أنشطتها الثقافية الكبرى وتخصيص الميزانية الضرورية ليكون في مستوى انتظارات شباب هذه المناطق.
كنت شخصيا، إلى جانب الأستاذ أحمد صابر، المدير الحالي للدورة الأولى ل” بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير” من العناصر المساهمة في إنجاح دورة 2014 بانزكان والدشيرة، وكانت نموذجية بشهادة الجميع، وأعطت مؤشرات قوية للتطور للأحسن، لكن هذا “المولود الجميل” لم يُكتب له الاستمرار في الحياة والتطور كما كنا نأمل.
ومع ذلك أقول، لازال الوقت مبكرا لتطوير تجربة الجمعية الإقليمية لكرنفال بيلماون بودماون، على مستوى عمالة انزكان أيت ملول، وفق ما يقتضيه السياق الحالي وبناء على تصور واستراتيجية واضحة، وأكيد ستجد في الكرنفال الدولي لأكادير كل الدعم، في حدود ما يسمح به القانون وفي إطار استراتيجية عامة لتطوير هذا الكرنفال على مستوى جهة سوس ماسة.
ولذلك لا مكان للحديث عن أي “تهريب” لأن أحياء أكادير أيضا معروفة باحتفالها ببيلماون، وكان أكادير أوفلا وتالبرجت قبل الزلزال مسرحا له، ومن حق الجماعة أن تفكر في تأطيره وتطويره كما طالب بذلك شباب المدينة، وهذا يحدث أيضا في جماعات أخرى قريبة كتغازوت وأورير أو بعيدة كايمي ن تانوت بجهة مراكش أو في سلا نواحي الرباط.
ما هو المنتظر من الدورة الأولى ل”بيلماون، الكرنفال الدولي لأكادير”؟
أعتقد أنه، ككل التجارب الأولى، فالهدف الأساس هو التأسيس لكرنفال دولي لبيلماون بأكادير، يجعل من هذه الممارسة الثقافية العريقة، مادته الأساس، بحفاظها على الخصوصيات المغربية وانفتاحها أيضا على العالم.
كما ستعمل هذه الدورة على أن تجعل من أكادير نقطة جذب لكل الراغبين في المشاركة على مستوى جهة سوس ماسة باعتبار أكادير عاصمة الجهة، وحتى لبعض المناطق المجاورة للجهة، ولم لا مستقبلا لكل المغاربة عشاق الأقنعة والألبسة التنكرية، كما سيكون الكرنفال مناسبة لإظهار الغنى والتنوع الثقافي والتراثي للجهة، وفرصة ليظهر الشباب قدراتهم الإبداعية، كما ستكون أيضا فرصة لقياس إمكانية نجاح هذا الكرنفال في أكادير والإمكانيات التي يوفرها ليساهم في التنمية الاقتصادية والثقافية والسياحية لأكادير وجهة سوس ماسة عامة.
والأمل مستقبلا هو أن تكون أكادير من المدن الكرنفالية الكبرى مثلها مثل فونيز الايطالية وريو دي جانيرو البرازيلية ونيس الفرنسية وبانش البلجيكية.
كما أن تقديم ملف متكامل للاعتراف ببيلماون تراثا إنسانيا عالميا من طرف اليونيسكو أصبح ملحا.
- حاوره الحسن باكريم
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News