الثقافة

بمناسبة تكريمه بمدينة المحمدية.. حميد بناني أو شرف سينما المؤلف

  •  محمد بكريم //

“حميد بناني” هو أكثر من مجرد انه اسم رمز، إنه عنوان -جنيريك لاتجاه ضمّن للسينما المغربية ترسيخًا مزدوجًا جماليًا وثقافيًا. هذا المكناسي الأصل، المدينة الرمزية لعشاق السينما المغربية، جاء إلى السينما عبر الطريق الملكية لتكوين مزدوج سينمائي وأكاديمي. إنه اساسا خريج المدرسة السينمائية الباريسية المرموقة L’IDHEC، قسم الإخراج والإنتاج.

تكوين متخصص قام بإثرائه بدراسات جامعية مكنته من اكتساب / تملك معارف مستمدة من العلوم الإنسانية، علم الاجتماع، التحليل النفسي وعلم الدلالة بشكل خاص. معارف ستغذي عمله كمخرج وتعد الأرضية الأبستمولوجيا والجمالية لفيلمه الروائي الطويل الأول “وشمة “، في عام 1970.  ونحن امام تاريخ محوري في تاريخ السينما المغربية.

“وشمة” في الواقع فيلم افتتاحي ومؤسس.

افتتاحي لأنه يفتح الطريق لما سيدخل في تاريخ السينما المغربية كـ«عقد المؤلفين»، تلك الخاصة بجيل السبعينيات. التي ستضمن للسينما المغربية ليس فقط أفلامًا لا تُنسى لدى عشاق السينما، بل ستفتح الطريق أيضًا لاتجاه سيضمن لها سمعتها الدولية (فيلم “ويشمة” هو أول فيلم مغربي يحصل على جوائز دولية مرموقة) ومشروعيتها الفنية والثقافية.

مؤسس، لأنه في نمط إنتاجه وفي كتابته، يقدم نموذجًا مضادًا للسينما السائدة. فيلم مؤسس لجمالية تسعى إلى إدراج عالمية اللغة السينمائية في مجموعة من الرموز المستوحاة من الصور والأساطير الشعبية. الشخصية الرئيسية في الفيلم طفل يتيم (هل نبدأ من الصفر؟) يعيش ازمة هوية مركبة. حكاية يمكن قراءتها كاستعارة لمجتمع وفن يبحثان عن طريق أصيل.

يكفي أن نقول اليوم إن الفيلم لا يزال يتصدر جميع الاستطلاعات حول الأفلام البارزة في تاريخ السينما المغربية.

هل يجب التذكير بمناسبة هذا التكريم الملائم بأن حميد بناني هو مؤلف عمل متماسك في اختياراته الجمالية وفي أهدافه الثقافية: بما يعني اقتراح مشروع سينمائي بخلفية ثقافية. سينما موجهة لجمهورها الأول تغذيها رموز وعلامات مستمدة من واقع  ثقافي متعدد.

عمل مكمل بنهج أقول إنه “مواطن” لأن بناني لا يتردد في الانخراط في جهود نقل المعرفة، خاصة تجاه الشباب، من خلال تنشيط ورش عمل وتنظيم فعاليات سينمائية متميزة. كما أنه مبدع لا يتردد في تنويع وسائل الإبداع من خلال الجمع بين السينما والتلفزيون، السينما والأدب بشكل متناغم: فهو الأول مثلا الذي اشتغل على “اقتباس مضاد” أي الانطاق من الفيلم  الى الرواية الأدبية.

على عكس ما هو سائد. التحويل الروائي الذي يتضمن هذه المرة الانتقال من السرد السينمائي إلى السرد الأدبي… بروايته، “آخر أغنية للمتمردات”…

هذا يعني أن التكريم الذي يقدمه هذا المهرجان الشاب (مهرجان فضالة) لهذا الرائد المبتكر هو في وقته، ويحمل رسالة رمزية إلى صانعي الأفلام الشباب، سينمائيي المستقبل، مفادها أنه إذا كان انجاز فيلم واختيار السينما كمهنة أصبح اليوم في متناول الجميع وإذا كان المغرب ينتج سنويًا معدل 30 فيلمًا طويلًا ومئات الأفلام القصيرة… فهذا يعود إلى التضحيات، والإيثار، والمثابرة من الرواد الذين حافظوا على شغف السينما خلال رحلة السنوات العجاف الطويلة…

ومن جانبي، فإن المساهمة المتواضعة في هذا التكريم هي أولاً واجب وطريقة لأقول:

شكراً عزيزي حميد.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى