الثقافة

إسني وورغ : مهرجان ولد مقاوما…ولازال

بوصول مهرجان إسني وورغ الدولي للسينما الأمازيغية دورته الرابعة عشر (دجنبر 2023)، يكون قد رسخ اسمه موعدا سنويا قارا في الأجندة الثقافية لمدينة أكادير وجهة سوس ماسة، بل وموعدا منتظرا لكل المهتمين بالسينما الأمازيغية على الصعيد الدولي.

لم تكن فكرة هذا المهرجان في بداية القرن الواحد والعشرين إلا حلما حمله شباب المنطقة من خريجي جامعة إبن زهر، سعوا من خلال إرهاصاته الأولية لدمقرطة الوصول للثقافة السينمائية، وهو ما جعلهم في بادىء الأمر ينظمون قافلة سينمائية لعدد من دوواوير جهة سوس ماسة، قبل أن يستقر الرأي على تأسيس مهرجان دولي للسينما الأمازيغية، بعد أكثر من عقد على ظهور أول فيلم أمازيغي مغربي. وبذلك فلا يمكن فصل ميلاد هذا المهرجان عن النضال العام من أجل الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، في شقه السينمائي حين أحس ممتهني السينما الأمازيغية بإقصائهم من المهرجانات الوطنية، وعدم الاعتراف بإنتاجهم ضمن السينما المغربية.

كان “إسني وورغ” بالفعل لحظة ثقافية بامتياز، ولكن في الوقت نفسه كان صرخة ضد الإقصاء، ومن أجل إنصاف الإنتاج الفيلمي الأمازيغي، ومن أجل حقه في المال العام لتطوير مستواه ومستوى العاملين فيه. ومنذئذ، أعلن المهرجان هويته النضالية، وفي كل دورة يذكر المنظمون بضعف الدعم المقدم للمهرجان رغم صيته العالمي.

وقد نجح في “انتزاع” اتفاقية شراكة مع جماعة أكادير، سمحت له بتغطية جزء من مصاريف كل دورة، كما كان للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية دور في استمرار المهرجان، إلى جانب بعض المدعمين الخواص، غير المضمونين في كل سنة. ولا تخل كل دورة من إشكالات مرتبطة أساسا بغياب الدعم الكافي، وهو ما جاء في الكلمة الافتتاحية للمدير الفني للمهرجان في دورته الرابعة عشرة، كما عبر آخرون عن استيائهم من هذه الوضعية التي لا تنتهي .

لقد أخد مهرجان إسني وورغ من عمر منظميه خمسة عشر سنة من العمل الدؤوب، بتفان وإخلاص، عرضوا خلالها المئات من الأفلام، ووزعوا العشرات من الجوائز، وتضامنوا مع العشرات من الفنانين المحتاجين، وكونوا العشرات من الشباب في الميدان السينمائي،… لكن كما بدأ المهرجان مقاوما، وولد من رحم النضال، لازال يقاوم من أجل الاستمرار…فهل هي “لعنة الميلاد”.

ولذلك نهمس في آذان المجالس المنتخبة، والوزارة الوصية، وكل المؤسسات المعنية بالسينما في بلدنا، وكذا في أذن القطاع الخاص ورجال الأعمال بالجهة، لنقول لهم “ألا تكفي أربعة عشر دورة من مهرجان يعلي من ثقافة جهتنا ووطننا، لكي يتوفر على ميزانية كافية و قارة تضمن له الاستمرار في دعم العمل السينمائي المغربي الناطق بالأمازيغية؟ ثم ألا يكفي الاعتراف الدستوري بالأمازيغية “لغة رسمية” للبلد لكي ينتقل هذا المهرجان من مرحلة “استجداء” الدعم إلى مرحلة الشراكات مع المؤسسات خدمة للسينما والسينمائيين بالجهة؟

ما عدا ذلك، فقد يصبح مهرجان إسني وورغ ذكرى جميلة يتذكرها من عاش التجربة بكثير من النوستالجيا والأسى.

  • بقلم د.الحسين بويعقوبي
  • صور مختار مجيد
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى