الرياضة

الولاء لمن؟ عن حسنية أكادير وجماهيرها…

If there’s no enemy within, the enemy outside can’t do us no harm
African proverb

بدون عدو داخلي، العدو الخارجي لن يصيبنا بسوء.
مثل افريقي

دجنبر 1946 نسجت اولى خيوط قصة حسنية أكادير على يد نخبة من المقاومين المنتمين للحركة الوطنية، فكان قدر الفريق منذاك المقاومة وتحدي الصعاب، فمن بحث قليلا في تاريخ وظروف التأسيس وما بعده سيعرف ما حيك ضد حسنية المقاومة من دسائس خرجت منها منتصرة بإرادة أبنائها، اذ تتجاوز غزالة سوس فريق كرة قدم الى ان تكون رمز سوس وسفيرة اللغة والثقافة الأمازيغية، وهي بالتالي لا تتهرب من قدرها الذي جعلها عنوان المقاومة في أفق الإنتصار .

ان بحثنا عن أسباب تغلب الحسنية على الصعاب التي قضت مضجعها في ما مضى، سنجد ان العدو دوما ما يكون خارجي، سواءا تمثل في الادارة الفرنسية او شيء أخر، كان العائق خارجي، وبإرادة ابنائها تتحصن لتدافع عن نفسها وتقفز الغزالة برشاقة على تلك المعيقات، فماذا لو كان العدو هذه المرة داخلي ؟

لنترك التاريخ وبكائياته وأطلاله ونوستالجيته، لنتأمل وضعية الحسنية اليوم، المركز الرابع عشر من أصل ستة عشر فريق، برصيد نقطتين من 6 جولات، مشاكل تسييرية ومكتب الكل يدعوه للإستقالة، تركيبة بشرية تبين عدم فعاليتها، ضائقة مالية أسوة بالغالبية العظمى من الفرق الممارسة بالبطولة الاحترافية بكل اقسامها، وما خفي كان أعظم…
وضعية الحسنية يقال عنها باللسان الدارج “تشفي العدو”، وما من منقذ على ما يبدوا سوى التآزر والتفاهم والتضامن وخلق قنوات لمقاربة تشاركية يدلي الكل فيها بدلوه حتى نتوصل للداء واستئصاله او البحث عن دواء ممكن له ان أمكن الشفاء منه، لكن هذا لم يقع، الذي وقع أن الأطراف كلها يدفعها الصراع الميركانتيلي، انا الذي على حق وكل من خالفني هو عدوي، وكل من عاداني هو على باطل.

تنقسم جماهير حسنية أكادير الى فصيلين، فصيل ايمازيغن، ثم فصيل المتمردون الحمر (ريد ريبلز)، يختلف الفصيلين مبدئيا في الشعارات والاغاني واللواءات والهوية البصرية المميزة لكل واحد منهما، لكن تجمعهما راية واحدة هي راية الحسنية، يجمعهما هم واحد هو أن تكون الحسنية في أحسن أحوالها، احسن احوالها يعني ان تنافس على الالقاب، ان تبحث عن المشاركة في الواجهة الافريقية، ان تحصد النتائج، وليس ان تقبع في المراكز الاخيرة وتتخبط في المشاكل التسييرية والمالية، وليس أن يهجم هذا الفصيل على ذاك، ان يضرب مناصري هذا الفصيل مناصر ذاك، فقط لأنه لا ينتمي لنفس المجموعة التي انتمي اليها، وينتمي الى مجموعة اخرى لها نفس الهدف الذي للمجموعة التي انتمي اليها، في الأمر بعض التناقض الذي يجعلنا نتساءل، لمن يقدمون هؤلاء الشبان ولاءهم؟ هل للحسنية أم للفصائل التي ينتمون اليها؟

جاء هذا التساؤل بعد الأحداث المخجلة التي عقبت مباراة حسنية أكادير وشباب المحمدية، حيث هجمت عناصر من فصيل إيمازيغن على فصيل ريد ريبلز (وهم ينتميان لنفس المدينة ويشجعان نفس الفريق)، وتم سرقة الثوب (الباش) الخاص بفصيل المتمردين الحمر، وطعن شاب منتمي لهذا الفصيل أراد ان يدافع عن “باش” مجموعته طعنة كانت قاب قوسين او ادنى من ان تخترق قفصه الصدري وتنهي حياته التي كتب له فيها فصل جديد بعد ان تم اسعافه، وهو الأن في إحدى مصحات مدينة اكادير وحالته تنتقل من حسن الى احسن للطف الأقدار الالهية.

ما الذي يقع بين شباب كانت الحسنية والمدينة تأمل في أن يكونوا هم حاملوا مشعل تقدمها وتنميتها، ما الذي يقع لفريق تشردمت المكونات من حوله في الوقت الذي تنتظر منهم ان يلتفوا حولها، ما الذي يقع لإنسانية مفقودة سمحت لحيوان بشري بأن يطعن انسان رغبة في قطعة قماش، ما الذي يقع لإسم تلطخ بدماء الغدر، وهي صفة لا توجد لدى إيمازيغن، ما وقع هو وصمة عار ستبقى في جبين كل المنتمين للفصيل الذي هاجم ابناء مدينته، وذنب لا يغتفر، وتدنيس غير مقبول لأخلاق السوسيين.

وفي الاخير هناك ضحية وحيدة، غزالة معطوبة، غير قادرة على تخطي العقبة التي أمامها، لأن عدوها هذه المرة يكمن بداخلها …

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى