الأطفال في وضعية الشارع..بين التخلي المجتمعي ومساءلة الضمير الإنساني
- فاطمة عريف* //
ما يحز في النفس عند الحديث عن الأطفال في وضعية الشارع، هو نبرة التخلي واللامبالاة التي أصبحت تطبع سلوكنا تجاههم.. فقد أصبح وجودهم بيننا مشهدا مألوفا لا يحرك فينا ساكنا.. كأنهم أشباح أو كائنات غير بشرية لا تنتمي إلى مجتمعنا…
أطفال لا يتجاوز سنهم أحيانا السبع وثمان سنوات (ذكور وإناث) يهيمون بيننا في الشوارع، في مشهد يفضح لامبالاتنا وعجزنا عن إيجاد حلول لهذه الفئة من المجتمع، رغم كونهم أطفالا ولا يجب تحميلهم مسؤولية الأوضاع التي يعيشونها…
فحقوق الطفل تسائل الضمير الإنساني في العالم أجمع، ليس لكونه إنسانا بالدرجة الأولى كغيره من الفئات العمرية له حقوق، بل لكونه يقع في فئة عمرية يحتاج للعناية والرعاية وضمان كافة حقوقه وحمايته من كل أشكال العنف والاستغلال.
وهنا، لابد من التنبيه إلى أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعتبر أن الأطفال الذين يعيشون في الشوارع أو الأماكن العامة، يتمتعون بجميع الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها.. لكن من بيده سلطة القرار لتنزيل هذه الحقوق على أرض الواقع إن كانت الجهات الوصية عاجزة عن وضع حد للظاهرة؟ بل هناك من المسؤولين من يعتبر أنه لا يوجد حل لهذه الفئة من المجتمع.. وهو أمر مؤسف ومؤلم للغاية!
أما نحن من موقعنا كمدافعين عن حقوق الطفل، فلا نملك أية سلطة تخول لنا التدخل إلا في الحدود التي يتيحها لنا القانون، وهي حدود لا تكفي لمجابهة ظاهرة مستشرية بشكل كبير في مجتمعنا، فلا تكاد تخلو أية مدينة مغربية من الأطفال في وضعية الشارع، خصوصا المدن الكبرى… ووراء هذه الوضعية تتخفى الكثير من المآسي التي يعيشها هؤلاء الأطفال ليل نهار.. من استغلال جنسي وامتهان لكرامتهم عبر استغلالهم في السرقة، ناهيك عن العنف اليومي الذي يتعرضون له، وكونهم عرضة لكافة أنواع الأمراض…
لقد آن الأوان للتركيز على الأسباب الجذرية والعوامل الاجتماعية التي تدفع الأطفال إلى العيش في الشوارع، وعلى الظروف اليومية التي يجابهها الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، عبر وضع استراتيجيات للوقاية، وذلك يتطلب من كافة المتدخلين التحلي بالشجاعة اللازمة لوضع هذه الظاهرة ضمن أولوياتهم، وليس الاكتفاء بالحلول الترقيعية التي لم تثمر لحد الآن أية نتيجة تذكر…
ويتوجب على جميع الجهات المعنية، مؤسسات وجمعيات، إجراء دراسات تتناول التحديات والدروس المستفادة باتباع نهج شمولي مراع لحقوق الطفل قصد حماية وتعزيز حقوق الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، بما في ذلك الدراسات المتعلقة بجمع البيانات وملء الاستمارات، وذلك قصد الوصول إلى آليات من شأنها تحديد وإيجاد الحلول الكفيلة بضمان حماية حقوق هؤلاء الأطفال في وضعية الشارع…
- * فاطمة عريف: رئيسة جمعية صوت الطفل أكادير
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News