الإخوان موسير–لارياش : أوحين تصبح أكادير نصّاً غنائيّاً
لست هنا للحديث عن الفرقة الغنائية إخوان موسير – لارياش فسمعتها تتجاوزني تجاوز اغانيها أسوار أكادير سوس إلى ما فوق الوطن هناك وسط جالياتنا ومغاربة العالم.. ولا أدّعي المعرفة والدراية لقراءة مسار هذه التجربة الغنائية واسلوبها الإيقاعي المتميّز وحضورها القوي على مدار هذه العقود لتعزز بذلك المشهد الثقافي والفني الامازيغي بظهور نمط جديد (مجموعات غنائية ) كطفرة نوعية في مسار الاغنية الامازيغية كجزء لايتجزّأ من الحراك الفني الذي عرفه المغرب ما بعد الظاهرة الغيوانية..
ونحن على مسافة زمنيّة بلغت سقف نصف قرن من عمر هذه المجموعة يتساءل المهتم عن القيمة الفنية لتراكمها الإبداعي عن لونها الغنائي… عن بصمتها وسط هذا الكم من المجموعات المتشابهة الي حد بعيد..
البعض من هذه الأجوبة قد لا نجد احسن مما كتبه الأديب المغربي محمد خير الدين : قال بأن أفرادها أصابوا حظا من التعليم،و حازوا معرفة واسعة بموسيقى الشعوب الأخرى فهم يثرون الايقاعات الشلحية القديمة ،على حد وصفه و يسبغون على الدوال التقليدية بعدا عالميا ثم أردف ،أن غنائهم ليس كله حنين الى ماض أبلاه الأسلاف،بل يتغنون كذلك ،ببناء مستقبل،لايزال أمرا متأرجحا ،يداخله الشك.أولئك شعراء النهضة الأمازيغية (استهلال رواية أغنشيش،ترجمة عبد الرحيم حزل،ص18،جذور للنشر ،الطبعة الأولى ،سنة 2007).
ولو كان الأديب خير الدين حيّاً لأثنى كثيراً على هذه الروح السيزيفيّة التي تغدّي شرايين هذه المجموعة الإخوانية في رفع صخرة الأغنية الأمازيغية بنفس نضاليّ استثنائي إلى حدود اليوم دون أن تتعرّض لارياش / أجنحة حريتهم لأي تعطيل اوتكسير رغم معاكسة رياح الحياة وقلق الإستقرار العائلي والإجتماعي الذي تتعارض كليّاً مع الإبداع وشحاحة موارده حد الفقر والحاجة
هذه المعادلة استطاعت الفرقة ان تنجح في ذلك.. وهي المناسبة في رفع القبّعة للجناح الأكبر الفنان مصطفى موسير في الوفاء بوصيّة أبيه وهو يضع مستقبل بقية إخوته أمانة في عنقه بعد أن اصيبوا بعدوى الفن وهم صغار..
ولم يعودوا إلى شغفهم الفني إلا بعد أن اسسوا لأنفسهم حصانة اجتماعية وقائية من عوائد الدهر وتقلباته.. هو نفس الوفاء لاحد الأجنحة التي سقطت وسط الطريق وبقيت روحه عالمياً حاضرة مستمرة بقية المسار والمسير
الوفاء للحرية… حرية الاستقلال عن اية جهة او ابتزاز واستغلال من جهات أخرى..
والولاء للفن كواجب أخلاقي ونضالي في خدمة الهوية والشخصية الأمازيغية أكثر مما هو لسنيّ لغوي نحو ذاكرة الأمكنة والرموز والشخصيات
هي بصمة هذه المجموعة اليوم وهي تنتبه بشكل ذكي إلى أهمية الأغنية والايقاع في حفظ الذاكرة كعملية توثيقية تدوينية ضمن صفحات التاريخ المحلي
هي ثورة فنيّة استثنائية بقيادة الفنان مصطفى موسير وإخوانه وقد ارتقوا بمدينة أكادير إلى نص غنائي يؤرخ لمعالم هذه الحاضرة للأجيال القادمة.. بعد مئة لا ضمانة لنا أن حيّ بوتشاكات سيحافظ على معالمه مستقبلاً أو سنيما سلام تلبرجت.. ليلة الزلزال وآخرها معلمة ث يوسف بن تاشفين..
فالحيطان تسقط.. والمعالم تندثر بقوة الدهر وتعرية الزمن.. ولن يبقى إلاّ مادوّن..
والاروع ان يدوّن على نفس ايقاعي غنائي..
هي تجربة مجموعة لارياش– إخوان موسير اليوم من أجل المستقبل..
مؤرخون باصوات فنية.. او فنانون بشغف المؤرخين..
هو ما يبقى حين ينتهي الحكي.
وينتهي المسار بين جيل وجيل
والمؤكد أن أغاني لارياش ستظل حية…
وستبقى بعضا من مواويلها محملة بشموس…تشبهنا
تشبه مدينتنا أكادير حتى إذا استراحت تستريح على كتف الشفق ثم تتابع صعودها باجنحة لارياش
يوسف غريب كاتب صحفي
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News