الثقافة

الفقيه أفوقاي يعود إلى حضن السعديين بزاوية تاوسنا بقرية أيت ميمون السوسية

يستحق شهاب الدين أحمد بن القاسم، الشهير ب «أفوقاي»، لقب «آخر الأندلسيين» الذين كتبوا باللغة العربية حتّى أنّه أثار انتباه السلطان احمد المنصور الذهبي لحظة استقباله بعد هروبه من مأساة غرناطة :
( إنّه أمر مثير أن نجد أندلسيا لا يزال يتكلّم العربية مثل الفقهاء)
وهو ما أثار انتباهنا أيضاً ونحن نتابع خطوات الفقيه افوقاي مترجّلا بين دروب وازقة قرية ايت ميمون قاصداً تاوسنا الاسم القانوني لمركز الدراسات والأبحاث أو الزاوية الإسم العرفي لدى أغلبية المثقفين ومريدي التصوف الفكري والتأمل العرفاني بشكل عام..
الزاوية وبكل طقوسها الروحانية كانت في مستوى استقبال، بتعاون مع مجلة نبض المجتمع، حدث عودة الفقيه إلى إحياء الصلة بمهد دولة السعديين من خلال رفيقه ومؤلف بعثه عبر رواية “الفقيه” للدكتور المفكر المغربي حسن أوريد وفي أمسية استثنائية لامست منتصف الليل إلاّ قليلا بين يومي 23/22 من هذا الشهر(فبراير 2025).
كانت شخصية الفقية شهاب الدين أحمد بن القاسم-افوقاي وبكل تفاصيلها حاضرة بقوة عبر هذه القراءة النقدية للدكتورين المحمدين همام و بازي..
تفاصيل الاضطهاد الذي تعرض له الأندلسييون بعد التهجير القسري الذي رسخ عاطفة الانتماء وكاشفة بجلاء عن البعد الهوياتي في هذه الرواية التي كلما تأملنا في تمفصلات الأحداث نجد جزئية الاضطهاد الديني الذي تعرض له الموريسكيون بوصفها إشكالية، بالتزامن مع رصد مظاهر الاضطهاد العرقي والاجتماعي والنفسي والسياسي في دار الإسلام، ثم انفتح على سياق أكبر من خلال الرحلة إلى أوروبا التي أتاحت له مقارنة الخصائص، مستخلصاً الحكم و الخلاص في عاطفة المحبة كطريق إلى الله وإلى الآخر والذات..
نعم فتوسط المفكر حسن أوريد منصة تقديم روايته بالزاوية يتشابه إلى حد كبير شخصيته الروائية شهاب الدين نفسه فكلاهما تقلدا مناصب رفيعة في الدولة، أهلتهما لأن يكونا شاهدين على عديد من الأحداث والوقائع، ومُلمين بكثير من تفاصيل الشأن السياسي وكواليس الدولة من هنا نفترض أن هذا التقارب بين الصورتين يجعلهما صوتا وصدى، ويبرزهما صورة وانعكاسا، ويبوئهما موقع الشاهد على عصرين
وبهذا المعنى تكون الوثيقة التاريخية ذريعة لتمرير رؤى ومواقف منفلتة من رقابة الزمن..
هو نفس المعنى الذي انتبه إليه القائم على تدبير أمور الزاوية بإضفاء لمسة هوياتية بامتياز على طقوس حفل قراءة وتوقيع رواية الفقيه جريا على غير العادة في أماكن أخرى
على غير العادة ان تكون قرية ايت ميمون اول بادية مغربية تحتضن فعاليات توقيع رواية بهذا الزخم من جهة بجانب الوضع الإعتباري لصاحبها
على غير العادة أيضا ان يطالب المحتفى به من عموم قرائه الذين اصطفّوا طوابير بجانبه منتظرين شرف التوقيع على مجمل رواياته احيانا تصل عند بعضهم ستة عناوين.. وهو فوق طاقته مطالبا إياهم بالإكتفاء فقط بتوقيع مؤلف رواية الفقيه لاغير
ليس من العادة ان يكرّم أفوقاي عصره بالسلهام رمز الإمامة والتفقه وبلوحة المسيد مهد رسم حروفنا الأولى وأصل مدارسنا العتيقة بسوس..بجانب هدايا من إصدارات مؤلفين من سوس العالمة حضروا اللقاء
هو الحدث في شكله الإحتفالي في الزاوية ذاك المساء وهذا الوفاء لاعرافنا حتى في تقديم الطعام حين استوى الجميع على الأرض تتوسطهم موائد وجبة العشاء أو لحظة الترويح عن النفس كما جرت به العادة لدى أهلنا بعد نهاية الحضرة لا تخلو نغائمه من ايقاعات الروايس..
كان المشهد جد مؤثر والمحتفى به حسن أوريد بجانب الرايس احمد اوماتست آخر كبار هذا اللون الفني الامازيغي
المشهد نفسه أعاد إلى الأذهان الغربة والتمزق الهوياتي لدى شخصية رواية الفقيه شهاب الدين أحمد بن القاسم لكي نقول ومن داخل زاوية تاوسنا بأن هذا المشهد جزء من هويتنا ولن نغترب عليه
هي رسالة رواية الفقيه التي تتجاوز أحمد شهاب الدين نفسه نحو فضاء إنساني مؤمن وعادل ومتسابق نحو الخيرات

  • يوسف غريب كاتب صحفي
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى