أكادير اليومالرأي

الإعلام بين حرية النشر والرقابة القانونية

يسعد نادي القضاة مشاركة الإعلام الذي أصبح يفرض نفسه كسلطة رابعة المشاركة في هذا العرس الثقافي المنظّم من طرف الودادية الحسنيّة للقضاة-المكتب الجهوي بأكادير بمعية النادي الجهوي للصحافة بأكادير تحت عنوان :الممارسة الصحفية بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية..وتكمن أهمية هذا الموضوع في العلاقة بين الإعلام والقضاء علاقة ذات حساسية وجدّ معقّدة بحيث تلعب وسائل الإعلام دوراً هامّاً وحيويّاً في تشكيل الرأي العام بنشر المعلومات القانونية والقضائية وحول سير العدالة وعمل المحاكم.. ومن جهة ثانية يواجه القضاء تحدّيات تستدعي التوازن بين الحقّ في المعلومة وحق الأفراد في محاكمة عادلة.. هي دينامية تستوجب فتح قنوات التواصل الفعّال بين الإعلام والجهاز القضائي بما يخدم الصالح العام.. إذ يجب على الإعلام توعية المجتمع بحقوقه وبالقوانين المؤطرة له.. بينما يجب على القضاء تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد في استقلالية تامّة بعيداً عن الضغوطات الإعلامية في بعض الأحيان.. وان يبقى كلا الجهازين في تناغم وتكامل مستمرّين)
هو تصريح إعلامي للدكتور هشام الحسني بصفته رئيسا للمكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة على هامش الندوة العلمية أول امس بقاعة المركب الإصطيافي لوزارة العدل بأكادير…
نعم اول امس كان يوما استثنائيا بالنسبة لي والذي عاش مرحلة كان الجهاز القضائي المغربي في تصادم عنيف مع أسرة الصحافة ومنشوراتهم لأقارنها مع اليوم وانا اتابع هذا التصريح للسيد رئيس الودادية ووكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية إنزكان يتحدث عن الإعلام والصحافة كركيزة اساسية لتحقيق مجمتع العدالة وصيانة الحقوق والقول بأن المقارنة بين المرحلتين تؤشر على هذا النضج الديمقراطي لبلدنا الواعي بأهمية التكامل والتناغم بين المؤسسات والسلط كما جاء في التصريح أعلاه.. أو خلال فعاليات الندوة العلمية التي أطر ها واغناها أساتذة قضاة وإعلاميين أمام حضور نوعي ومتميز من الجهازين القضائي والإعلامي..

الإعلام بين حرية النشر والرقابة القانونية - AgadirToday
ورغم ما يسجل من إيجابية إن على مستوى تفاعل القاعة مع المنصة فإن عامل الوقت وضبطه حال دون توسيع النقاش حول مفاهيم وإشكالات تحتاج – حسب اعتقادي – إلى يوم دراسي من طرف متخصصين وخبراء في مجالي القضاء والإعلام بشكل عام..
وبعيداً عن سلطة المنصة اول امس.. قريباً إلى بياض هذه الورقة مستحضراً كل الفصول والقوانين التي سمعتها خلال الندوة حتى كدت ان أهاجر الكتابة حتى لا أقع في المحظور وتحت طائلة القوانين..
هو المناخ السائد في القاعة بالتركيز على اختزال الصحافة في نقطة واحدة ( الخبر/ الإشاعة) والحال ان الفعل الصحفي هو أيضا صحافة التحقيق والإستقصاء التي يمكن للصحفي ان يتعرض فيها لضغوطات حد الترهيب والتعنيف – وعن تجربة – فمن يحمي الصحفي هنا..؟!
من هنا تأتي أهمية التكامل والتناغم بين الجهازين القضائي والإعلامي كما في تصريح السيد الرئيس حيث أن القضاء هو الضامن لإحترام حرية التعبير والصحافة.. وهي الجهة التي يلجأ إليها عندما يتمّ المساس بهذا الحق.. والوجه الآخر من العملة هو دور الصحفي في مساعدة القضاء من خلال ما ينشره من أخبار حول الخروقات والإنتهاكات للحقوق وحول الفساد والإجرام في حق المال العام وغيرها بحيث يستطيع القضاء تحريك آليّات البحث والتحقيق بشأنهامما مما سيؤدي حتماً إلى تحفيز ثقة المجتمع في جهازه القضائي..
بهذا المعنى هو فضاءين متكاملين في تطلّعهما للاستقلالية عن أجهزة أو مؤسسات أو لوبيات مصالح بل في خندق واحد للتصدي للتجاوزات وتقويم السلوكات.. وفق مبادئ مشتركة مبادىء مشتركة، أبرزها الحياد والتجرد والكشف عن الحقيقة..
لكن لا يبدو الأمر دائما في صورة التوافق والتكامل المقدمين أعلاه، فسبل التضاد قائمة وطبيعية في مجمتع حيوي يتطلع نحو المستقبل كبلدنا..
صحيح هناك ضعف وفقر في الثقافة القانونية للصحفيين لا محالة سيخلق مشكلاً بين السلطتين القضائية والإعلامية.. لكن لجوء السلطة القضائية أيضاً إلى القانون الجنائي لمتابعة الصحافيين بدل قانون الصحافة والنشر فيه إجحاف وتضييق للحرية إلى حد بعيد..
من هنا تأتي أهميّة هذه اللقاءات العلمية لتعميق النقاش في هذه المنطقة الرمادية بين حرية النشر والتعبير والمساءلة القانونية وصولاً إلى تحقيق التوازن بين ممارسة حرية الصحافة والحق في التعبير والرأي وبين حماية كافة الحقوق..
هو ورش مفتوح للنقاش قد تكون أمسية البارحة عنوانا لبدايته وصولاً إلى تغيير صفة الصحفي المستقل والحر إلى صفة الصحفي المسؤول والقاضي الحامي لكافة الحقوق افراداً ومؤسسات..
ولا أفق لنا غير الانخراط الجاد في هذا الإتجاه خاصة واننا أمام موعد تاريخي سنكون فيه أمام أنظار العالم نطمح جميعاً ان تصل مملكتنا سقف ضمان مقوّمات التنمية الاجتماعية المستدامة وسيادة مستلزمات الحرية تحت سيادة دولة الحق والقانون

*يوسف غريب كاتب صحفي

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى