الثقافة

العين الأخرى: “تغيير الجمهور أم تغيير السينما؟”..

  • محمد بكريم//

هذا العنوان في الحقيقية مقتبس من عنوان لحالة سياسية ظهرت في ظرفية خاصة تلك اتي ميزت بعض الأنظمة السياسية حين باشرت على تنظيم انتخابات مفتوحة نسبيا فاذا بها تفرز نتائج مضادة لما كان متوقعا باكتساح التيارات المحافظة صناديق الاقتراع وهزالة نتائج القوى المحسوبة على اليسار بشكل عام.

فكانت خيبة كبير بمثابة الصدمة لدى مجموعة من المثقفين الذين استيقظوا على دقات واقع مرير كانوا يقرؤنه إيديولوجيا مما دفع البعض منهم الى الحديث في نوع من السخرية السوداء عن “ضرورة تغيير الشعب”…الشعب الذي لم ينساق امام كانوا يعتبرونه الحقيقة التاريخية…

استحضر هذه الحالة وأنا اتابع مآل بعض الأفلام التي استيقظ أصحابها على واقع شباك التذاكر، ليس لكون نسبة الاقبال كانت متوسطة أو ضعيفة بل لهول الفرق بينها وبين نوع خاص من الأفلام مستحوذ على السوق. ولم يتردد البعض من أصحاب هذه الأفلام بالتسرع في اصدار أحكام قيمة على هذه الأفلام وبشكل غريب حتى على الجمهور الذي خص هذه الأفلام بتلقي ساهم في نجاحها.

قد نتفهم ردة الفعل الغاضبة من هكذا وضع، ولكن لابد من لحظة الوعي والعودة الى اعمال الفكر النقدي لمحاولة فهم وتفكيك الظاهرة.  نعم انها ظاهرة تجد تجسيدها في الأرقام الرسمية الصادرة عن المركز السينمائي المغربي. وهي على كل حال ليست وليدة اليوم بل نحن معطى هيكلي يسم السينما المغربية منذ زمان وان اتخذ في السنوات الأخيرة مستويات مقلقة فعلا.

بماذا يتعلق الأمر؟  نبدأ بما هو واضح ومباشر. هناك مجموعة من الأفلام حظيت بتلقي نقدي واعلامي كبير ولكنها فشلت في فرض نفسها في السوق بل أن البعض منها تم سحبه من العرض في لأقل من يومين من الحضور. وهي نوعان من الأفلام.

صنف ذي بعد بعد دولي وان كانت انتاجا مغربيا استفادت أيض من متابعة وعم دوليين سمح للبعض منها بالحضور (المشرف) في مهرجانات عالمية كبيرة وعرضت مباشرة بعد تتويجها عالميا وفشلت في إيجاد مكان لها لدى المشاهد المغربي (عصابات، كذب أبيض..) وهناك صنف ثان من الأفلام “محلي الإنتاج” -ان صح التعبير- حظي بسمعة طيبة لدى المهتمين بل ومنها أفلام حصدت عدد من الجوائز في المهرجان الوطني ورغم ذلك كان مآلها الفشل حين اصطدمت بجدار شباك التذاكر (خريف التفاح..).

ان أكبر خطأ تفسيري هو القول بانتشار التفاهة عبر مختلف الوسائط والتي خلقت جمهورا يساهم في اعادة انتاجها في مجال السينما. من جهتي أنطلق من مجموعة من المبادئ ومن فرضية.

مبادئ موجهة لمقاربة الحركية السينمائية بشكل عام مفادها بأن على المحلل (فاعل سينمائي، ناقد، متتبع) ألا يعتبر نفسه أذكى من الجمهور أو أن يقوم بترتيب الأفلام بإلغاء/اقصاء الأجناس “الشعبية” باعتبارها لا تستحق أي اهتمام.

والفرضية التي أنطلق منها هي أن كل الأفلام لها جمهورها، لأن الجمهور صناعة تتأتى أو تكون حصيلة مناخ/ بيئة متكاملة. والحاصل أن في الحالة المغربية هناك غياب لهذه البيئة المساعدة.

بل أن البنية التحتية المتوفرة حاليا تدفع في اتجاه استمرار وسيادة الأحادية القطبية (قطب الكوميديا الشعبية). نجدد دعوتنا لبروز ساسة عمومية حقيقية لتوسيع خريطة القاعات السينمائية بما فيه التفكير في صيغة مغربية لقاعات “فن وتجربة” المنفتحة على السينما المختلفة والتي لا يكون هاجسها الربح السريع والتي من شأنها تمنح لكل فيلم حقه في لقاء جمهوره.

ان الأزمة ليست في الجمهور وليست في نوعية الأفلام.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى