الكوفية والعقال واعتقال العقل
- الطيب أمكرود //
يتداول الأمازيغ مثلا مؤداه أن ارتداء المرء سلهاما لا يعني بالضرورة أنه فقيه. أسباب نزول هذا الكلام هو أنه إلى عهد قريب يستدعي كل من أراد أن يبدو مناضلا الكوفية، ويضعها حول عنقه، وينتقي جهازا مفاهيميا دقيقا يتشدق به، ليقنع العامة أنه مناضل صنديد.
ومنذ عقود تخلينا عن ذواتنا، عن قضايانا، عن خصوصياتنا، عن ثقافتنا، وارتمينا في حضن الغرباء، استبدلنا أسماءنا الجميلة كما نستبدل ملابسنا الداخلية، فبعد أن ظل المغاربة طيلة قرون يختارون لأبنائهم وبناتهم أسماء تمتح من معين الخصوصية المغربية الأصيلة والعريقة، سيرتمون بسرعة في أتون محرقة الهوية وهم يستلبون تبعا لما يعتمل في الشرق، فسمى البعض أبناءه ناصر وإياد وجهاد وصدام ومعمر… وكأنهم كانوا يئنون لأنين الوطن، وطبعا اختفت فقاعات القومية وبقيت مظاهرها لصيقة بظهور ضحايا النزوع القومي العربي الموهوم.
ولأن وصفة النضال لا تكتمل إلا بتوابل الشرق، أضحت من تفاصيل المناضل الحق الصنديد الكوفية والعقال، بل إن العلم الفلسطيني لا يكاد يفارق أيا من مظاهر الإحتجاج ولافتاته وشعاراته، وكأن المغاربة أنهوا كل مشاكلهم، ولم يبق لهم إلا حل مشاكل الشرق.
وتحولت الأغاني والأناشيد الحماسية المحتفية بقضايا الشرق حاضرة في أقاصي دواوير المغرب المنسي، حيث يواظب على الإستماع لها أبناء البسطاء ممن ارتموا بين براثن الفصائل الطلابية التي تتبنى قضايا الشرق بدلا عن قضايا الوطن.
لقد أدت عقود من الشحن الإيديولوجي عبر الوسائل المتاحة إلى اعتقال العقل المغربي الأصيل تحت كوفية الشرق وشده بعقاله، ولن يتحرر إلا بالعودة للذات المغربية والإنشغال بقضايا المغرب المصيرية.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News