الجهوية الموسعة بالمغرب واسئلة الديمقراطية و تنزيل النموذج التنموي وأهداف التنمية المستدامة
- رشيد فاسح//
تعتبر الجهوية الموسعة في المغرب رهانًا أساسيًا لدمقرطة الثمتيلية والفعل الانتخابي بالجماعات المحلية ومجالس الجهات وفرز نخب قادرة على تدبير الشأن المحلي والجهوي من خلال تدبير جيد وحكامة رشيدة وابداع وابتكار من خلال برنامج عمل الجماعات والجهات يحدد الأولويات ويساهم بالتالي في تنزيل حكيم لأهداف التنمية المستدامة وتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين مختلف المناطق الحضرية والقروية داخل نفس الجهات وخلق عدالة مجالية وتثمين المعطيات والخصائص والموارد المتاحة.
إلا أن المتابع لمؤسسات الجهات يرى أن هنالك أسئلة حارقة وجذرية تسائل سبل تنزيل الجهوية الموسعة في ظل إشكالات كثيرة، مرتبطة بعوامل طبيعية، بشرية، وثقافية، وهذا يجعلنا نقتفي سبل استكشاف الآليات التي إعتمدها المغرب لتنفيذ هذه الجهوية، وكيفية إرتباطها بالنموذج التنموي الجديد وأهداف التنمية المستدامة.
الجهوية الموسعة مفهوم وآليات:
تندرج الجهوية الموسعة كعملية لامركزية تهدف إلى منح الجهات وهي مؤسسات منتخبة، المزيد من الصلاحيات في إتخاذ القرارات وتدبير الشأن المحلي، على (شاكلة حكومات مصغرة محلية) وذلك بهدف تقريب الخدمات من المواطنين وتحفيز التنمية الإقتصادية والاةإجتماعية والثقافية البيئية على المستوى المحلي. أي تركيز أكثر على الخصائص المحلية الطبيعية والبشرية التي تعرف في المغرب تفاوتات بين المجالات القرويك والحضرية والشبه الحضرية.
آليات تنفيذ الجهوية الموسعة بالمغرب
* التقسيم الإداري الجديد: تم تقسيم المغرب إلى 12 جهة، لكل منها مجلس جهوي منتخب ومؤسسات جهوية خاصة بها. تتكون من مصالح خارجية للوزارات وهي مؤسسات جهوية يسيرها مداراء جهويين ويدبرون الشأن العام كإدارات في إطار الصلاحيات المخولة لهم،
نقل بعض الصلاحيات المركزية للجهات: وفي هذا الإطار تم نقل صلاحيات واسعة إلى الجهات في مجالات التخطيط، التنمية الإقتصادية ، التربية والتعليم التكوين المهني، البنية التحتية، والخدمات الإجتماعية .
كما تم تعزيز الموارد المالية: بمنح الجهات موارد مالية أكبر، بما في ذلك حصة من الضرائب الجبائية.
إعتماد المقاربة التشاركية والمشاركة المواطنة وتشجيعها في عملية صنع القرار على المستوى الجهوي، وهذه الأخيرة تعرف نقصا مهولا وأحيانا كثيرة محدودية، تفوت على المؤسسات خبرة وهدر للزمن التنموي لإعتبارات سياسوية جد ضيقة تجعل الفاعلين المدنيين والكفاءات خارج هذه المنظومة
النموذج التنموي الجديد والجهوية الموسعة:
النموذج التنموي الجديد الذي أطلقته المملكة يرتكز على عدد من المحاور التي تتكامل مع الجهوية الموسعة، ومن أهمها:
* التنمية البشرية: التركيز على الإستثمار في الرأس المال البشري، وتوفير فرص العمل للشباب، والنتائج والإحصائيات تؤكد تراجع كبير على مستوى فرص الشغل وإنتشار البطالة وسط الشباب. لما بعد أزمة كوفيد.
* التنمية المستدامة: الالتزام بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على الحفاظ على البيئة، وتحقيق التنمية الإقتصادية ، الشاملة،
لازالت هنالك اشكالات عويصة تعتري المخططات الجهوية وبرامج العمل في هذا الصدد، لإشكالات طبيعية بشرية ومالية كذلك.
* اللامركزية: تعزيز اللامركزية وتقريب الخدمات من المواطنين على المستوى الجهوي.
الجهوية الموسعة وأهداف التنمية المستدامة:
تساهم الجهوية الموسعة بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال
* القضاء على الفقر: من خلال توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة في المناطق المحرومة. والهشة خصوصا بالعالم القروي الذي يعرف ارتفاع نسب الأمية والبطالة والهشاشة مع الظروف المناخية الصعبة ما يزيد من أعباء الدولة والجهات، في مجال التنمية وتوفير الخدمات الأساسية والحقوق الأساسية.
* تحقيق المساواة بين الجنسين: من خلال تمكين المرأة وتعزيز دورها في التنمية المحلية، ونقص الفوارق بين الجنسين، و َتمكين المرأة من حقها في التنمية ومشاركتها الأساسية (WID).
* ضمان الصحة الجيدة والرفاه: من خلال تحسين الخدمات الصحية والإجتماعية للفئات الإجتماعية على قدر المساواة وتعميم لتغطيةالصحية الإجبارية ونقص الفوارق الإجتماعية للمواطنين داخل نفس الجهة، خصوصا النساء أثناء الوضع والولادة
* توفير التعليم الجيد: من خلال تطوير البنية التحتية التعليمية وتوفير الكفاءات اللازمة، وتشجيع العمل بالوسط القروي والشبه القروي وتحقيق العدالة المجالية في البنيات التحتية
* مكافحة تغير المناخ: من خلال تشجيع الإستثمار في الطاقات المتجددة والحفاظ على البيئة، وتدبير المرافق الأساسية ، تدبير النفايات واعتماد الإقتصاد الدائري والمستدام والحفاظ على الموارد المائية، وجودة الهواء، والحفاظ على الموارد الطبيعية للغابات، والشواطئ،
تحديات وآفاق الجهوية الموسعة
رغم التقدم الذي تم تحقيقه، لا تزال هناك تحديات تواجه تنفيذ الجهوية الموسعة في المغرب، مثل:
* نقص الكفاءات: حاجة الجهات إلى كفاءات عالية لتدبير الشأن المحلي، وتعزيز النخب، فالعمل الجماعي أصبح لايستهوي الكفاءات العلمية والكوادر، ويلجه عادة منتخبين بدون خبرة سياسية وحزبية او شواهد جامعية لتسيير الشأن المحلي أو الجهوي.
* التفاوت في الموارد: تفاوت في الموارد المالية والبشرية بين الجهات، وهذا التفاوت راجع إلى زمن بعيد ابان الإستعمار بين مغرب نافع، ومغرب غير نافع، ما ولد تفاوت و تباين في الموارد ومؤشرات التنمية.
* البيروقراطية: وجود بعض العقبات الإدارية التي تعيق تنفيذ المشاريع، ذات الطابع الإستراتيجي وجلب الإستثمارات الخارجية والتمويلات
.
الخلاصة:
تعتبر الجهوية الموسعة في المغرب أداة أساسية لتحقيق الديمقراطية و التنمية المستدامة وتقليص الفوارق الإجتماعية والإقتصادية. ومع ذلك، يتطلب نجاح هذا المشروع مواصلة الجهود وتجاوز التحديات القائمة، والإيمان بهذا المشروع الطموح، لتحقيق تكامل ورفع مؤشرات التنمية الشاملة وإستغلال المعطيات الإيجابية لتحقيق ذلك في مجالات الثقافة، والحضارة والسياحة، الفلاحة والصناعة والتكنولوجيا والطاقات المتجددة.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News