
انتكاسة الانتقال الطاقي بالمغرب: ارتجالية حكومية تكلف البلاد تراجعًا دوليًا وخسائر استراتيجية
- بقلم: حسن كرياط//
في خضم التحولات العالمية المتسارعة نحو الطاقات النظيفة، تسجّل بلادنا انتكاسة مقلقة على مستوى مشاريع الانتقال الطاقي، تنذر بتداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة.
فقد كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في أحدث تقاريره عن تراجع المغرب بخمس مراتب في مؤشر أداء الانتقال الطاقي العالمي، ليستقر في المرتبة الـ70 دوليًا، بعد أن كان يُصنف كنموذج صاعد في مجال الطاقات المتجددة. هذا التراجع ليس مجرد رقم، بل مؤشر صارخ على تعثر السياسات البيئية وغياب الرؤية الاستراتيجية.
السبب الأبرز لهذا الانحدار، بحسب المراقبين، هو تعطيل الحكومة للميثاق الوطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة، وهو الوثيقة المرجعية التي كان يُعوَّل عليها لضمان انسجام السياسات البيئية مع أهداف التنمية المستدامة والتزامات المغرب الدولية.
لكن النقطة التي فجّرت الجدل، تتعلق بإعلان شركة XLinx البريطانية عن إلغاء مشروع ضخم لنقل الطاقة المتجددة من جهة گلميم واد نون إلى المملكة المتحدة، عبر أطول كابل كهربائي بحري في العالم.
المشروع، الذي كانت تُقدّر كلفته بـ34 مليار دولار، كان من المرتقب أن يُحدث ثورة نوعية في الاستثمار الأخضر بالمغرب، ويجعل من المملكة منصة دولية لتصدير الكهرباء النظيفة نحو أوروبا.
هذا الإلغاء المفاجئ، الذي لم تقدّم الحكومة بشأنه أي توضيحات مقنعة، يكشف بوضوح غياب الحكامة، وضعف الثقة، وارتجالية في تدبير الشراكات الاستراتيجية، خاصة تلك المرتبطة بقطاعات حيوية كالماء والطاقة والبيئة.
كما يُطرح السؤال الجوهري:
كيف لبلد اختار عن قناعة التموقع ضمن الدول الخضراء، أن يفوّت على نفسه مثل هذه الفرصة التاريخية؟
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد “تأخير تقني” أو “تعديل في المشاريع”، بل هو فشل سياسي بامتياز تتحمل الحكومة كامل مسؤوليته، في وقت أصبحت فيه الطاقات المتجددة العمود الفقري للاقتصاديات الصاعدة، والمفتاح الرئيسي للأمن الطاقي والاستقرار المناخي.
إن بلادنا، التي راكمت تجربة محترمة في مجال الطاقات الشمسية والريحية، مطالبة اليوم بمراجعة أولوياتها، وإعادة الاعتبار للاستثمار في البيئة كرهان استراتيجي، لا كمجرد شعار موسمي. فالتنمية المستدامة ليست رفاهية، بل ضرورة وجودية في عالم تتغير موازينه بسرعة.
فهل تستفيق الحكومة من سباتها قبل فوات الأوان؟

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News