الثقافة

إنزكان : متى ستكون التجارة في خدمة الثقافة؟

  • الحسين بويعقوبي //

خلال لقاء تقديم وتوقيع النص السردي “كيل كبد” للأستاذ أحمد إدوخراز، من تنظيم مركز وادي سوس، حضر الكبير والصغير، الرجل والمرأة، الطبيب والمحامي، الأستاذ والطالب، كما حضر المتقاعد أو من يمتهن مهنة حرة، لكن الجميع أصر على الحضور لأن له ارتباط بإنزكان، ويحمل همها، خاصة الثقافي.

لم يكن ذلك غريبا، لأن المحتفى به هو الأستاذ أحمد إدوخراز، الأستاذ والمربي والمثقف والجمعوي وصاحب تجربة سياسية في تدبير الشأن المحلي بالمدينة، ولأن الكتاب نص سردي غني عن المؤلف ومدينته، عن تحولات مدينة فقدت غطاءها النباتي أمام زحف الإسمنت، وتسير لتفقد هويتها الثقافية كما عبر عن ذلك الكاتب، فقد كان الحضور بمثابة صرخة من أجل المدينة. مدينة صدرت بشأنها مؤلفات، ولها حضور في كتابات هامة : دراسات علمية، ونصوص أدبية، كما عرفت ميلاد نخبة مثقفة متميزة من كتاب وباحثين جامعيين،… ينشطون بعيدا عنها، لكن مع ذلك لم تنجح هذه المدينة بعد في أن تجعل من الثقافة إحدى أولوياتها أمام غلبة التفكير في الأسواق التجارية والبحث عن المرابد.

لقد كان قدر مدينة إنزكان أن تولد بفضل “طلاطا واكسيمن”(ثلاثاء كسيمة)، حيث تلتقي القبائل المجاورة للتسوق، وظل مصيرها مرتبطا بالتسوق، والإتجار، إلى أن أصبحت اليوم مدينة وسط سوق كبير. لكن هذا البعد التجاري للمدينة لم يمنع تاريخيا من تميز إنزكان ثقافيا. فقد عرفت ظهور وتطور أنماط ثقافية متعددة، يغلب عليها الطابع الشعبي أكيد، لكنها تحقق نوعا من التوازن : اسمكان، ايعيساوين، الحلقة، بيلماون، أدوال ن طلبا، زوايا، موسم سيدي الحاج مبارك…، كما نجحت في إنتاج أنماط جديدة ابتداء من سنوات السبعينيات : مسرح تيفاوين، المجموعات الغنائية، أنشطة دار الشباب، سينما كوليزي، نادي سينمائي،…ثم مؤخرا السينما الأمازيغية والشعراء والروائيين.

إن الحضور العددي والنوعي للقاء تقديم كتاب “كيد كبد”، دليل على أن شمعة الثقافة في إنزكان لم تنطفىء بعد، وأن الرماد الموجود لازال يخفي جمرة يمكن أن تشتعل من جديد لتضيء المدينة، ربما تنتظر فقط من يحركها بأنشطة نوعية. وقد يكون توحيد جهود مثقفي المدينة أول ما يجب التفكير فيه. أما الأستاذ أحمد إدوخراز فقد نجح بكتابه “كيل كبد” في أن يقدم لمدينته ما لم يستطع تقديمه وهو في مسؤولية تدبير الشأن العام، على حد تعبيره. فمتى ستكون التجارة في خدمة الثقافة؟

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى