
الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات: من أجل المرأة والفتاة، من أجل المجتمع..
المجلس الوطني لحقوق الانسان
حقوق. مساواة. تمكين: طموح جماعي من أجل فعلية حقوق النساء
“المرأة المغربية كانت دوما ولا تزال فاعلا محوريا في سياق تطور مجتمعي وفكري ومفاهيمي يندرج ضمن مسار وطني لتحقيق المساواة والمناصفة. هذا المسار، مسار متواصل من أجل تغيير المفاهيم والأفكار التي تجانب قيم حقوق الإنسان وتمس بكرامة المرأة … بمثابرتنا وعزيمتنا وتطلعاتنا، سننجح في كسر كل المعيقات التي تسعى إلى تهميش المرأة”.
بهذا الطموح افتتحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش لقاء تمحور حول مساهمات المرأة المغربية في مسار الحقيقة والإنصاف والمصالحة، تخليدا لليوم العالمي للمرأة 2024، الذي صادف تخليدنا السنة الماضية للذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
اليوم، الثامن من مارس 2025، ننخرط مجددا مع المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق النساء والفتيات، عبر العالم، للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة. هي فرصة سنوية، كما يراها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للوقوف عند النواقص والتحديات والاحتفاء بالمسارات، لمواصلة الدفاع عن الكرامة والحقوق وللترافع دوما من أجل التمكين والمساواة.
شعار هذه السنة، تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ـــــ حقوقها، مستقبلنا، الآن – حقوق. مساواة. تمكين. لكافة النساء والفتيات ــــ ، “يعبر عن طموحنا الجماعي من أجل فعلية حقوق الإنسان وحقوق النساء وتمكينهن، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، ومن أجل تحقيق المساواة”، قبل أن تضيف موضحة “بالنسبة لنا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان “قضايا تمكين النساء والمساواة ومناهضة العنف والتمييز القائم على النوع أولويات رئيسية، سواء على اعتبار مرجعيتنا الوطنية الدستورية، أو على اعتبار الالتزامات الدولية للمغرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما صادقت عليها المملكة”.
التمكين الاقتصادي للنساء: تحديات ورش من أجل التنمية
هو واحد من أبرز الأولويات التي يترافع من أجلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في حملاته وتقاريره وتوصياته المرتبطة بتعزيز حقوق النساء والفتيات وتحقيق المساواة. يسعفنا في ذلك، تشدد رئيسة المجلس، قانون أسمى دستر المناصفة ودستر في أول فصل في باب الحريات والحقوق الأساسية التمتع، “على قدم المساواة، بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”. فضلا عن مسارات متألقة ومثابرة لنساء كسرن الحواجز، المرئية منها وغير المرئية، وتقدمٍ لا يمكن إنكاره في مجالات عديدة، تضيف رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب. غير أن التمكين الشامل للنساء وتحقيق المناصفة الفعلية لا تزال تواجهه عقبات وتحديات كبيرة تتطلب إعمال استراتيجيات فعلية وفعالة في كافة المجالات قصد ترصيد ما تحقق وتحقيق تنمية شاملة مستدامة تساهم من خلالها النساء والرجال بشكل متساو في بناء مجتمع قوي ومتماسك.
علاوة على أهمية مشاركة النساء في التنمية وراهنيتها، فهي تشكل بذاتها (أي هذه المشاركة) مدخلا أساسيا للاستقلالية المالية للنساء. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه على الرغم من المبادرات الداعمة لريادة الأعمال النسائية، وتسهيل الولوج إلى التمويل، ودعم التعاونيات النسائية، إلخ، إلا أن التفاوتات بين النساء والرجال لا تزال بارزة، خاصة مع ارتفاع نسبة العمالة غير المهيكلة في صفوف النساء. وقد كشفت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 أن النساء تمثلن 27,7 في المائة فقط من القوى العاملة الدائمة. كما لا تدير النساء سوى 10 في المائة من المنشآت، التي توظف 7,8 في المائة من إجمالي الوظائف، فيما ارتفعت نسبة الأسر التي تعيلها النساء، من 16.2% سنة 2014 إلى 19.2% سنة 2024.
وفي إطار متابعته تطور الحقوق الاقتصادية للمرأة، يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما جاء في تقريره السنوي الأخير، المعنون ب” إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، أن استمرار الصعوبات في ولوج النساء إلى سوق الشغل لا يزال قائما، حيث توضح بيانات الحساب التابع للتشغيل هشاشة ظروف عمل النساء، فيما لا يزال معدل عملهن ضعيفا في بلدنا. فضلا عن ذلك، سجل المجلس تفاقم التفاوتات بين النساء والرجال، كما تبين ذلك من احصائيات الميزانية القائمة على النتائج من منظور النوع الاجتماعي المصاحبة لمشروع قانون المالية 2023. ويُؤكد المجلس في هذا الصدد على أن ضمان الحقوق الاقتصادية للنساء وتمكينهن في مُختلف القطاعات هو مدخل أساسي للتنمية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
المرأة والفتاة المغربية: نحو تمكين اجتماعي ومشاركة سياسية فعلية
على المستوى الاجتماعي، شهد المغرب إصلاحات قانونية مهمة، منها تعزيز الإطار القانوني لحماية النساء من العنف، وبرامج لمحاربة الهشاشة والفقر والأمية، وتعزيز الولوج إلى التعليم والتكوين المهني. كما أطلق المجلس حملات تحسيسية لمناهضة تزويج الطفلات، من بينها حملة “إلغاء الاستثناء… تثبيت القاعدة”. ويرى المجلس أن تحقيق العدالة الاجتماعية يمر بالضرورة عبر إرساء سياسات دامجة تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي، بما يضمن اندماج جميع الفئات، بمن فيهم النساء، في مسيرة التنمية، وعدم ترك أي فئة خارج دائرة التمكين.
لا يمكن أن يتحقق ذلك من دون محاربة العنف، الذي تعتبره المؤسسة، “انتهاكا حقوقيا قائما على النوع الاجتماعي، ضحيته ليست المرأة والفتاة، بل المجتمع بأكمله”. “العنف وعدم الإنصاف، تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمناسبة تقديم المجلس لتقريره حول تشجيع التبليغ عن العنف ضد النساء والفتيات ومناهضة الإفلات من العقاب، “يُعدم الإرادة الإنسانية للمرأة”.
في المجال السياسي، أسهمت التدابير التشريعية في تعزيز حضور النساء في المؤسسات المنتخبة، إذ ارتفعت نسبتهن في البرلمان والمجالس المحلية، كما تقلدت العديد منهن مناصب المسؤولية في الحكومة والإدارة العمومية. المجلس يرى أنه من الضرورة العمل على تعزيز المشاركة السياسية للنساء ليس فقط عبر التمييز الإيجابي، ولكن أيضا من خلال آليات مستدامة تكرس حضور النساء في مواقع القرار بشكل متساو مع الرجال، وتحقيق مبدأ المناصفة الذي يتطلب، من بين متطلبات أخرى، تغير العقليات وكسر الحواجز غير المرئية وتشجيع تكافؤ الفرص، بنص تنظيمي، بين النساء والرجال في ولوج الوظائف والمهام الانتخابية، «ترشيحا وانتخابا».
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يواصل العمل على تعزيز حقوق النساء من خلال الرصد وإعداد التقارير والترافع من أجل ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية وإطلاق حملات تحسيسية لمناهضة العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي. كما يعد تمكين النساء محورا أساسيا في المذكرة التي تقدم بها المجلس مؤخرا حول مراجعة مدونة الأسرة، حيث تسعى التعديلات المقترحة إلى تعزيز حقوق المرأة، بشكل يرسخ مبدأ المساواة ويعزز مشاركتها الفاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News