المجتمع

الشركات الجهوية متعددة الخدمات : من فكرة التنظير الى واقع التنزيل

  • بقلم : حسن كرياط * //

أصدرت الحكومة المغربية القانون رقم 21.83، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7213 بتاريخ 17 يوليو 2023، بهدف إحداث شركات جهوية متعددة الخدمات لتحسين إدارة وتوزيع الماء الصالح للشرب، الكهرباء، والتطهير السائل، مع إمكانية تولي الإنارة العمومية عند الحاجة. تأتي هذه الخطوة في إطار تجاوز مشاكل التدبير المفوض التي طبعت الفترة السابقة، عبر تحويل مهام الوكالات والمكتب الوطني للكهرباء والماء إلى هذه الشركات الجديدة.

والتي ستكون مؤسسات مساهمة بمشاركة الدولة، الجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية، مع إمكانية إشراك القطاع الخاص، بشرط أن لا تقل مساهمة الدولة عن 10%. بموجب القانون، سيتم نقل الأصول والعقود المتعلقة بتوزيع الخدمات إلى هذه الشركات، ما يتيح لها صلاحيات واسعة في إدارة هذه القطاعات بشكل مباشر، مع ضمان عدم تضرر المستخدمين المنقولين من حيث الرواتب والتعويضات.

وعلى الرغم من أن الحكومة اعتبرت هذا القانون خطوة نحو تعزيز الشفافية والفعالية، فقد أثارت بعض النقابات مخاوف من أن فتح الباب أمام القطاع الخاص قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية، خاصة الماء والكهرباء. كما حذرت النقابات من ضعف المراقبة وعدم جاهزية بعض الجماعات الترابية للإشراف الفعّال على هذه الشركات، داعية إلى استمرار دور المكتب الوطني للكهرباء والماء في الإنتاج والإشراف لضمان نجاح التجربة الجديدة.

و من المتوقع أن تواجه هذه الشركات تحديات في نقل الأصول والممتلكات بشكل منظم، بالإضافة إلى ضمان استدامة صناديق التقاعد الخاصة بالمستخدمين. سيتم تنفيذ العملية وفق مساطر تنظيمية محددة، حيث تعود الأصول في نهاية العقد إلى أصحابها الأصليين، وفقًا لشروط التعاقد.

ويُعتبر هذا التحول خطوة جريئة نحو لامركزية الخدمات العامة، لكنه يتطلب تكاملاً دقيقًا بين الدولة، القطاع الخاص، والجماعات الترابية لضمان تحقيق الأهداف المنشودة دون المساس بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

*باحث في الاعلام وعلوم الاجتهاد

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى