الرأي

بوبكر أنغير:  الجزائر تستغل رئاستها لمجلس الأمن لمعاداة الوحدة الترابية للمملكة..فهل يحاول نظام تبون صناعة نصر وهمي ضد المغرب؟

استهل مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، مطلع سنة 2025، بالترويج لمغالطات متكررة حول قضية الصحراء المغربية، مستغلاً رئاسة بلاده لمجلس الأمن الدولي لهذا الغرض.

وفي تصريح أدلى به خلال مؤتمر صحفي، زعم بن جامع أن الجزائر، بصفتها عضواً في المجتمع الدولي وفي مجلس الأمن، ستدافع عن تطبيق ما وصفه بـ”حل سلمي يتماشى مع القرار الأممي 1514″ المتعلق بمنح الاستقلال للشعوب المستعمرة، مشيراً إلى ما أسماه “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.”

وأعاد المندوب الجزائري التأكيد على تمديد عهدة بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” التي جددها مجلس الأمن الدولي قبل ثلاثة أشهر، معتبراً أن هذه العهدة ستستمر إلى نهايتها.

وعلى الرغم من ذلك، أقر بأن الجزائر لا تعتزم إعادة إدراج قضية الصحراء المغربية على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي إلا إذا طرأت تغييرات جوهرية في الوضع القائم.

يرى بوبكر أونغير، الباحث في العلوم السياسية وتاريخ العلاقات الدولية، أن استمرار الجزائر في إدراج ملف الصحراء المغربية في كل مناسبة أممية أو منصب دولي يعد دليلاً واضحاً على عزلة النظام الجزائري على المستوى الدولي.

وأوضح أونغير أن هذا النهج يعكس عدم قدرة قصر المرادية على التكيف مع المتغيرات السياسية العالمية، حيث لا يزال يركز على قضايا هامشية لا تحظى بأولوية لدى المجتمع الدولي الذي يضع تعزيز الأمن الغذائي، الطاقي، وحل النزاعات سلمياً في مقدمة اهتماماته.

وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أشار أونغير إلى أن النظام الجزائري، بدلاً من الانخراط في الديناميات الجديدة التي تعزز السلام والاستقرار، يصر على سياسات تقليدية متجاوزة لم تعد تخدم مصالحه أو تدعم مكانته الدولية.

وأضاف الباحث، أن الجزائر في محاولتها لتصدير أزماتها الداخلية، تستخدم ملف الصحراء المغربية كوسيلة لتشتيت الانتباه عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها داخلياً، وهو ما يؤكد فشلها في تقديم حلول مبتكرة لمشاكلها الداخلية.

وأكد المتحدث، أن السياسة الخارجية الجزائرية باتت تركز على استغلال أي منصب أممي أو فرصة دولية للترويج لسياسات تركز على الصراع وإثارة الفتن، خاصة عبر استهداف الوحدة الترابية للمغرب.

وأبان أونغير أن هذا التوجه يعكس عزلة سياسية خانقة يعيشها النظام الجزائري بسبب خسارته لعدد من حلفائه التقليديين، خاصة في الشرق الأوسط، حيث ضعف نفوذ نظام بشار الأسد وحزب الله أثر على مكانة الجزائر في المنطقة.

♦تأثير محدود

لفت أونغير إلى أن هذا الفشل السياسي يتزامن مع النجاحات المتتالية التي حققتها الدبلوماسية المغربية، والتي استطاعت أن تثبت للعالم جدية مواقفها المتوازنة واحترامها للشرعية الدولية.

وأشار الباحث إلى أن المغرب نجح في بناء شراكات استراتيجية مع الدول الكبرى، مما ساهم في تعزيز مكانته كقوة إقليمية صاعدة، في حين ظل النظام الجزائري عالقاً في سياسات تقليدية تقوم على المواجهة وافتعال الأزمات.

ونبه المحلل السياسي إلى أن النظام الجزائري يعتمد بشكل مفرط على خطاب عدائي واستفزازي في المحافل الدولية، مستفيداً من بعض المناصب الشكلية مثل رئاسة مجلس الأمن أو المشاركة في اللجان الأممية.

ومع ذلك، أوضح أونغير أن تأثير هذه المناصب يظل محدوداً في ظل سيطرة القوى الكبرى على صياغة السياسات الدولية. مؤكدا أن هذا الخطاب العدائي يعكس حالة من التخبط السياسي، حيث يصر النظام على مهاجمة المغرب بدلاً من التركيز على القضايا الأساسية التي تهم المجتمع الدولي.

وأبان أونغير أن الجزائر بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة لسياساتها الخارجية لتواكب التحولات الدولية، مشدداً على ضرورة تجاوز خطاب الحرب الباردة الذي يطبع الدبلوماسية الجزائرية. ومضيفا أن النظام الجزائري مطالب بتبني رؤية جديدة تقوم على الانفتاح والتعاون بدلاً من التركيز على الصراعات التي استنزفت موارد البلاد وعزلتها دولياً.

وسلط الباحث الضوء على الطريقة التي يستغل بها النظام الجزائري المحافل الأممية والإقليمية لنشر خطاب عدائي ضد المغرب، مشيراً إلى أن هذا الخطاب يفشل في تحقيق أهدافه بسبب وعي المجتمع الدولي بحقيقته. ومؤكدا أن المجتمع الدولي أصبح مدركاً للطبيعة الزائفة لهذه الادعاءات، مما أضعف من تأثير الحملات الدبلوماسية الجزائرية.

♦الجزائر مطالبة بإصلاحات داخلية

أضاف أونغير أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، تبنى سياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر، مؤكداً أن المغرب يدرك أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق التنمية والاستقرار. ومع ذلك، أشار إلى أن النظام الجزائري يستغل هذه المبادرات الإيجابية للترويج لما يصفه بـ”فزاعة المؤامرات الخارجية”، في محاولة لتعطيل الوحدة المغاربية وتعزيز سياساته القمعية في الداخل.

وأكد الباحث أن استمرار الجزائر في هذا النهج العدائي يعكس تخبطها السياسي وضعف رؤيتها الاستراتيجية. مشيرا إلى أن النظام الجزائري يعاني من عجز واضح عن التكيف مع المتغيرات العالمية، مما يعمق من أزماته الداخلية ويزيد من عزلته الدولية. وموضحا أن هذا النهج يعكس فشلاً سياسياً واقتصادياً يضع مستقبل الجزائر في خطر.

وأشار أونغير إلى أن النظام الجزائري مطالب بإجراء إصلاحات داخلية حقيقية تشمل تحسين أوضاع حقوق الإنسان، واحترام حرية التعبير، وإنهاء اضطهاد سكان منطقة القبائل. مشددا أن الجزائر بحاجة إلى تركيز مواردها وجهودها على تحقيق التنمية الداخلية بدلاً من استنزافها في محاولات عدائية ضد المغرب.

وختم أونغير تصريحه بالتأكيد على أن الحل الوحيد للنظام الجزائري يكمن في التكيف مع التحولات الدولية والانخراط في مسارات سلمية تخدم استقرار المنطقة. داعيا النظام إلى إعادة ترتيب أولوياته بما يخدم مصالح شعبه، مشدداً على أن التعاون الإقليمي وبناء جسور الثقة مع الجيران هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى