
المحامي واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي
- بقلم الأستاذ محمد الخراكات//
مقدمة:
يشهد عالمنا اليوم طفرةً علمية هائلة في عالم الاتصال، ثورةً أثقلت كاهل أرقى نُظُم التواصل، بالاختصار في الزمان و المكان و التكاليف.
إنها وسائل التواصل الاجتماعي، المنصاتُ الوسيطةُ التي تتيح التفاعل ثنائي الاتجاه، بين فاعل و متفاعل، وفق قواعد علمية دقيقة ركائزها الاختيار و التأثير و بساطة الاستخدام.
متاحة و يستفيد منها الجميع كل وفق أهدافه، يجدها البعض وسيلة للتواصل فحسب، لكن البعض يُمَجدها حتى تصبح منجما ذهبيا للمعلومات أو لإرادات الاستثمار، و الواضح أنها لا تعدوا أن تكون سوى مرآة لطلباتِ المستخدمِ.
و من ذلك المحامي، عنصر النسيج الاجتماعي و نخبته، فإن جعلها جزءا من حياته الشخصية أو المهنية ألزمه الأمر مضاعفة الجُنْدِ حماية لسمعته، رأس ماله، و إن تغاضى أو تهاون في استعمالها تأثر عنصر التوازن بين العالم الرقمي و العالم الواقعي.
مما يجعل فعالية استعمالها محكم بضوابط لا تخرج عن إطار احترام الحقوق والواجبات.
فما مدى حاجة المحامي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ و ما ضوابط استخدامها؟ و كيف يضمن هذا الأخير فاعلية استخدامها؟
على هذا النحو اعتمدنا تقسيما ثنائيا محكم، يدرس الموضوع في صميم محاوره، لنعرض في النقطة الأولى لمدى حاجة المحامي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وضوابط استخدامها، ثم في النقطة الثانية لسبل ضمان فاعلية استعمال هذه الوسائل.
النقطة الأولى: مدى حاجة المحامي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي و ضوابط استخدامها.
يزداد نمو كل محام بشكلين متقاطعين، شكل أفقي بتوسيع شبكته المعارفية الشخصية وشكل عمودي بالنهل من زاد العلم و تراكم الخبرات، مما يجعل منه شخصا في بحث دائم عن تطوير الوسائل التي يسخرها في سبيل بلوغ مساعيه حسب متطلبات العصر.
لذا على المحامي عدم جعل وسائل التواصل الاجتماعي، كحصان طروادة اليوناني المبهر في هيئته و الماكر في استخدامه، أو رجل الطين الصيني الذي لم يعرف جنود البِرْمُود قيمته الذهبية القابعة تحت طلائه الطيني فأخذوا كل شيء إلا الذهب.
أولا: مدى حاجة المحامي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
يُمكن عمل المحامي من التعامل مع قاعدة اجتماعية واسعة، باختلاف أصنافها، ما يفرض عليه نهج نظام تواصليٍّ مضبوطٍ يوفق بين نبله كمحامٍ و سمو مهنته و شرف رسالته، فصفة المحامي استثنائية إذ تبقى لصيقة بحاملها طول حياته، ودائما ما يتم ربطها بسكونه و حركته، كما بصمته و كلامه.
وإذا كانت نظم التواصل الاجتماعي في عموميتها تعمل كوسيط إلكتروني يعزز زيادة التفاعل مع باقي المستفيدين، فإنه من المهم أن نشير إلى أن الخدمات التي تقدمها تختلف حسب نوع الموقع الإلكتروني أو المنصة الإلكترونية.
كما تجدر الإشارة كذلك إلى أن هناك من الوسائل ما هو متاح للجميع عبر العالم بأسره مثل الفيسبوك و تويتر و الانستاغرام و اليوتوب و لينك نغ و غوغل بلس، وهي الشائعة الاستعمال، عكس منصات أخرى ينحصر استخدامها فقط في بلدان أو مناطق بعينها كسايورلد المستعمل في كوريا الجنوبية و ميكسي في اليابان و سبينز في روسيا، وفي بعض هذه النظم الكترونية نجد تفرقة نخبوية بين عامة الناس و خاصتهم، تتيح من خلالها للخاصة ما لا تتيحه للعامة.
زيادة على ذلك نجد أن مِن هذه الوسائل مَن يكفل إمكانية التواصل ومشاركة المحتويات و التفاعل بشأنها مع كافة المستعملين، في حين تقتصر أخرى على تمكين المستعمل من حصر الأشخاص المراد التفاعل معهم في المنتمين لصفحته الرئيسية دون غيرهم، أما أخرى فلا تسعف المستعمل إلا في نشر محتويات معينة بنوعها كأشرطة الفيديو أو الصور إلى غير ذلك.
أما البعض الآخر فيسخر وظائفه للأشخاص النشطة في بعض الأعمال والأنشطة دون غيرها، من قبيل التجارة و الاستثمار، أو الإشهار، أو البحث عن فرص الشغل.
وفي المقابل هناك اختلاف أيضا في نوعية التفاعل الذي تخوله المنصة للمتفاعل مع المحتوى الالكتروني، حيث تتيح بعض المنصات التفاعل بشكل تلقائي مع المحتوى المنشور أما أخرى فلا تمكن البتة المتفاعل من هذه الخاصية.
وبتنوع هذه النظم و اختلاف استعمالاتها تتنوع كذلك صور استعمالها من طرف المحامي، فقد يكون مستقلا بعمله و مكتبه عن غيره من زملائه وقد يكون منخرطا في نظام مشترك يضفي بعض الخصوصية الأخرى تقيد استعماله.
ونظرا لكل هذه الاختلافات فله عدة أوجه ممكنة للاستفادة من هذه النظم.
يتضح أنها تتيح له أن يلتقي بالجمهور في سياق يسمح بالحوار و التواصل من خلال نقاشات متبادلة و مفتوحة، و بوسع المحامي كذلك من خلالها أن يصل مباشرة إلى جمهور المتابعين، عند نشر محتوياته ومعرفة ردود فعلهم بشكل آني أضحى يحاكي العالم الواقعي بل حتى بات يصعب التفرقة بين الالكتروني والواقعي لتأثر كل واحد منهما بالآخر.
يماثل ذلك في الأهمية حجم المعلومات التي يمكن المشاركة بها ليس فقط في المجال المهني بل حتى في المجالات التي تلتقي مع مهنة المحاماة ، فيجدر بالمحامي أن يتعلم من العلوم الأخرى ما يسد به حاجته للإحاطة بتفاصيل قضاياه.
و توفر كذلك أداة قيمة يستطيع المحامي من خلالها أن يغطي نقصه في طريقة تواصله أو معارفه، فهي تمْهله لترتيب أوراقه و حساب حساباته وتفادي المواقف الخطيرة في الوقت المناسب قبل كل خطوة، خصوصا أن المحتويات تنتشر في نطاق واسع بسرعة غير عادية، الأمر الذي يسرع من تحصيل أثرها، لأن المرء سيعرف الأمور وقت حدوتها لا محال.
علاوة عليه فمشاركات باقي المستخدمين قد تلبي حاجة المحامي في فهم احتياجاتهم و آرائهم واهتماماتهم وهو عنصر أساسي في تطوير أساليب التواصل مع الآخر ينبغي أن لا يستهان به.
إلحاقا بذلك فإن استعمال هذه المنصات الجذابة قد غيرت وسائل إيجاد المعلومات و استخدامها على نحو جدري، فقد أطلقت العنان لإعطاء و تلقي معرفة الأقران، بين كل مكونات المجتمع ومن جميع أنحاء العالم، ما يكفل تنمية الأعمال الشخصية و المهنية.
كما قد تشعر المحامي بأنه أكثر ارتباطا بالناس في حياتهم، الحال الذي يغدو معه المحامي في وجود مستدام.
وبالرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تقتل عنصر الاختلاف بين المستخدمين إلا أن هناك ضوابط لا يمكن للمحامي تبني هذه الأنظمة في منأى عنها.
ثانيا: ضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من لدن المحامي.
لعل من أبرز خصائص نظم التواصل الحديثة، حرية الاستخدام، حيث لكل مستعمل الحق في التعبير عن أي رأي أو فكرة تلج خاطره، والمشاركة بأي محتوى دون أي معيار أو تقييد موضوعي، ولا يتم تحليل هذه المنشورات من لدن الشركات المنتجة لهذه المنصات، لتزيد الحرية طلاقة.
وقد كفلت هذه الحرية دستوريا بمقتضى الفصل 25 من الدستور المغربي الذي نص في فقرته الأولى على أن “حرية الفكر و الرأي و التعبير مكفولة بكل أشكالها…”.
كما حثت عليها أيضا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و أكدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 68/167 و مجلس حقوق الإنسان في قراريه 26/13 و 32/13 عندما اعتبروا أن حرية التعبير و الحقوق الأخرى المرتبطة تطبق على شبكة الانترنيت.
لكن ذلك ليس على مطلقه بطبيعة الحال، فهذه الوسائل تضبط مجال استعمالها بشكل قبلي، بتحديد و حصر الخدمات التي تقدمها، وأن هناك من القوانين ما ينظم السير العادي لسلوك الإنسان.
بدءا بعقد الاستخدام الذي يبرمه أي مستخدم مع مشغل المنصة الالكترونية، يفرض من خلاله عدة شروط إذعانية لضمان سلاسة و حسن الاستخدام، فلا يجوز لأي كان خرقها و إن كان ذلك مستبعد لتعلقها بشكلية الاستعمال، وعلى أي فلا يعذر أي محام يتجاهل أو يجهل هذه الأمور.
ثم القوانين المنظمة لسلوك المرء، التي تحدد أفعال الإنسان المجرمة والمعاقب عليها بقوانين عامة أو خاصة، بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي، و أمام أي حصانة للمحامي من هذه القوانين فلا يملك سوى الركون لمقتضياتها.
علاوة على ذلك فالمحامي مقيد في استعماله لوسائل التواصل الاجتماعي بقوانين و مبادئ المهنة وأنظمتها الداخلية و أعرافها، باعتبارها الضابط الأساسي المؤطر لسلوكه في مواجهة غيره.
و الإتيان بما يتنافى مع هذه الضوابط قد يشكل أحيانا جرائم معاقب عليها، لدى على المحامي التقيد في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال و التجرد والنزاهة و الكرامة و الشرف، وما تقتضيه أعراف و تقاليد المهنة، وعلى سلوكه المهني أن لا يحيد عن استحضار الضمير و الإنسانية، و عن الاحترام الواجب لزملائه و المؤسسات القضائية.
فالقانون المنظم لمهنة المحاماة حث المحامي في بابه الرابع على التشبث بالوقار و السر المهني، فلا يجوز له إذا تسخير نظم التواصل الاجتماعي لممارسة بعض الأعمال التي تستهدف جلب الزبناء أو استمالتهم، و عليه أن لا يفشي أي شيء يمس بالسر المهني في أي قضية.
ويتعين عليه بصفة خاصة أن يحترم في تفاعلاته عبر هذه الوسائل سرية التحقيق في القضايا الزجرية وأن لا يبلغ أي معلومات مستخرجة من الملفات، أو ينشر أي مستندات أو وثائق أو مراسلات لها علاقة بقضية أو بحث لازال جاريا.
كما يمنع تنظيما لعلاقة المحامي مع المحاكم، التواطؤ بالاتفاق مع زملائه على التوقف كليا عن تقديم المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاء في سير العملية القضائية.
وقد منع قانون المهنة في نفس الباب السالف الذكر، تنظيما لعلاقة المحامي بموكليه، و بشكل غير مباشر تقديم أي استشارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولو بذريعة التطوع و المجانية.
زيادة على ذلك ولكون صفة المحامي لا تنسلخ عن شخصية حاملها، فعليه أن يمتنع في حياته الخاصة عن أي سلوك لا يتماشى مع شرف ومبادئ المهنة وقواعدها، فمن يسيء لنفسه يسيء لسمعته، وبالتالي لمهنته، والتحلي بالأخلاق الحميدة مفتاح لاكتساب الأصحاب و الأعداء و أداة سحرية تزيد النفس رفعتها.
فلا تجعل أيها المحامي من نظم التواصل الحديثة سيفا تذوق من حدته، وانهل من إيجابياتها و اترك سلبياتها.
النقطة الثانية: المحامي وفاعلية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
يسعى كل محام لتحقيق أهداف معينة سواء في حياته الخاصة أو المهنية، وبالطبع عليه التأسيس و التقعيد لمناله، والعمل على تسخير وتوجيه جميع الوسائل الموضوعة بين يديه صوب هدفه.
لدى عليه العلم بالنظام الوظيفي لأي وسيلة يستعملها، ومن ذلك نظم التواصل الاجتماعية، فمثل هذه الصناعات الخدماتية المؤثرة في النظام التواصلي العالمي، تحتم على كل محام الوعي حقيقة الوعي بوظائفها، واستعمالها بفعالية، تجمع بين التسخير الناجع و العلم بالمخاطر و السلبيات، فأمامه الكثير ليفوز به إذا استطاع استعملها بنجاح.
أولا: نجاعة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من طرف المحامي
قد لا تغدو أن تكون كل نظم التواصل الاجتماعي سوى وسيلة للإنتاج، سواء من خلال التواصل أو نشر واكتساب المعارف أو حتى تلبية الحاجات، فمن غير المستساغ وضع المحامي لحياته بيد وسيلة لتقرر مصيرها، بذل الأخذ بالوسيلة في بناء حياته، مما يفرض ترشيد استخدامها، تفاديا للعثرات والتحديات.
ومن خلال وضع إستراتيجية واضحة لاستخدام هذه النظم ترمي إلى تهيئ المجال للنقاش و التواصل و تبادل الخبرات و المعارف، بدلا من الاقتصار على ترقب ردود الأفعال إزاء المناقشات القائمة، وفي سياق حساسية المنصب والصفة، تزداد أهمية الاستعانة بمبادئ توجيهية مرنة بشأن كيفية استخدامها بصورة أكثر عقلانية.
وهذا لا يعني أن يسير المحامي منصاته الالكترونية على نحو مستمر بدعوى إرساء حضوره في العالم الافتراضي، حيث سيأخذ ذلك وقتا و الوقت مكلف لكل محام، و في هذا الصدد يستحسن أن يعمد في تسييرها لجهات خارجية مختصة لها دراية كافية بدور المحامي و الحدود القانونية لعمله وبالعملية القضائية و الأطراف المعنية بها، ليعمل كضابط محدد لنوع المحتوى المنشور و حتى المنصات المحبذ استعمالها ووتيرة استعمالها، فأجندة المحامي ربمى لا تتسع لاستيعاب و الاهتمام بكل التفاصيل.
كما قد تفيده تلك النظم في التخابر مع موكليه بسلاسة وسرعة وإخطارهم بسائر مراحل قضاياهم، بالشكل الذي يجيزه القانون.
ونؤكد في نقطة غاية في الأهمية على جودة المحتوى المراد نشره، لغويا ومعرفيا، تخصصا و قيمة و قيما، باعتباره صورة معاكسة لحاملها.
وفي المقابل يجب أن يتحلى المحامي بحنكة الرد على الآراء إجابية أو سلبية، و تبني الدقة و البيان و التمحيص في التعامل مع الخبر، فآفة نظم التواصل و أخطرها أخبارها.
كما يفرض عليه التطور التكنولوجي السريع تطوير معارفه الرقمية ولو إلى حد يضمن له الاستفادة من مزايا نظم التواصل بفعالية.
ثانيا: مخاطر و سلبيات استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من طرف المحامي
تشكل وسائل التواصل الاجتماعي تحديا للمحامي و لمهنة المحاماة عامة، وطنيا ودوليا، فاستعمالها ليس مجرد ترك انطباع جيد لدى الآخر أو استعمالها بشكل جيد، فالمسألة أكبر من ذلك.
ونتحدث هنا عن الأمن المعلوماتي أو الافتراضي، فهل ستحافظ على السرية التي يلتزم بها المحامي في الأصل؟ و هل الشركات المستثمرة في مجال الاتصال تضمن بالفعل عدم خرق خصوصيات المحامي و عدم اختراقها سواء من طرف الشركة صاحبة البرنامج أو من لدن أي جهات خارجية؟
فالأزمة الحقيقية تحدت عند تبني استعمال المحامي لمختلف هذه النظم، في مختلف جوانب حياته خاصة كانت أم مهنية.
إن تأمين الاستعمال يقتضي تأمين المسؤولية عن الضرر الممكن إحداثه، للكشف عن هوية من يقف وراء انتهاك الخصوصية و القرصنة، التحدي الذي يصعب ربحه، كون شبكات التواصل الاجتماعي متاحة عالميا.
زيادة عليه فإن المحامي ليس في مأمن من خطر تعرض منصاته الالكترونية للفيروسات و وسرقة الهوية الإلكترونية أو تقمصها، فقد تؤدي قراءة أحد المحتويات أو فتح إحدى الرسائل إلى خسارته لمنصاته بل حتى لملفاته المثبتة في الجهاز الحامل لتطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث أن هذه النظم ليست في مأمن من حيل الخدع التي تزيد تطورا بتطور الوسائل التي تواجهها.
فكيف سيواجه المحامي إذا هذه الأنشطة التخريبية؟
وقد يكمن الخطر أيضا في تعرض المحامي للاستغلال النفسي والفسيولوجي الذي يستهدف الدماغ ويعيق حرية الاختيار بشكل كبير لدى المستعمل، وهنا تكمن أهمية استخدامها باستهداف، تجنبا للفشل أمام المؤثرات الممنهجة، فهناك تفاوت بلا شك بين شخصيات المستعملين، حيث نجد سريع التأثر بالأشياء المتقنة و هناك من يعمل عقله ببداهة تلقائية، وهناك من لا يقتنع إلا من المصدر إلى غير ذلك.
وهذا يدفعنا للإشارة إلى الاهتمام بفقه المصادر، نأخذ مثلا مصادر المعلومة، فوسائل التواصل الاجتماعي لا أحد ينكر عن كونها مصدرا دسما للمعلومة لكن لا يمكن التسليم بأن المتوفر هو كل ما يوجد، ويتعين على المحامي عدم التخلي عن طرق البحث عن المعلومة التقليدية لأنها تزيد من زاد الشخص وترسي بُنيانَه كما تربي فيه ما يعجز العالم الافتراضي عن تلقينه.
أما آفة استعمالها بشكل غير ممنهج إن لم نقل بإدمان، ما نسميه بنقرات الجنون، قد يضعف من المستوى الإنتاجي للمحامي على مختلف المستويات، كما قد يدمر التفاعل القويم في الحياة الواقعية، ويدمر مهارات التواصل بدل صقلها، فربى كلمة طيبة أو مشاركة رصينة خير من تكثيف التفاعل بصورة سلبية، الأمر الذي يشجع حتى الطائفية و الحزبية بين المحامين فيما بينهم أو بينهم وباقي المتفاعلين.
ولا يجب أن يسقط المحامي في فخ التقييم الزائف الذي يصوره حجم التفاعلات و قدر الإعجابات، فوسائل التواصل الاجتماعي لا تؤمن بمعيار التقييم الأخلاقي وليس لديها ثوابت لتقييم المنشورات التي ترجع في أسسها بالنظر للمؤلف والنص أو المحتوى و القارئ و الناشر بل حتى أن هذه الوسائل أفرغت مقياس الجودة من محتواه.
خاتمة:
إن دراسة و تحليل موضوع المحامي و استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ذو شجون، لسحرها الذي يربط المستعمل بالماضي و الحاضر والمستقبل، وهذا هو المحفز الذي يدفع بالمحامي كي يجعلها عنصرا أساسيا في حركته اليومية.
غير أن حقوق و واجبات المحامي التي تعمل كمحدد أساسي لخارطة طريقه تكون على المحك دائما في كل نقرة زر يقوم بها على هذه المنصات الالكترونية، فكيف يقدم المحامي نفسه و كيف يظهر، يكون له أكبر الأثر على مدى إحرامه لذاته ومهنته، وهذا الشيء يحتاج للتأني في تقريره.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News