الثقافةالرأي

الأمويون والأمازيغ والحرب القذرة

بقلم : م.عبدالسلام صرصاري – ورزازات//

 سبق لي أن ذكرت في مقال سابق (دخول الإسلام إلى بلاد الأمازيغ ) أن الإسلام وصل إلى المغرب قبل الغزو العربي بسنوات وأجيال وأن من أوصل الإسلام إلى تمازغا ، ليس العرب ، وإنما رجال تمازغا.

وأن أحاديث نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد بقوة الاتصال المادي للأمازيغ برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأهله والصحابة والخلفاء.

وأشرت فيه إلى تعرض الأمازيغ لحرب قذرة من طرف الحكام الأمويين، لما للأمازيغ  المسلمين من مكانة في التاريخ الإسلامي .

هذه الحرب التي شنت على الأمازيغ من قبل حكام الدولة الأموية وولاتهم ، والتي تمثلت في حروب عسكرية ، وأخرى دينية .

1 – الحرب الدينية

فأمام الصيت الحسن للأمازيغ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله وصحابته والخلفاء الراشدين  والصورة الجميلة التي يحتفظ بها هؤلاء للأمازيغ ، تعبر عنها هذه الأحاديث الشريفة :

في صحيح مسلم :

سألت نافع بن عتبة بن ابي وقاص ،قلت : حدثني هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الدجال ؟  قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ناس من المغرب أتوه ليسلموا عليه ،وعليهم الصوف…….الخ

وفي الدرر السنية ،قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب،عليهم ثياب من الصوف، فوافقوه عند أكمة

وذكر الخفاجي ومحمد المختار السوسي قصة الركراكين السبعة واتصالهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتحاوره معهم باللغة البربرية ، وأمره إياهم بالعودة إلى بلاد المغرب الأقصى لنشر الدعوة الإسلامية .

ومن ما يظهر مكانة الأمازيغ و فضائلهم ما بلغ عن أمنا عائشة رضي الله عنها , أنه دخل عليها ذات مرة رجل من البربر وهي جالسة ومعها نفر من المهاجرين والأنصار , فقامت عائشة عن وسادتها فطرحتها للبربري دونهم , فانسل القوم واجلين بذلك فلما قضى البربري حاجته وخرج أرسلت إليهم عائشة , حتى اجتمعوا إليها, وقالت لهم :ما الذي أوجب خروجكم علي تلك الحال ؟ قالوا  لإيثارك علينا و على نفسك رجلا كنا نزدريه, وننتقص قومه , فقالت إنما فعلت ذلك لما قال فيهم رسول الله صلي الله عليه وسلم , قالت أتعرفون فلانا البربري ؟ قالو نعم.

قالت كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم , ذات مرة جالسين , إذ دخل علينا ذلك البربري , مصفر الوجه غائر العينين , فنظر إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم , فقال ما دهاك ؟ أمرض ؟ فارقتني بالأمس ظاهر الدم , فجئتني الساعة كأنما انتشلت من قبر , فقال , يا رسول الله صلي الله عليه وسلم , بت في هم شديد , فقال ما همك ؟ قال : تردد بصرك في الأمس خفت أن يكون نزل في القرآن , فقال : لا يحزنك ذلك, فإنما ترديدي البصر فيك لأن جبريل عليه السلام جاءني , فقال : أوصيك بتقوى الله والبربر قلت : و أي بربر ؟ فقال : قوم هذا , و أشار إليك , فنظرت إليك , فقلت لجبريل ما شأنهم ؟

قال : قوم يحيون دين الله بعد أن يموت و يجددونه بعد أن يبلى ، ثم قال جبريل :

يا محمد دين الله خلق من خلق الله نشأ بالحجاز و أهله بالمدينة , خلقه ضعيفا ثم ينميه و ينشئه , حتى يعلو ويعظم , ويثمر كما تثمر الشجرة , ثم يقع و أنما يقع رأسه بالمغرب , والشيء إذا وقع لم يرفع من وسطه , ولا من أسفله , إنما يرفع من عند رأسه في أرجائه

وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قدم عليه وفد من البربر , أرسلهم إليه عمرو بن الطايع وهم محلقو الرؤوس و اللحى , فقال لهم عمر من أنتم ؟ قالوا من البربر من لواتة ؟ فنظر إليهم رضي الله عنه فاستحضر ترجمانا يترجم كلامهم  ( ومن سيكون الترجمان في نظركم ؟ لن يكون إلا أمازيغيا يعيش هناك ), فقال لهم مالكم محلقو الرؤوس و اللحى ؟ فقالوا شعر نبث في الكفر , فأحببنا أن نبدله بشعر ينبث في الإسلام , فقال هل لكم مدائن تسكنونها فقالوا : لا , قال : فهل لكم حصون تتحصنون فيها ؟ فقالوا كذلك لا , فقال : هل لكم أسواق تتبايعون فيها ؟ فقالوا : لا , قال : فبكي عمر ابن الخطاب رضي الله عنه , فقال له جلساؤه وما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر أبكاني حديث سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم , يوم حنين١, حين انهزم المسلمون فنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم , أبكي فقال ما يبكيك يا عمر ؟ فقلت أبكاني قلة هذه العصابة من المسلمين , و اجتماع أمم الكفر عليها

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ” لا تبك يا عمر , فإن الله عز وجل سيفتح للإسلام بابا من المغرب بقوم يعز بهم الإسلام ويذل بهم الكفر , أهل خشية وبصائر يموتون علي ما أبصروا , وليست لهم مدائن يسكنون فيها ولا حصون يتحصنون فيها , ولا أسواق يتبايعون فيها  فلذلك بكيت الساعة , حين ذكرت رسول الله صلي الله عليه وسلم , وما ذكر من الفضل عليهم فردهم إلي عمرو ابن الطايع وأمره أن يجعلهم في مقدمات العسكر, و أحسن إليهم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأكرمهم, و أمر عمرو بن الطايع أن يحسن إليهم .

وبلغ عن أمنا عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهم و أرضاهم أنها أبصرت صبيا ذا جمال وهيبة فقالت من هذا الصبي السعيد ؟ قالوا من البربر , قالت عائشة البربر يقرون الضيف و يلجمون الطغاة لجام الخيل . مسعود بيده لو أدركتهم لكنت لهم أطوع من إمائهم , و أقرب إليهم من دثارهم .

وقيل إن فاطمة بنت نبي الله صلى الله عليه وسلم أمرت جارية لها أن تتصدق بصدقة فقالت لها:” إذا قبلت الصدقة منك فإسألي الذي يأخذها منك, من هو وفي أي بلد مسكنه؟” قال: فخرجت الجارية بالصدقة, فقالت:” من يقبل صدقة آل رسول الله”, فقام رجل, فقال لها:” أنا موضع صدقة آل رسول الله”, فقالت له:” من أين أنت؟ و في أي بلد مسكنك؟”, قال لها:” أنا من ولد بربر”, فأعطته الصدقة, ورجعت مسرعة الى فاطمة, فأخبرتها, فقالت أخذ صدقة آل رسول الله, رجل من البربر”, فقالت لها:” علي بالرجل”, فلحقته الجارية…, وقالت له:” أيها الرجل إن فاطمة بنت رسول الله تسأل عنك”, قال:” فرجع البربري خائفا …, فلما وقف على الباب, كشفت القناع عن وجهها و هي باكية, و تقول: إني سمعت رسول الله يقول:” يا فاطمة, سيقتل الحسن و الحسين و يقتلونهم و يجلون أولادهم العرب, و يؤويهم البربر, فيا شر من فعل بهم ذلك, وطوبى لقوم يؤونهم و يحبونهم”, وقد جعل الله في قلوب البربر الرأفة والرحمة لذرية الرسول (ص) ولعامة المسلمين, وهم يكونون القائمين بهذا الدين على يقين ومنهاج واضح, قال ذلك الصادق المأمون, وأمر بتقدمهم بأمر الله“.

و لا ننسى راشد مولى المولى إدريس الذي عاش مع أهل  بيت رسول الله عليه أفضل الصلوات والسلام ، والذي أوصله سالما إلى قبيلة أوربة هربا من بطش العباسيين.

كل هذا وغيره أغاض حكام الأمويين، ما جعلهم  يقومون بهجوم مضاد ، تمثل في خلق أحاديث  مزورة واهية عن البربر، كما فعلوا بغيرهم.

وقد رأوا أنّ أقوى أسلحة‌ الغلب‌ أن‌ يستعينوا‌  بأدلّة‌ مأثورة‌ عن‌ النبي‌ّ يشوهون بها صورة وسير الأمازيغ، وكان‌ الشيخ‌ محمّد عبدُه‌ يري‌ أنّ وضع‌ الاحاديث‌ بخاصّةٍ في‌ زمن‌ الامويّين‌ من‌ أعظم‌ المصائب‌ التي‌ نزلت‌ بالإسلام.

فأتوا بهذه الأحاديث التي لا يخفى على مسلم بسيط أن يفطن إلى أنها أحاديث مزورة حاشا أن تنسب إلى سيد الخلق وخاتم الأنبياء والرسل عليه وعليهم أفضل الصلوات والسلام :

روى الطبراني في الأوسط أنه صلى الله عليه وسلم قال: الخبث سبعون جزءا؛ فجزء في الجن والإنس، وتسع وستون في البربر

وروى أحمد في مسنده عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ ” قَالَ: بَرْبَرِيٌّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” قُمْ عَنِّي “، قَالَ: بِمِرْفَقِهِ هَكَذَا، فَلَمَّا قَامَ عَنْهُ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ” إِنَّ الْإِيمَانَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ .

وروى أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً، فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا بَرْبَرِيًّا، فَلْيَرُدَّهَا.

وفي كتاب الفتن جاء فيه : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي وصيف بربري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن قوم هذا أتاهم نبي قبلي فذبحوه وطبخوه وأكلوا لحمه وشربوا مرقه )

وقال الطبراني في “المعجم الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الخبث سبعون جزء، للبربر تسعة وستون جزءا وللجن والإنس جزء واحد)

 قال بن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن يزيد بن سنان: حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ( ولد لنوح ثلاثة، سام وحام ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد حام القبط والبربر ولا خير فيهم )

ولمحاربة اللغة الأمازيغية قولهم عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: «تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ

وقالوا العربية من الدين لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها ،و أنها لغة أهل الجنة، وأنها لغة آدم ولغة غيره من الأنبياء، وأن الله أوحى اللغة العربية لأنبيائه وحياً، بدءاً بأبي الأنبياء آدم عليه السلام وانتهاء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن الدعاء لا يقبل إلا بها ، وغير ذلك من المزاعم

وهناك عنصر آخر زاد من حقد الأمويين على الأمازيغ ، وهي تلك العلاقة  المثينة بين الأمازيغ وآل بيت رسول الله ، تبينها الأحاديث المروية ، والعلاقات القائمة ، فقد تزوج الإمام جعفر بن محمد الصادق من امرأة أمازيغية اسمها حميدة  ، وتعرف بحميدة المغربية البربرية.

أبوها هو صاعد البربري. وقد عرفت بالصلاح حتى أن الإمام الصادق كان يمدحها ويصرح برضاه عنها، ويقول عنها : إن حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، وما زالت الأملاك تحرسها “.

 حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة،وكانت من أعظم نساء أهل البيت فقد كانت فقيهة؛ ولذلك كان جعفر الصادق يُرجع النساء لها من أجل أخذ الفتيا منها في الأحكام الشرعية، وكان يبعث والدته أم فروة وزوجته حميدة المصفاة لقضاء حقوق أهل المدينة

2 – الحروب العسكرية :

عندما علم الأمازيغ بقدوم عقبة ابن نافع لنشر الإسلام استعدوا لاستقباله استقبالا يليق بقادة الإسلام ،وفعلا رحبوا به وبحفاوة لكنهم لم يجدوا في  أفعاله وأقواله ما يربطها بالإسلام ولا بالفتح و لا نشر الإسلام. مما اضطر الأمير أكسيل المعروف عربيا بكسيلة للخروج  على عقبة وقتَله ومن معه من الغزاة، انتقاما لشرف تمازغا ، وحررالسبايا من بنات وغلمان تمازغا ومن بينها ثلاث بنات لإكسيل نفسه.

وكان الخلفاء الأمويون باستثناء عمر بن عبدالعزيز ، يطلبون من قوادهم أو ولاتهم موافاتهم بالجواري والغلمان  كما جاء في رسالة الخليفة سليمان بن عبد الملك  الذي كتب إلى عامله على إفريقية أما بعد فإن أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبد الملك بن مروان أراد مثله منك وعندك من الجواري البربريات الماليات للأعين الآخذات للقلوب ما هو معوز لنا بالشام وما والاه فتلطف في الانتقاء وتوخ أنيق الجمال وعظم الاكفال وسعة الصدور ولين الأجساد ورقة الأنامل وسبوطة العصب وجدًالة الاسوق وجثول الفروع ونجالة الأعين وسهولة الخدود وصغر الأفواه وحسن الثغور وشطاط الأجسام واعتدال القوام ورخام الكلام ومع دلك فاقصد رشدة وطهارة المنشأ فإنهن يتخذن أمهات أولاد والسلام

قال البغوي: ولي موسى ابن نصير إمارة بلاد إفريقية سنة تسع وسبعين فافتتح بلاد كثيرة جدا مدنا وأقاليم، وقد ذكرنا أنه افتتح بلاد الأندلس، وهي بلاد ذات مدن وقرى وريف، فسبى منها ومن غيرها خلقا كثيرا، وغنم أموالا كثيرةً جزيلةً، ومن الذهب والجواهر النفيسة شيئا لا يحصى ولا يعد، وأما الآلات والمتاع والدواب فشيء لا يدرى ما هو وسبى من الغلمان الحسان والنساء الحسان شيئا كثيرا، حتى قيل أنه لم يسلب أحد مثله ، وذكر ابن كثير أن موسى هذا  بعث ابنه مروان على جيش فأصاب من السبي مائة ألف رأس، وبعث ابن أخيه في جيش فأصاب من السبي مائة ألف رأس أيضا من البربر ، فلما جاء كتابه إلى الوليد وذكر فيه أن خمس الغنائم أربعون ألف رأس قال الناس: إن هذا أحمق، من أين له أربعون ألف رأس خمس الغنائم؟ فبلغه ذلك فأرسل أربعين ألف رأس وهي خمس ما غنم، ولم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير أمير المغرب

هذه فقط بعض ما ذكر في بعض الكتب والمراجع وليس كلها وهنا علينا ان نتخيل الكارثة التي حلت على شعوب الامازيغ بقدوم العرب الغزاة من قتل و نهب لخيراتهم وابادتهم و سبي و بيع أطفالهم في اسواق النخاسة لتلبية الرغبات الجنسية وهذا باسم الرسالة المحمدية ، وهي منهم بريئة.

وكان الأمازيغ حين الفتح الإسلامي قبائل متفرقة كل قبيلة منهم تخضع لزعيمها مما جعلها قوية ومتمارسة واكتسبت مهارة حربية فائقة سهلت عليها مواجهة الغزو العربي بكل جدارة .وكان من المستحيل الخضوع لنظام غريب عنهم واستباحة أراضيهم.

 ويذكر المؤرخون أن تيهيا بعد ما هزمت حسان بن النعمان سنة 69 فكرت في وسيلة تقطع بها أمل العرب في الرجوع إلى مهاجمتها فقامت بحرق المراعي والشجر والمزارع .

 وفي ما سمي بمعركة الأشراف قاد خالد بن عبد الحميد الزناتي جيش الأمازيغ واستطاع بحنكته أن يقصم ظهر الخلافة الأموية وهزمهم في معركة الأشراف وقتل فيهم خيرة الجند من شبه الجزيرة العربية، فكان لنجاح الثورة المغربية الأثر الكبير في قيام ثورة في الأندلس حيث نزعوا الوالي فيها وعينوا آخر منهم، فأصبح كل هم الجيش الأموي أن يرابط على حدود تلمسان.

وقد دامت مقاومة الأمازيغ  أكثر من ستين سنة. وهذه المقاومة العسكرية كانت توازيها مقاومة إيديولوجية تمثلت في رفض الأمازيغ  للعرب بسبب انشغال الفاتحين بجمع الأموال وسبي النساء. وفي ذلك قال ابن خلدون إن “البربر” ارتدوا عن الإسلام

استمرت عملية غزو إفريقية مدة طويلة قدرها المؤرخون بأزيد من سبعين سنة ( 70 سنة ) أي من 25 هجرية إلى غاية نهاية ولاية موسى بن نصير عام 95 للهجرة ، في حين أنها لم يزد غزو مصر عن عامين ، والشام عن سبع سنين ، فالغزو العربي للشام ومصر كان فاصلا في سنواته الأولى عكس حال المغرب.

وكانت أطول الغزوات زمنا ، وأكثرها تأثيرا هي الغزوة الأخيرة ( غزوة موسى بن نصير ) التي استمرت زهاء العشر سنوات ، (95/85)

3) الغزوات العربية الإسلامية الثمانية لبلاد (تمازغا).

حدثت في عهد حكم ستة من الخلفاء ، راشدي واحد (عثمان بن عفان)، وخمسة من خلفاء بني أمية (معاوية بن أبي سفيان ، يزيد بن معاوية ، عبد الملك بن مروان ، الوليد بن عبد الملك ، سليمان بن عبد الملك ) ، وتتابع ثمانية من أمراء الجند سميت عادة الغزوات بأسمائهم ، هم ( عبد الله بن أبي سرح 27 للهجرة ، معاوية بن حديج 45 للهجرة ، عقبة بن نافع على فترتين 50 هجرية و62 هجرية ، أبا المهاجر دينار ، 55 هجرية ، زهير بن قيس البلوي 69 للهجرة ، حسان بن النعمان 74 للهجرة ، موسى بن نصير 85 للهجرة

وتراجع العرب خمس مرات مندحرين ، بعد مقتل عقبة ، حيث فروا من القيروان باتجاه أنطابلس بليبيا ، وبعد مقتل زهير بن قيس البلوي على يد البزنطيين ، وكذا انهزام حسان بن النعمان الذي لا حقته تيهيا حتى حدود إفريقية الشرقية.

وحتى القادة الأمازيغ الذين كانوا طلائع الجيوش (الفاتحة ) سرعان ما نكلوا بهم وشردوهم وقتلوهم ولعل نهاية طارق ابن زياد فاتح الأندلس المأساوية خير دليل على العنصرية العربية الأموية :

حقد عليه موسى بن نصير، حيث احتل طارق الواجهة، بينما هو الحامل لقب فاتح إفريقيا بقي في الخلفية. غضب موسى بن نصير من طارق، وسجنه وهمّ بقتله، لولا شفاعة مغيث الرومي، مولى الخليفة . دخل طارق بن زياد القصر بدمشق ولم يخرج. لا أحد يعرف عنه شيئاً، ربما قتل ورمي للضباع التي كان يربيها الخليفة سليمان بن عبد الملك في السراديب. يقول بعض المؤرخين إنه مات شحاذاً في شوارع دمشق وأمام المسجد الأموي، بعد أن نزعت عنه كل سبل العيش،

ويعتبراستقبال قبيلة أوربة للمولى إدريس الأول الفار من وقعة فخ، والملتجيء إليهم ، واحتضانه ومناصرته من طرفها ومن طرف القبائل الأمازيغية ، أكبر دليل على تعامل الأمازيغ مع العرب: أغاراس أغاراس ، فقد تصدوا للعرب الغزاة ، وقاوموهم مقاومة شرسة، رغم كثرة الجيوش والعتاد، واستقبلوا المولى إدريس الأعزل استقبالا رفعه إلى سدة الحكم .

وما زالت الحرب القذرة مستمرة ، والمتمثلة في التعريب ، ونعث كل ما يؤصل للأمازيغ من تاريخ وثقافة وتقاليد بالكفر والوثنية ،والوقوف ضد الأمازيغية بكل أصناف الأسلحة الإيدلوجية ،وفلكلورة الثقافة الأمازيغية ، واستبدال  أسماء الأماكن والشوارع والزقاق والمؤسسات بأسماء عربية وشخصيات عربية ، حتى التي لا قيمة لها أدبيا أو سياسيا كما فعل في عهد حكومة الإخوان بتسمية شوارع وزقاق الرباط بأسماء أشخاص من  الإخوان المسلمين  الأحياء من الحزب الحاكم ومن بعض عرب الخليج .

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى