المغرب اليوم

 الاشتراكي الموحد :  سعي البعض للخلود في تمثيلية الصحافيين والناشرين ذريعة لتأجيل التغيير والإصلاح

  مع ظهور مشروع قانون الحكومة الخاص بخلق لجنة مؤقتة لتدبير المجلس الوطني للصحافة طفى على السطح أخذ ورد حول هذه اللجنة المؤقتة التي تنصبها الحكومة ومن سيكون في عضويتها. وتفيد معطيات تتبع هذا المجلس منذ إعداد مشروع قانون تأسيسه سنة 2016، بل وقبل ذلك، بأن هناك نزوعا لتحريف الاهتمام بقضايا الاعلام ذات الأولوية إلى مسائل تقنية وتدبيرية لتكون بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. والحال أن المفروض هو استثمار المستجدات لإطلاق نقاش وطني حول العوائق البنيوية التي يعيشها الإعلام والتواصل في المغرب، لبلورة مخارج ذات أبعاد استراتيجية في مستوى التحديات التي تجابهها البلاد بهذا الصدد.  

    وبالنظر إلى عدم تحمل الحكومة لمسؤولياتها في حينها لتجسيد احترامها للجسم الإعلامي ، واختلاقها لضغط زمني يفرض حلولا مؤقتة للتهرب من بلورة الحلول الحقيقية، ليس فيما يخص مجلس الصحافة فقط ،بل وفي كل ما يهم حرية الإعلام وحرية التواصل الرقمي ، وإصلاح الإعلام العمومي و رفع اليد عن الإعلام الخاص ؛    فالمطلوب اليوم هو طرح قوانين الإعلام للمراجعة بما فيها مدونة الصحافة والنشر وقانوني الاتصال السمعي البصري وقانون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري… ، واعتماد آلية ذات زمن محدود ومهام معلنة وواضحة لتدبير شؤون مجلس الصحافة بما يضمن تعددية التمثيلية ونجاعة وحيادية المشرفين على ذلك التدبير والتهييء لانتخابات ديمقراطية ، نزيهة وشفافة

   لقد سبق وكشف مقترح قانون الخاص بالمجلس الوطني للصحافة الذي التقت حول مضامينه التسلطية عدة فرق برلمانية ، وكذا مشروع قانون “تكميم الأفواه” لسنة 2020 وكيفية سقوطهما في المهد، محاولات الإطباق التام على الإعلام والتواصل، وعدم الوعي بمخاطر التحولات التي يعيشها الإعلام والتواصل عالميا وانعكاساتها على المغرب دولة ومجتمعا، ولاسيما منها احتكار ملكية وسائل الاعلام والوسائط الرقمية وأدوات تسويقها وإنتاج المحتويات من قبل حفنة من الرأسماليين المتغولين ومن بلدان بعينها على رأسها الولايات المتحدة ،كما كشف عدم فهم واستيعاب أدوار الإعلام في بلد يسعى لبناء انتقاله الديمقراطي الفعلي؛ ومن ثمة فلا غرابة أن يتم العمل على تحويل مجلس الصحافة إلى جهاز إضافي للرقابة و”الوساطة” ؛ عوض تمكينه من صلاحيات وتركيبة بأغلبية صحافية تجعله فاعلا أساسيا في تنظيم وتطوير مهن الإعلام والتواصل كسلطة معنوية تراقب مختلف السلط، وتحمي أخلاقيات المهنة ،وتمكن المجتمع من التعبير عن نفسه بحرية ومن الفعل الديمقراطي بمختلف أشكاله وإزاء مختلف المؤسسات وعبر آليات الديمقراطية التشاركية

 وهي فرصة لنؤكد في الحزب الإشتراكي الموحد أن أحد الروافع التي لا محيد عنها لدمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع هي استقلالية الإعلام وضمان تعبيره الدائم عن تعددية الحياة السياسية والتنوع المجتمعي في مختلف المجالات

 لهذا ندعو للإنصات لكافة مكونات الجسم الإعلامي وتحفيز الحوار بينها، وفي مقدمتها الصحافيات والصحافيين، فتلك المكونات قادرة على بلورة ليس فقط تنظيما ذاتيا ملائما لأوضاعها وتحدياتها، بل والمساهمة في بلورة استراتيجية وطنية للإعلام والتواصل المغرب في أمس الحاجة لها. والتخلي عن جعل الإعلام رهينة في أيدي بعض المالكين “أصحاب الشكارة” وبعض المتحكمين في مؤسسات الإعلام العمومي أفرادا وأجهزة خارج المنطق الديمقراطي ومنطق دولة المؤسسات والحق والقانون

 كما نعتبر أن سعي البعض للخلود في تمثيلية الصحافيين والناشرين، يتخذ كذريعة لتأجيل التغييرات والإصلاحات الضرورية في هذا القطاع، ولتبرير طغيان الهاجس الأمني في التعاطي مع هذا القطاع، مما يفسر الهجومات المتكررة على حرية التعبير وضمنها حرية الإعلام وحرية التواصل الرقمي، والحال أن هناك عدة صحافيين ومدونين رهن الاعتقال نطالب بحريتهم كبداية للحد من أجواء الاختناق الإعلامي والاحتقان السياسي.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى