الجهة اليوم

الإعلام الجهوي بالمغرب: رهانات التطوير وآفاق التنمية المحلية

  • بقلم: حسن كرياط//

يعتبر الإعلام الجهوي في المغرب دعامة أساسية لتعزيز التنمية المحلية وترسيخ أسس الديمقراطية التشاركية. ورغم التحديات التي تعترض سبيله، فإنه يمتلك إمكانات كبيرة تؤهله ليصبح أداة فعّالة قادرة على خدمة قضايا المجتمعات المحلية بمختلف تنوعها الجغرافي واللغوي. إلا أن تحقيق هذا الطموح يتطلب توافر إرادة سياسية واضحة واستثماراً فعلياً في العنصر البشري والبنية التكنولوجية، خصوصاً في ظل التوجه نحو تفعيل الجهوية المتقدمة وترسيخ اللامركزية.

إن الإطار القانوني الذي ينظم الإعلام الجهوي، وعلى رأسه القانون 88/13 المتعلق بالصحافة والنشر، يمنح هذا المجال أداة للتعبير عن التنوع الثقافي واللغوي في المملكة. ومع ذلك، تبقى تطلعات الجسم الصحفي متوجهة نحو توسيع هامش الحريات وتعزيز استقلالية الإعلام، بما يمكنه من أداء رسالته النبيلة في الترافع عن القضايا الوطنية والمحلية بمهنية واحترافية.

ومع الترسانة القانونية المتاحة، تظل هناك تساؤلات ملحة حول قدرة الإعلام الجهوي على الاضطلاع بأدواره المحورية. إذ يتعين عليه التفاعل بعمق مع قضايا كحقوق الإنسان، الوحدة الوطنية، والقضية الأمازيغية، وغيرها من المواضيع التي تشغل بال المواطن المغربي. ومع ذلك، يواجه الإعلام الجهوي إكراهات حقيقية تحد من فعاليته، أبرزها ضعف الموارد المالية، قلة التكوين المهني للصحفيين، وصعوبة التكيف مع التحولات الرقمية، مما ينعكس سلباً على جودة المحتوى الإعلامي واستقلاليته.

كما يتعرض الإعلام الجهوي لانتقادات بسبب غيابه عن مواكبة القضايا الوطنية الكبرى، مثل قضية الصحراء المغربية التي تعد الشأن الأول للمغاربة. ورغم الجهود المبذولة، لا يزال التناول الإعلامي لهذه القضية محدوداً وموسمياً، مما يُضعف أثره في الترافع عنها على المستوى المحلي والوطني والدولي.

لتجاوز هذه التحديات وتحقيق الأهداف المرجوة، يطرح المهتمون بمجال الإعلام مجموعة من الخطوات العملية، من أبرزها توفير الدعم المالي واللوجستي للمؤسسات الإعلامية، تنظيم دورات تدريبية لتأهيل الصحفيين مهنياً، وتعزيز الاستثمارات في الإعلام الجهوي من خلال شراكات فعّالة بين القطاعين العام والخاص. كما يشددون على ضرورة تبني التكنولوجيا الحديثة عبر إنشاء منصات رقمية تفاعلية تلبي احتياجات الجمهور، مع التركيز على تقديم محتوى متعدد اللغات يعكس التنوع الثقافي للمملكة.

وصفوة القول، يظل الإعلام الجهوي ركيزة أساسية يمكن الاعتماد عليها لتحقيق التنمية المحلية وتلبية تطلعات المواطنين، بشرط توفير الإمكانات والدعم اللازمين لتطويره. وباتباع رؤية واضحة وعملية، يمكن للإعلام الجهوي أن يصبح صوتاً قوياً يعكس هموم المواطنين ويدافع عن قضايا الوطن بموضوعية واحترافية.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى