إنتظارات الساكنة من الإحصاء العام للسكان لسنة 2024 بسوس
- بقلم: امحمد القاضي * //
يعتبر الإحصاء العام للسكان المقام كل 10 سنوات، والمرتقب إجراؤه على عموم تراب المملكة شهر شتنبر المقبل تحث إشراف المندوبية السامية للتخطيط، السابع منذ إستقلال المغرب، أحد أهم المحطات المباشرة في جمع، تفريغ وتحليل المعطيات حول الأسر المغربية بناءا على إستمارات يتم تحديد محاورها وأسئلتها سلفا وبعناية حسب الحاجيات من طرف مختصين في الميدان، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وعموما، التدبير الجيد للإحصاء ينسجم مع توصيات الأمم المتحدة في مجال الإحصائيات.
يتميز إحصاء السكان لهذه السنة بإستعمال التقنيات الرقمية في إنتقاء وتعبئة وتكوين 55 ألف باحث سيجوبون ربوع المملكة بمداشرها النائية، وإطلاق منصات الإحصاء لولوج البوابة والموقع الإليكتروني المخصص لهذا الغرض، وإعتماد لوحات إلكترونية لجمع البيانات بشكل سريع، وتقنيات أكثر دقة، وتوسيع إستبيان الإحصاء وإدراج موضوعات جديدة حول الظروف المعيشية للسكان. ويشكل بذلك إحصاء شهر ستنبر قطيعة مع الإحصاءات السابقة بفضل رقمنة العملية برمتها.
العملية تذهب أبعد من مجرد إحصاء تعداد السكان فحسب، بل يتم بموجبها تجميع وتحليل ونشر المعطيات المتوفرة، من أجل توظيفها لخدمة المجتمع بكل مكوناته وتحديد حجم المشكلات الإقتصادية والتحديات التي تواجهها المملكة، والمعرفة الدقيقة لمختلف الخصائص الديموغرافية والسوسيو-إقتصادية، وفهم تركيبة وحركة وتطور الساكنة، مع تحديد المصادر المتوفرة وطنيا وإقليميا لحل هذه المشاكل بكل مناطق الوطن.
عرفت بوادي سوس بعد توالي سنوات الجفاف خلال العقد الأخير تأخر في منسوب التنمية وتراجع في مستوى عيش الساكنة، وتدني الحركة الإقتصادية بالمنطقة وتكالب عوامل أخرى تسببت في هجرة قصرية للساكنة نحو المدن لضمان مستقبل أفضل للأسر، مما أثر سلبا على جودة العيش بمداشر جبال الأطلس الصغير. ومن المرتقب أن تترجم معطيات الإحصاء الحالة المعيشية المتدهورة ومعانات الساكنة، وتقيم البيانات المرصدة لدى الأسر من طرف باحثين نزهاء ومشرفين ناطقين بالأمازيغية لتواصل أفضل وفهم مدى تأثر الساكنة من مخلفات التهميش، وخاصة النساء المقيمات بشكل دائم بالمداشر.
عادة ما يشمل الاستبيان أسئلة حول عدد أفراد الأسر، والمعيل لها، ومعدل الدخل، نسبة التمدرس والأمية، ودوي الإحتياجات الخاصة، والولوج للخدمات الصحية، وتوفر الحاجيات الضرورية والكماليات ومصادر وظروف العيش ودخل الأسر والأنشطة اليومية للساكنة، وأسئلة أخرى حول التعليم وإكتساب لغات ومهارات فردية أخرى، وأسئلة أخرى تحددها الأهداف الإحصائية.
كما أن الآليات والمنهجية المتقدمة توفر مجموعة واسعة من المؤشرات تضمن جودة وشمولية المعطيات التي ستعتمدها المندوبية في إصدار إحصائيات لتقييم مدى تقدم المملكة في المجالات الديموغرافية والإقتصادية والبيئية على مختلف المستويات.
في إطلالة على أسئلة الإستبيان والأجوبة الواقعية المرتقبة والمنسجمة مع الواقع المرير المعاش ببوادي أعالي سوس، يتبين أن المنطقة ستحمل مؤشرات تستدعي من الجهات الوصية التدخل العاجل لإنقاذ الساكنة من الموت البطيئ. وللغرابة مثلا، أن جماعة أيت عبد الله بإقليم تارودانت، تم إقصاؤها من الإستفادة من الدعم الأفقي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال العقود الماضية بحجة إرتفاع مؤشرات المعيشة بالمنطقة.
حجة غير مفهومة حرمت الجماعة والساكنة من مداخيل مادية مهمة كانت ستستتمر في تأهيل البنية التحتية للمركز ودعم المشاريع التنموية بالدواوير وتقليص نسبة الهشاشة وإخراجها من العزلة والفقر.
إنتظارات الساكنة بالقرى النائية من نتائج الإحصاء توفير معطيات دقيقة لربط الحاجة بالموارد المادية وتحسين ظروف العيش والتغيير نحو الأفضل من خلال إبتكار حلول ملائمة للمحافظة على الموارد البيئية والطبيعية بالجبال والمساهمة في الإستقرار الأسري بالقرى وإيجاد حلول ناجعة لتحريك العجلة الإقتصادية للنهوض بالتنمية المستدامة بالبوادي.
الساكنة بالمغرب العميق لا تنظر للإحصاء العام كعملية عشرية روتينية يمليها واجب تحيين المعطيات الرسمية للدولة حول السكان والسكنى. بل ترى في الإحصاء مناسبة لتجديد متطلباتها وإنتظاراتها للجهات الوصية، وتتطلع لبناء جسور الثقة بين المؤسسات الرسمية ومجتمعاتها، وتنتظر إستثمار نتائج حملات الإحصاء الرسمية الرقمية في التسريع بتطبيق إصلاحات ميدانية بتجويد العيش الكريم وإعادة الحياة للأطراف والهوامش المنسية بالوطن الحبيب.
موعدنا ما وراء 2024، علما أن إستصدار الإحصائيات يتطلب وقت لإستخراج الدراسات الميدانية، فأنتظروا وإنا معكم لمن المنتظرين.
- * رئيس جمعية تيويزي للتنمية الإجتماعية لأيت عبد الله
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News