
إلى السيّد بنكيران السوسيّات ينتظرن وصول قطار التنمية وليس قطار الزّواج
- يوسف غريب //
ليس سرّا أن يكون القاسم المشترك بين أغلبية زعماء الأحزاب المغربية خلال زيارتهم لمنطقة سوس دغدغة شعورنا العاطفي ذات الصلة بسلوكنا الجماعي وأصحاب النية والثقة عند المعاملة والجدية في العمل..
دون أن نسمع ولا مرة واحدة هذا التركيز على الخصوصية الإثنية على مستوى القيم والسلوك في مناطق جهوية أخرى.. حتّى تحوّل هذا الخطاب الإنفعالى إلى حاجز نفسيّ أخلاقي ( بصيغة حشوما) لدى ساكنة سوس عموما أمام المطالبة بالمزيد من التنمية والعدالة المجاليّة مقارنة مع حواضر وجهات المملكة بشكل عام..
ولم يبدأ هذا الخطاب / المسكّن اليوم فقد يعود بنا التاريخ إلى بداية الإستقلال حين خاطب زعيم حزب وطني اهل سوس بهذه الجملة ( يا أهل سوس عليكم بالتجارة وحرث الأرض.. واتركوا الخلف وراءكم).
في ذاك الوقت كانوا يرسلون أولادهم إلى المدارس والمعاهد الأجنبية..
هي نفسها اليوم وبعد أكثر من ستّين من الإستقلال يعاد نفس الطلب لأحفاد اهل سوس وبصيغة أكثر بشاعة وتحقيراً وإهانة من طرف زعيم حزب سياسي ومن داخل مدينة أكادير يخرج علينا السيد عبد الله بينكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية آواخر الاسبوع الماضي يطالبنا بالتراجع الكلي عن إرسال الفتاة السوسية إلى المدرسة..
وحجزها داخل المنزل في انتظار أن يصل قطار الزواج لإعادة انتاج والدتها أوجدّتها التي لا تحتاج فيه إلى شواهد جامعية كما يدّعى السيد بنكيران..
هذا هو المسكوت عنه في هذه الفتوى البنكيرانية الخاصة بسوس فقط.. نعم بسوس فقط.. ولن يجرأ احد لا بنكيران أو غيره ان يتفوّه بهذا الكلام في عموم جهات المملكة.. لأننا أصحاب نية وصبّارين ووووو
والآخطر من كل هذا هو ان أضعف نسبة التحاق الفتاة بالمدرسة تقع بسوس.. لا لأننا محافظين كما يروج البعض بل لأن قطار التنمية وصلنا متأخراً وما زال..
وبلسان السيد بنكيران نفسه قال بأنه يعرف مناطق بسوس تعيش مرحلة ما قبل التاريخ.. وعوض ان يطالب ويرافع كحزب سياسي معارض بالمزيد من البنيات والمؤسسات التعليمية مع إجبارية تعليم الفتاة للخروج إلى التاريخ ومن جغرافية البؤس. يطالبنا اليوم بالتراجع حتّى عن هذه النسبة الضعيفة على مستوى التعليم والتعلم بالمنطقة بحجة ان مؤسسة الزواج أولى منها وبصيغة تحقيرية للفتاة السوسية ( قرقب عليه..) قبل أن تجدي نفسك مثل ( برادج)
وبالمناسبة وكما يعرف الجميع فالزواج قسمة ونصيب وبالنص القرانى وبإجماع فقهاء الحديث.. ويكفى لنا جميعا التأمل العرفاني في قوله تعالى :
(… وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) صدق الله العظيم
ونحن بهذا المعنى القدري لسنا أمام عملية تجارية ميكانية محضة ( نقربوا فيه) على همزة ربحية بل حظ ونصيب نسعى جميعا إلى تحقيقه وقف اختيارات تحت قاعدة الودّ والرحمة كما في الآية ( وجعلنا بينكم مودة ورحمة) .. وكلمّا كان الإنسان المسلم متعلما أكثر كان أكثر فهما واستيعاباً لروح والفلسفة المؤطرة للزواج والعكس هو مايطالب به اليوم السيد بنكيران الفتاة السوسية..
يطالبها أن تكون جاهلة وأميّة وبدون شواهد جامعية حتى تتجنبي وضعية ( برادج)..
هي الهدية البنكيرانية والتي جعلتنا نقف حائرين في تصنيفها بين الفتوى الفقهية وبين البرنامج الانتخابي..
و للتوضيح.. وبدون خلط الأوراق والتطاول على اختصاص مؤسسات ذات الإختصاص فالأستاذ عبد الله بنكيران كرجل دولة سابق والأمين العام الحالي لحزب سياسي مغربي معارض كنا ننتظر منه بسوس ان يترافع من أجل وصول القطار السريع مراكش أكادير بعد وعود سابقة لهذه الحكومة التي واجهناها في حينه بأكثر من ثلاث مقالات في موضوع إقصاء سوس الوحيدة من كعكعة المونديال
هذا هو أفق انتظارتنا الذي خاب حتى في الحزب المعارض الشزس لهذه الحكومة المتوحشة كما تصفها.. عوض أن تصغّر حق السوسيّات في التعلم المتأخر تأخر جهة سوس نفسها كما في تقرير للمندوبية السامية للتخطيط وبالرتبة ماقبل الأخيرة تقريبا.. لتطالبنا في خضم هذا الواقع بالمزيد من التأخر والفقر التنموي لأننا أناس طيبين وجديين (واغراس واغراس)
نعم ان يفوتنا قطار الزواج فهو قسمة ونصيب وقدر مكتوب فوق القرار البشري أيّاً كان..
لكن ان يفوتنا قطار مراكش أكادير فهو قرار بشري سياسي مشترك بين الحكومة وحتى المعارضة.. وضياع فرصة عمر لمنطقة سوس وساكنة ما بعد السكة الحديدية
فرصة التنمية الشاملة بفك العزلة وتحريك الإقتصاد، لاسيما في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
كما سيشكل رافعة لخلق العديد من فرص الشغل احد المداخل الأساسية لمحاربة العنوسة وتحقيق مطلب السيد بنكيران وبالشواهد الجامعية أيضاً..
وعليه أدعو السيد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية التأمل في هذه الواقعة :
يقال ومن مصادر موثوقة أن المغفور له الحسن الثاني، وفي خضم الاستعداد لإطلاق فكرة المسيرة الخضراء، قام بزيارة خاصة للعلامة الفقيه الحاج الحبيب التنالتي السوسي قصد الاستبراك به
نتج عن هذا اللقاء ان استفسر الملك الراحل فقيهنا عن حاجياته، فلم يكن الطلب إلا تعبيد الطريق إلى المدرسة، إحدى المنارات العلمية في قضايا الشرع والفقه وعلوم القران…
هي واقعة ببرنامج بسيط، لكنه جلب المنفعة للمنطقة ذاك الوقت..
هم فقاؤنا بوصلة ديننا ودنيانا..
نقطة
يوسف غريب كاتب صحفي

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News