الثقافة

الأمازيغية بين الإحياء والعرقلة

تتميز اللغة الأمازيغية عن عدد كبير من اللغات بصمودها الأسطوري أمام لغات وثقافات كثيرة متعددة، وكلها لغات وثقافات الغزاة والمستعمرين، ذوي قوة ونفوذ.

واستطاعت أن تعيش آلاف السنين شفويا بين لغات وثقافات مكتوبة، حاول أهلها أن يفرضوها على الأمازيغ، ويميتوا الأمازيغية، لكنها التصقت بأرض تمزغا كما صخورها، في حين بادت تلك اللغات والثقافات، وقد تفوق فيها الأمازيغ كلها، ونبغوا فيها، وألفوا فيها، ومنها ما صار مرجعا هاما في تلك اللغات والثقافات مثل أوغوستين…….

نشيد بنضال الأشخاص والجمعيات الأمازيغية التي رفعت راية الأمازيغية مطالبة بتمتيع اللغة الأمازيغية بكل حقوقها اللغوية والثقافية والحقوقية، سواء قبل أو بعد ميثاق أكادير الذي كان فعلا شرارة الانطلاق الجماعي لإخراج الحقوق الأمازيغية من كهوف الظلامية ،وكان لها النصر…..

بعد خطاب أجدير التاريخي، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية كلغة رسمية ،وبعد الشروع المحتشم  في تدريس الأمازيغية، أصبح  تجسيد هذه الحقوق المكتسبة على ارض الواقع فرض عين على كل أمازيغية وأمازيغي ،كل من موقعه، بكل جرأة وإخلاص واستماتة بعيدا عن التعصب الأعمى والفوضى، واختلاق معارك جانبية تضر أكثر مما تنفع، معركتنا اليوم معركة البناء والتطوير، ما يتطلب منا :

– إعادة النظر في الأساليب المتبعة حاليا وتصحيحها حفاظا على المجهودات، واغتناما للوقت.

– تجنب خلق صراعات جانبية عقيمة، وخلق اعداء مجانا، 

– اعتبار الجميع مع تطوير الأمازيغية حتى يظهر العكس

– ضرورة إقبال الجمعيات الأمازيغية النشيطة على الجانب الحقوقي واللغوي والتاريخي في أنشطتها بكثافة.

– التصدي لمقاومي اللغة الأمازيغية بالعقلانية بعيدا عن الانفعالات.

-احترام اللغات الأخرى، لأن الذي يحمي عينيه لا يفقأ عيون غيره.

– الابتعاد عن المس بالإسلام، وبكل الديانات، تجنبا لخلق صراعات دونكيشوتية

– تكثيف الكتابة بحرف تيفيناغ،

– التجنيد لتدريس الأمازيغية  والعمل على ذلك

وفيما يخص عرقلة تدريس الأمازيغية واحتضانها من الجميع  في رأيي المتواضع، وكمناضل أمازيغي  في الساحة الثقافية والحقوقية والإعلامية، منذ التسعينات فذلك يعود إلى الأسلوب الذي تقدم به القضية للرأي العام والخاص، والصورة التي ترى بها.

فأمام تشوق الناطقين بالأمازيغية إلى عناق الأمازيغية واحتضانها بحرارة، يصدمون برصيد لغوي جديد وغريب، لا يعرفونه، ولا يفهمون معناه، رصيد ابتدع من داخل صالات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، نحن لا ننقص من كفآت من فيه، ولا نشك في إخلاصهم في خدمة الثقافة الأمازيغية، ولكن هذه هي الحقيقة.

في الأمم السابقة والحالية ،عندما يتعلق الأمر بالبحث عن أسماء الأشياء، او معانيها ،يتناقلون بين النواحي والجهات، يتسلقون الجبال، ويهيمون في الصحاري، ويطوفون بالقبائل بحثا  عن حقيقة الأشياء وماهيتها.

– ماذا أفهم إذا قيل لي : illa guik anfafad

Tlla tasrka ĝhtmazirte ola abyyur

Zrigh asegri i tafekka no

Ordari affal

Ikchem s tayazamt en temhal

Tlite gh amija

Ikhssak  aray

هذه الأسماء لا تقترب  لا من تمازيغت ولا من تاريفيت ولا  من تاشلحيت ،وتفتقر إلى النكهةالأمازيغية   وقس على ذلك كل الميادين، لو حذفت أسماء المؤسسات العمومية المكتوبة بالعربية والفرنسية وبقيت الأسماء المكتوبة بتيفيناغ، لما عرفت ماهي إذا كنت تعرف تيفيناغ أما إذا لم تتعلمها فستبدو لك رموزا ليس إلا…. التعريب أرحم من هذا التغريب والتعجيز،.!!! هل نريد تطوير لغة، ام اختراع لغة؟! الإنسان بطبعه ضد ما يجهل.

أما الصورة التي خلقها بعض الأمازيغ بانفعالهم ،وبمعالجتهم للقضية بالعاطفة :  فهي جماعة من الناس، متعصبة، ضد الإسلام، وضد العربية والعرب، بل هناك من يدعو إلى طرد العرب ، وهناك من يخون من يدعو إلى التعقل! هذه الصورة المزعجة جعلت كثيرا من الفعاليات لا تستطيع مناصرة اللغة الأمازيغية في الحكومة والبرلمان واللجان وغيرها من الميادين، لأنه سيرد عليها بأنها تشجع التعصب ومعاداة العروبة والإسلام ….

إن الأمازيغية موجودة، وحية منذ آلاف السنين، لا تحتاج إلى من يحييها، بل إلى من يرعاها، لا تشكو ضعفا، فالضعاف هم بنوها، ما بين مستلب، او ناكر، أو جاهل.

لا تخيفها عنتريات الجاحدين، ولا حقد المتعصبين، ولا يتطلب ازدهارها، إماتة لغات أخرى، ولا معادة أحد، فردا كان أو جماعة;لسنا بحاجة إلى خلق لغة أخرى، غريبة عن الهوية وألسنة الأمازيغ نساء، ورجالا

يكفينا أن نقبل بجد على استخراج كنوزها التي دفنتها سنوات الإهمال، وعدم الاهتمام، وأن ننبش عن جواهرها المبثوثة في عادات وتقاليد قبائل تمازغا،التمسوا مفرداتها وجملها ونصوصها في قمم الجبال، وبين أشجار وخيرات الوديان، ثنايا رمال صحاريها. وبين ازهار سهولها، وخرير مياه سواقيها ووديانهاالتمسوها في شذى ألحان أحواش وأحيدوس، وفي نغمات أغاني الرعاة، وصدى زغاريد بنات تمازغا الصافية الشذية.

ابحثوا عنها في قصائد الشعر والنظم المتوارث جيلا عن جيل، نقبوا عنها في ألعاب الصغار، وابتسامات فكاهة بيلماون ،وقفزات اراو نسيدي أحمد أموسى،وهدير الهداوة.

ابتعدوا عن جدران المعهد، ورتابة المكاتب، وسيحوا في أرجاء تمازغا بحثا عن جواهر العقد الذي مزقته الأزمنة، وتوالي الغزو، وقهر الاستعمار ،و محاولة هيمنة ثقافة الغزاة.

  • بقلم مولاي عبد السلام صرصاري
  • أستاذ متقاعد – ورزازات
  • رئيس الجمعية الثقافية إزوران  بورزا زات   سابقا
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى