الثقافة

النادي السينمائي نور الدين الصايل ينوه بالفنان حسن بديدة: “الممثل العصامي المعطاء والخدوم”..

نعيد نشر مقال الاستاذ “أحمد سيجلماسي” حول الفنان حسن بديدة، بمناسبة استضافته من طرف النادي السينمائي نورالدين الصايل في إطار  “ويكاند سينمائي” المخصص للمخرج الشاب هشام لعسري  يومي الجمعة والسبت 28 و29  يونيو 2024 بسينما صحراء بأكادير.

المقال :

“من المعلوم عند المتتبعين أن حسن بديدة من الممثلين القلائل المتمكنين من أدوات التعبير بحركات جسمهم وتقاسيم وجههم وصمتهم وكلامهم … وأرى فيه شخصيا امتدادا نوعيا للممثل القدير محمد الحبشي (1939- 2013)، فهو يشبهه في كثير من الأشياء شكلا ومحتوى .

عشق بديدة خشبة المسرح ولا يزال، منذ أكثر من أربعة عقود، ومنها انطلق نحو السينما والتلفزيون، حيث كثر الإقبال على خدماته في العديد من الأفلام السينمائية المغربية، خصوصا بعد دوره المتميز والتلقائي في فيلم “هم الكلاب” (2013) للمخرج هشام العسري، وهو الدور الذي نال عنه جائزة أحسن تشخيص داخل المغرب وخارجه .

من أفلامه السينمائية الطويلة الأخرى، التي شخص فيها أدوارا متفاوتة القيمة، نذكر العناوين التالية: “عصابات” (2023) لكمال لزرق، “واحة المياه المتجمدة” (2022) لرؤوف الصباحي، “السلعة” (2020) لمحمد نصرات، “خريف التفاح” (2020) لمحمد مفتكر، “سيد المجهول” (2019) لعلاء الدين الجم، “هلا مدريد، فيسكا بارصا” (2019) لعبد الإله الجوهري، “كمبوديا” (2019) لطه محمد ابن سليمان، “من أجل القضية” (2019) لحسن بنجلون، “ولولة الروح” (2018) لعبد الإله الجوهري، “كيليكيس.. دوار البوم” (2018) لعز العرب العلوي لمحارزي، “ضربة في الرأس” (2017) لهشام العسري، “حياة” (2016) لرؤوف الصباحي، “ميموزا” (2016) لأوليفر لاكس، “أدور” (2016) لأحمد بايدو، “البحر من ورائكم” (2015) لهشام العسري، “ميلوديا المورفين” (2015) لهشام أمل، “أندرومان … من دم وفحم” (2012) لعز العرب العلوي، “رقصة الوحش” (2011) للحسن مجيد، “النهاية” (2010) لهشام العسري… بالإضافة إلى مجموعة من الأفلام القصيرة من قبيل: “لا مفتاح” (2022) لوليد المسناوي، “حكاية” (2021) لمحمد بوحاري، “الصفحة 81” (2019) لرشيد الهزمير، “الطريق إلى الديدان” (2017) للغالي كريميش…

حسن بديدة من مواليد 1960 بالدار البيضاء، عاش مراحل الطفولة بين دروب وأزقة مراكش، وعندما بلغ 18 سنة من عمره انتقلت أسرته إلى أكادير، وبها يقيم حاليا. بداياته الفنية انطلقت إذن بمراكش (دار الشباب عرصة الحامض) مع جمعية الوعي للثقافة والفن. وفي أكادير التحق بجمعية أنوار سوس للثقافة والفن، وفي هذه المرحلة تعلم أبجديات الفعل المسرحي، وتدرج بعد ذلك في العديد من الجمعيات المسرحية الأخرى بالمدينة إلى حدود 1990، وهي السنة التي أسس فيها فرقة المسرح الطلائعي، التي شكلت محطة أساسية في مشواره الفني من خلال مجموعة من الأعمال المسرحية التي ظلت راسخة في مخيلة الفاعلين والمهتمين بالشأن المسرحي بالجهة .

قبل انفتاحه على السينما والتلفزيون كانت لحسن بديدة تجارب عدة في الإخراج والتشخيص المسرحيين. ولا يزال لحد الآن محافظا على حضوره في المسرح إلى جانب الإشتغال في بعض الأعمال التلفزيونية والسينمائية. ولعل هذا الإرتباط القوي بأب الفنون هو الذي يشحنه من حين لآخر بالطاقة الإبداعية الضرورية ليظل متألقا في أدائه التلقائي لمختلف الأدوار التي تسند له أمام الكاميرات.

يعتز بديدة بتجربته في المسرح الطلائعي لأنها التجربة الأم في مشواره الفني، فقد تعدت كونها فرقة مسرحية إلى تجربة رائدة ومؤسسة للتكوين المسرحي. ورغم توقف الفرقة مرحليا بحكم انخراط أعضائها في تجارب إبداعية أخرى أو بسبب ارتباطات مهنية، فقد عاودت الظهور بنفس جديد وبرؤية فنية جديدة .

تعتبر “البركاصة” من أكثر أعمال حسن بديدة المسرحية، كمخرج، شهرة ونجاحا لأنها شكلت محطة مهمة من حيث التجريب المسرحي، كتابة وإخراجا، ونالت استحسان النقاد وقدمت منها عروض عدة على الصعيد الوطني بثلاث لغات: العربية والأمازيغية والحسانية.

اشتهر بديدة بمساعدته مجانا للمخرجين الشباب في بداياتهم الفنية، حيث قام بتأطيرهم مسرحيا وإرشادهم وإعدادهم ليصبحوا ممثلين، كما وضع تجربته الخاصة في الميدان رهن إشارتهم من منطلق أنه تعلم بدوره الكثير من أسرار الفن المسرحي على يد رواد آخرين كعبد القادر عبابو (1950- 2020) على سبيل المثال لا الحصر.

والمعروف عنه أيضا ارتباطه الوثيق بالمخرج السينمائي والتلفزيوني المتميز هشام العسري، حيث شارك في العديد من أفلامه السينمائية القصيرة والطويلة (تيفناغ ، عظم الحديد، شعب المكانة، النهاية، هم الكلاب، البحر من ورائكم، ضربة في الرأس…) وأعماله التلفزيونية (سلسلة “كنزة فالدوار” وفيلم “مول الإحصاء” ومسلسل “فوق السحاب”…).

من أعماله التلفزيونية الأخرى نشير إلى أفلام “7 ليالي” (2022) لشوقي العوفير و”عام في الغربة” (2020) لإدريس صواب و”الكونجي” (2020) لنوفل البراوي و”النجم” (2020) لعبد الإله عاجل و”يوميات السفاح” (2017) لوليد أيوب و”الذئاب لا تنام” (2014) لهشام الجباري و”أولاد البهجة” (2010) لهشام عين الحياة و”الرقاص” (2010) لعز العرب العلوي و”الكراب” (2007) لمحمد علي المجبود، ومسلسل “مول لمليح” (2022) لأيوب لهنود وبعض حلقات سلسلتي “مداولة” (2013) من إخراج رؤوف الصباحي و”ساعة في الجحيم” (2008) من إخراج ياسين فنان…

إن تكريمه من طرف النادي السينمائي نور الدين الصايل بأكادير، بحضور المخرج هشام العسري، هو تكريم لممثل عصامي فذ ومعطاء وخدوم، ظل بتواضعه الملحوظ بعيدا عن الأضواء، كغيره من كبار الفنانين، وهو أيضا تكريم لتجربة فنية في المسرح والسينما والتلفزيون جديرة بالإحترام .”

بقلم : “أحمد سيجلماسي”

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى