الرأيالمغرب اليوم

انفكت النية عن القول وعن العمل …

  • مصطفى المتوكل الساحلي*//

 

قال سيدنا علي (ض) :

 “ألسنة الحكماء تجود بالعلم، وأفواه الجهال تفيض بالسفه.”

النية والقول والعمل تشكل مجتمعة حقيقة الشخص وطبيعته وسياقات علاقاته مع نفسه وأسرته ومحيطه ومجتمعة والشعب والناس كافة ، وتتأثر بشكل متباين بالتربية والثقافة والدين والمعتقدات الوضعية والعادات والتقاليد ..

كما تتلبسها تفاهات وسخافات وكل أنواع الانحطاط والتفسخ التي يضع قواعدها العبثية أراذل من المجتمع لا أهداف عندهم إلا إفساد العلاقات والأخلاق والسلوك والخدمة المجانية أو المؤدى عنها لأية أجندة تؤطر مساعيهم أو تحقق مصالحهم ،،

وبغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم فهم يستهدفون تعطيل كل القيم التي تنهض بها الحضارات وتتقدم الأوطان والدول مع شل الوعي العام والضمير الايجابي حيث يثمنون وينظرون للتفاهات التي يوهمون المستهدفين بأنها هي حداثة وتقدم وعصرنة وتحرر ونيتهم المبيتة تتعمد تشويه توصيفات ومعايير تصنيف رتبة الدول في سلالم الديموقراطية والتحضر والعدالة ،،

إنهم يعبؤون لانتحار جماعي ولتعطيل إرادة من ينتظر منهم أن يكونوا رجال ونساء الغد الموعود حيث يستدرجونهم ويزينون لهم السوء والخداع والمكر والإنتهازية وقلة المروءة على أنها شطارة وذكاء وتحرر و..

إن نياتهم فاسدة وأقوالهم مضللة وأفعالهم تتعمد خلخلة بوصلة العقل / الوعي ليستحيل معها ضبط الاتجاه السليم والطريق القويم الذي يقود إلى الأهداف والغايات التي بها يبنى الفرد والشعب والوطن والدولة وبها تعمر الأرض وتحمل الأمانات على المراد العقلي الرصين والمراد الديني الحق ،،

إن الدفع بمقولة ” إذا عمت هانت ” و ” إن لم تشغل الناس وتلههم عما يجب عمله فسيشغلونك ويزعجونك ” تسبب ويتسبب في تلويث وإفساد البيئة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،، ومن آليات ذلك اعتماد الخساسة والخلاعة والوضاعة في الكلام الدارج العامي وملئه بكل ما يخدش الحياء والوقار وشحنه بإساءات للوالدين عامة والنساء والأمهات خاصة..

فأصبح التباهي بينهم بمن يحطم الرقم القياسي في التفاهة والقبح وبشاعة ودمامة ومسخ … ، وانبرى لذلك أيضا البعض من الذين ابتلي بهم المشهد السياسي والاجتماعي و “الثقافي ” و ” التراثي ” ، كما تصاعدت وثيرة التنافس للترويج للعبث والمسخ والتفاهات والدناءة والحقارة بالفضاءات العمومية وفي مواقع ووسائط منحرفة للتواصل الاجتماعي ،،

ولنا أن نقول إن أخطر ما يتهددنا هو تسميم الأوساط المدنية والاجتماعية بتكسير هويتنا الثقافية والروحية والمدنية الاصيلة التي نمتلك بها ناصية التقدم والتميز والتشبع بقيم الوطنية والوفاء الصادق اللامتناهي للوطن..

معضلتنا المعاصرة تفكك العلاقات الايجابية بين النية والكلام والعمل وحلت بدلهما بنسبة مقلقة قصد مبيت تقابله أقوال حربــائيـة منافقة للقيام بأعمال تجر وراءها منفعة شخصية أو طمعا أو أي أمر يدبر في زوايا النفس الأمارة بالسوء .

عن عمر بن عبد العزيز (ض) قال: (من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.)

إن مسؤولية الدولة والقوى الحية شعبية ومدنية او دستورية هي التعجيل بإطلاق مسيرة إصلاحات بناءة جوهرية تطال المجتمع في مجالات التربية والتعليم والتأطير والإعلام والتواصل العمومي وتخليق الحياة العامة ،، وكبح وتعطيل الإرادات الهدامة وحماية المؤسسات والشعب من المفسدين والرويبضات و..

إن كل عمل صالح وراءه نية صالحة ، وكل عمل وفعل فاسد وراءه نية فاسدة وقصد سيئ ..

قال -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله لا يقبل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه”.

  • *تارودانت : السبت 29 يوليوز 2023.
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى