المجتمع

الائتلاف المدني من أجل الجبل يراسل رئيس الحكومة للإنصاف وتحقيق العدالة المجالية (مذكرة)..

توصل الموقع بمذكرة موجهة إلى السيد رئيس الحكومة
في الموضوع إنصاف الجبل كورش استعجالي لتصحيح التفاوتات وتحقيق العدالة المجالية بناء على التوجيهات الملكية السامية الأخيرة الواردة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش. ننشرها كاملة تعميما للفائدة .

المذكرة :

نتوجه إليكم بهذه المذكرة، مستندين إلى التوجيهات الواضحة التي أكد عليها جلالة الملك في خطاب العرش لهذه السنة بخصوص مطلب العدالة المجالية، وذلك بعد سلسلة من النداءات والرسائل المفتوحة التي وجهناها إليكم في كل مناسبة أو حادث أو احتجاج تبرز فيه مظاهر الظلم والتهميش التي تعاني منها ساكنة المناطق الجبلية.

ولعل أبرز القضايا التي ركزنا عليها في السنتين الأخيرتين ملف تأهيل الأطلس الكبير المتضرر من الزلزال، الذي شكل اختبارا للإرادة الحكومية ولقدرتها على تحويل الكارثة إلى فرصة لجبر ضرر سكان الجبل وورش لتأهيل المجال الجبلي وحمايته، خاصة وأن التعليمات الملكية غداة الزلزال كانت حازمة توجه الحكومة إلى تسريع إعادة الإعمار في احترام لأصالة الطابع المعماري والأنماط الاجتماعية المتعارف عليها في هذه المناطق.

وذلك تجسيدا لحرصنا على مواصلة أدوارنا الترافعية وتفعيل اليقظة المواطنة في التتبع والتقييم والاقتراح.

السياق والدواعي:

سياق دستوري ودولي:

ينص الفصل 31 من الدستور المغربي على حق المواطنات والمواطنين في الصحة، التعليم، السكن اللائق، التنمية المستدامة، العدالة الاجتماعية والمجالية.

كما أن المغرب ملتزم بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خاصة: الهدف 10: تقليص الفوارق، والهدف 11: مدن ومجالات ترابية مستدامة.)

تفاعل ملكي حازم:

في خطاب العرش لسنة 2025، وقف جلالة الملك محمد السادس على واقع الاختلالات المجالية والاجتماعية، مؤكدًا أنه “لا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين”
وداعيًا إلى “إحداث نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية، والانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة”.

هذا التوجيه الملكي يأتي في سياق استمرار التفاوتات العميقة بين المجالات، وتدهور أوضاع ساكنة الجبل وتنامي صرخات المطالبة بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية.

وهذا الواقع تؤكده المعطيات التي أصدرتها المؤسسات الرسمية: (المندوبية السامية للتخطيط، إحصاء 2024، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتقارير البرلمانية حول تقييم السياسات العمومية، …)، والتي تجدون فيها ما يغنيكم عن البحث والتشخيص، وهذه بعض الأمثلة من المعطيات الرسمية:

نسبة الفقر متعدد الأبعاد في بعض المناطق الجبلية تتجاوز% 14 مقابل %6.8 على الصعيد الوطني؛
أكثر من %35 من ساكنة الجبال تعاني من صعوبة في الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية؛ %97 من المستشفيات بالنظام الصحي العمومي تتوطن بالوسط الحضري، %98 من التجهيزات الطبية بالقطاع العام تتركز بالمدن الكبرى: الرباط – الدار البيضاء – فاس – طنجة؛

تعرف جل الأقاليم والجماعات الجبلية خصاصا مهولا في الخدمات الصحية (مثال: إقليم تاونات يتذيل الترتيب في عدد الأسرة 1.3 لكل 10 آلاف نسمة، والأطباء 1.33 لكل 10 آلاف نسمة، والممرضين 5.8 لكل 10 آلاف نسمة. (تقرير لجنة برلمانية-2021)؛

مستويات خطيرة في الهدر المدرسي ونسب أمية تفوق %47، مقابل %32 وطنيًا؛.نقص حاد في البنية التحتية الطرقية والرقمية يكرس عزلة العديد من القرى؛
نزيف مستمر في الهجرة القسرية نحو المراكز الحضرية بسبب غياب فرص العيش الكريم.

كما يؤكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن المناطق الجبلية تجسد نموذجا للتهميش رغم كونها ركيزة استراتيجية للموارد المائية (%70 من المخزون المائي) والثروة الغابوية (62%) والتنوع البيولوجي، والإرث الثقافي.

أما التقييم البرلماني لبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية (2017–2023) فإلى جانب تثمين المجهود المبذول، يسجل وجود قصور في الحكامة والتنسيق القطاعي، وضعف الأثر الفعلي لهذه الاستثمارات واستدامتها، لغياب رؤية شمولية وقانون إطار ملزم.

المخاطر الناتجة عن استمرار الوضع

تفاقم الفوارق المجالية والاجتماعية بما يهدد التماسك الوطني..وارتفاع كلفة معالجة العجز التنموي اجتماعيا واقتصاديا كلما تأخرت التدخلات، وتسريع وتيرة الهجرة القروية وتفريغ الجبال من ساكنتها. وفقدان الثقة في المؤسسات وتقويض ركائز النموذج التنموي الجديد.

مطالب الائتلاف المدني من أجل الجبل

اعتماد إطار قانوني ملزم والتسريع بإصدار قانون إطار خاص بالمناطق الجبلية، يكون مرجعًا استراتيجيًا لتوجيه السياسات العمومية وضمان العدالة المجالية.

اعتماد سياسات عمومية ملائمة للخصوصيات المجالية من خلال مقاربة ترابية مندمجة تضمن الانتقال من التدخلات التقليدية إلى برامج جهوية شاملة ترتكز على تحسين الخدمات الأساسية (الصحة، التعليم، النقل، الماء،). وفك العزلة الترابية والرقمية. ودعم الاقتصاد المحلي والتشغيل للحد من الهجرة القسرية. واعتماد سياسة بيئية ومائية استباقية تراعي هشاشة الجبال.

الآلية المقترحة للتنفيذ:

إحداث هيئة وطنية بصلاحيات عليا لتنمية المجالات الجبلية تحت إشراف رئاسة الحكومة، تضم ممثلي الوزارات، الجماعات الترابية، والخبراء والهيئات المدنية.

عقد مناظرة وطنية حول العدالة المجالية وتنمية الجبل قبل نهاية 2025 للتشاور حول مكونات القانون الإطار وتعبئة الموارد المالية والبشرية.

وخلق سبل استفادة المناطق الجبلية من عائد ثرواتها ومن مزايا العدالة الجبائية؛

وضع خطة حكومية محددة الأهداف والمؤشرات، تشمل (نسب فك العزلة الطرقية خلال 5 سنوات. نسب التغطية الصحية والحماية الاجتماعية في المناطق الجبلية. نسب توسيع التزويد بالماء الشروب، نسب الاستثمارات العمومية والخصوصية المستهدفة، نسب توسيع شبكة الاتصال والخدمات الإلكترونية…

وفي الأخير نذكركم، السيد رئيس الحكومة، أن إنصاف الجبل لم يعد خيارًا محبذا بل ضرورة وطنية واستراتيجية لضمان التنمية المتوازنة.

إننا في الائتلاف المدني من أجل الجبل نعتبر أن تنزيل الرؤية الملكية السامية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرادة حكومية قوية، مصحوبة باعتماد إطار قانوني واضح وسياسة عمومية ملائمة وخطة تنفيذية ذات أثر ملموس في المدى القريب.

عن الائتلاف المدني من أجل الجبل
المنسق الوطني: محمد الديش

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى