المجتمع

اضطرابات جوية غير معتادة تضرب عدة مناطق مغربية في عز الصيف

شهدت عدد من المناطق المغربية، يوم أمس، اضطرابات جوية قوية تمثلت في تساقطات رعدية غزيرة مصحوبة بسيول مفاجئة، في مشهد غير معتاد خلال فصل الصيف المعروف عادة بارتفاع درجات الحرارة وصفاء الأجواء.

هذه الظواهر الجوية المفاجئة أثارت تساؤلات واسعة في صفوف المواطنين حول أسبابها وسياقها المناخي، خصوصاً أنها تزامنت مع موجات حر شديدة تشهدها عدة أقاليم داخلية وساحلية.

ويعزو خبراء المناخ هذه الأحداث إلى ما يُعرف بـ”التراكم الحراري” الذي أصبحت تعيشه منطقة شمال إفريقيا بصفة عامة، نتيجة تحولات مناخية تدريجية بدأت تظهر بوضوح منذ سنة 2010، ضمن ما يُوصف بـ”نظام مناخي جديد”. هذا النظام يتسم بخلل في التوازن الطاقي، حيث باتت الأرض تستقبل كميات من الطاقة الشمسية أكبر مما يمكنها عكسه نحو الفضاء، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ”الفائض الطاقي”.

وتُعد هذه الزيادة في الفائض الطاقي سبباً مباشراً في تفاقم موجات الحر الحادة، خصوصاً في البلدان المجاورة للصحراء الكبرى، التي تشكّل وسطاً جافاً يُراكم الإشعاع الشمسي بدلاً من تبديده، عكس ما يحدث في المناطق ذات الرطوبة العالية.

كما تلعب التضاريس المغربية، لا سيما الجبلية منها، دوراً حاسماً في تشكّل هذه الظواهر الجوية، إذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تسريع عملية التبخر، مما يرفع من نسبة بخار الماء في الجو. وعند دفع هذه الكتل الهوائية الرطبة إلى الأعلى عبر المرتفعات، يحدث تكاثف سريع ينتج عنه تساقطات رعدية قوية، قد تكون مصحوبة بالبرد والسيول.

ولا تقتصر هذه التقلبات المناخية على المناطق الجبلية فقط، بل قد تمتد إلى مناطق واسعة من البلاد، خاصة عندما تتداخل الكتل الهوائية المحلية مع موجات حر قادمة من الشرق أو الجنوب.

وتؤكد هذه الظواهر أن ما يعيشه المغرب اليوم ليس مجرد حالة طارئة أو ظرفية حرارية عابرة، بل هو انعكاس مباشر لتحولات مناخية أعمق باتت تفرض نفسها على المنطقة، وتدعو إلى إعادة النظر في أساليب التكيف وفهم سلوك المناخ المحلي والإقليمي.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى