الرأيالعالم اليوم

إسرائيل على حافة الخطر الوجودي..

  • بقلم: محمد زرود//

ما تتعرض له إسرائيل اليوم ليس مجرد أزمة أمنية، بل اهتزاز غير مسبوق في بنيتها النفسية والاستراتيجية. وما تفعله في المقابل ليس مجرد دفاع عن النفس، بل اندفاع هستيري يحاول منع انكشاف الحقيقة المرعبة: للمرة الأولى، تبدو فكرة الهزيمة ممكنة.

منذ السابع من أكتوبر، تغيّر كل شيء. لم يعد ما كان مستحيلاً بالأمس كذلك اليوم. الصواريخ تنهال على قلب إسرائيل، الطائرات المسيّرة تتجاوز خطوط الدفاع، والمقاومة، رغم الفارق الهائل في القدرات، ما زالت تصمد، وترد، وتُباغت.

قبل عامين فقط، لو قال لك أحدهم إن صواريخ باليستية ستُطلق على إسرائيل من اتجاهات عدة، لضحكت ساخراً. اليوم، تشاهد ذلك على الهواء مباشرة. لم يعد العدو مطمئناً إلى ردعه، ولا الناس يصدّقون أن إسرائيل عصية على الكسر.

التحوّل في ميزان الخوف هو جوهر المعركة. إسرائيل قامت وتضخّمت على أساس أنها الأقوى دائماً، وأن يدها هي العليا. لم تكن مستعدة، لا سياسياً ولا نفسياً، لاحتمال أول هزيمة. لذلك، حين جاءت 7 أكتوبر، ارتبك الغرب أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. تحركت واشنطن بسرعة، وأرسلت حاملات الطائرات، وفتحت كل مخازن السلاح، لا حباً في أحد، بل لأن بقاء “إسرائيل” شرط من شروط الهيمنة الغربية في المنطقة.

لكن السؤال الذي بات يطرح نفسه اليوم بقوة: ماذا لو خسرت إسرائيل فعلاً؟ وماذا إن جاء يوم الهزيمة الكبرى؟
كل دولة في المنطقة قد تخسر حرباً، وقد تنهض بعدها. لكن إسرائيل، كيان احتلال استيطاني، لا يملك عمقاً شعبياً حقيقياً ولا ذاكرة أرض، ولذلك فإن هزيمتها ليست مجرد تراجع، بل بداية النهاية.

الإيرانيون سيبقون في إيران، والسوريون في سوريا، واللبنانيون في وطنهم. لكن ماذا عن الإسرائيليين؟ إلى أين سيذهب من جاء من بولندا وأوكرانيا وأثيوبيا والمغرب وفرنسا ليستوطن أرضاً لا جذور له فيها؟

نتنياهو نفسه اختصر كل هذا عندما قال: “إيران نووية تعني أننا لم نعد موجودين”. تصريح ليس مبالغة بقدر ما هو تشخيص دقيق لوضع هشّ، قائم على دعم خارجي مطلق، وردع نووي، وتفوق عسكري لا يُسمح له بالاختلال.

ومع ذلك، فالدعم لا يصنع هيبة، والسلاح لا يحسم حرباً طويلة الأمد ضد أصحاب الأرض. إسرائيل اليوم تقاتل، حرفياً، على حافة الخطر الوجودي. تقاتل لتبقى. ولهذا، فإن أول هزيمة حقيقية قد لا تكون مجرّد هزيمة، بل زلزالاً يُغيّر وجه المنطقة إلى الأبد.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى